خطاب الإخوان من العشرينيات إلى الستينيات

خطاب الإخوان من العشرينيات إلى الستينيات


05/06/2022

حسام العادلي

لقى حسن البنا بادئ الأمر رعاية من المملكة المصرية وقتها، بتوجيه سياسى من الملك فؤاد الأول الذي كان يريد أن يواجه حزب الوفد- العلمانى- بالتيار الإسلامى السلفى، ولا ينتفى ذلك عن رغبته في اقتعاد أريكة الخلافة الإسلامية ونقلها من الأستانة إلى القاهرة، ومن بعد وفاته عام 1936 لم يخالفه ابنه فاروق في ذلك الاستغلال أيضًا، بل أصبح بشكل أوضح وأوسع وأكثر علانية، مما أعطى للجماعة مساحة ومكنة أن تتمدد وتنتشر وكادت أن تموت بعد قرار حلها في أعقاب اغتيال النقراشى باشا عام 1948، لينتهى الفاصل الأول من عمر الجماعة نهاية دراماتيكية عام 1954- ولن نعتبر أن قرار حل الجماعة في 1948 قاصمًا لها- في أعقاب محاولة اغتيال جمال عبدالناصر (رئيس مجلس الوزراء وقتها) في الإسكندرية على يد أحد شباب الجماعة يدعى محمود عبداللطيف، فيما عُرف «بحادثة المنشية»، ويبدأ بعدها تطور آخر نوعى للجماعة في مصر؛ معقل الإسلام السياسى ومستقبله، على يد سيد قطب المنظِّر الآخر بعد البنا، وقد اتجه مذهبه إلى دمغ المجتمع بالكفر، بدءًا من تكفير الدولة ممثلة في الحاكم والحكومة والجيش والشرطة وتعريفهم بالطواغيت وإدانة من يخدم فيهم ولو كان موظفًا بسيطًا، ومن ثم كانت تلك الفكرة هي السمة الأساسية التي تفرعت منها كل الحركات المتطرفة فيما بعد؛ الجهادية أو شبه الجهادية.

وفى أعقاب نكسة يونيو يمكننا القول بأن المشروع القومى المرتكز على فكرة العروبة قد تصدّع وتداعت دعائمه الفكرية، آخذا في طريقه الأفكار الاشتراكية الناصرية التي كان الرعيل الأول من الإرهابيين يزعمون أنها تقمع الفكر والتيار الإسلامى، مما أفسح بالتبعية مجال التأويل في هذا الاتجاه بمنطق العقاب الربانى وسيكولوجية التسامى بالإيمان، وهو ما يتسم به منظور الفكر الأحادى في تيار الإسلام السياسى؛ إذ ظهرت في أعقاب يونيو ١٩٦٧ حركات عديدة أبرزها حركتا التبليغ والدعوة، التكفير والهجرة. ولا يمكن قولبة مثل تلك الحركات في سياق واحد، فقد ظهر منها المعتدل والمتطرف والأكثر تطرفًا غير أنها في النهاية تخرج من عباءة التنقيب والتحوير في النصوص التراثية، وإعادة قراءتها وتأويلها بشكل مغرض وعدائى تجاه الدولة والمجتمع، مثلما كانت تفسر فيما قبل الحركات الوطنية الثائرة تجاه المحتل الغاصب لأرض الوطن. ومن ثم يبين؛ أن المستهدف من الخطاب المتطرف ليس فقط كسب عناصر جديدة تدين بالولاء أو الانتماء إلى التنظيم المتطرف، إنما العمل على تهيئة فكرية للرأى العام من خلال الخطاب المتطرف، وهنا يكمن دور مُدخلات الخطاب المتطرف إلى ذلك الجمهور وكيفية التأثير فيه. يمكننا القول بأن مدخلات الخطاب المتطرف إنما تتسلل إلى الجمهور عبر منافذ سياسية، وأخلاقية، ودينية.

عن "المصري اليوم"

الصفحة الرئيسية