حماس تركيّة في لبنان: خطر حقيقي أم زوبعة في فنجان؟

حماس تركيّة في لبنان: خطر حقيقي أم زوبعة في فنجان؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
30/12/2021

تبدي إسرائيل قلقها من تنامي نشاط حماس العسكري في لبنان، والذي تعدّه تهديداً جديداً من قبل حماس لها، حيث حصلت إسرائيل على معلومات مفادها أنّ حركة حماس أقامت بصورة سرّية ذراعاً عسكرية في لبنان، يتم دعمها بالصواريخ والأسلحة المختلفة من قبل الحرس الثوري الإيراني، عبر حزب الله، حيث تهدف حماس من إنشاء هذا الفرع فتح جبهة أخرى ضدّ إسرائيل في حال نشوب مواجهة عسكرية في غزة.

أوساط عسكرية إسرائيلية تقدّر بأنّ حماس تعتقد أنّ هذا الفرع العسكري الجديد، من شأنه أن يسمح بتشتيت انتباه إسرائيل أثناء الصراع مع غزة؛ لذلك قررت إنشاء القوة العسكرية الجديدة وتجنيد نشطاء فلسطينيين مرتبطين بها ويعيشون في لبنان، تحديداً في مدينة صور، ويقدر عددهم بالمئات، يعملون سرّاً تحت غطاء مدني.

اقرأ أيضاً: تحولات الموقف البريطاني بعد تصنيف حماس على قوائم الإرهاب

ونفّذ هذا التنظيم هجومه الأول على إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على غزة، في أيار (مايو) الماضي، والتي استمرت 11 على التوالي، حيث أطلقت العناصر الفلسطينية أربعة صواريخ على شمال إسرائيل من جنوب لبنان، ونسبت إسرائيل هذا القصف للفصائل الفلسطينية في جنوب لبنان.

حماس تركيا تدير الفرع

صحيفة "إيديعوت أحرونوت" العبرية، قالت إنّ "حركة حماس وجدت نفسها معزولة خلال جولات القتال السابقة مع إسرائيل دون أية مساعدة خارجية لها؛ لذلك شقّت الحركة الطريق لإقامة قوة عسكرية على أرض لبنان، لتكون جزءاً لا يتجزأ من التنظيم؛ حيث جاء قرار تشكيل الفرع بعد حرب الجرف الصامد، صيف 2014، ويعمل القيادي في حماس، صالح العاروري، المقيم في تركيا، مديراً لهذا المشروع".

وأوضحت الصحيفة؛ أنّ "الهيكل التنظيمي للفرع العسكري الجديد لحماس في لبنان هرمي ومنظم، ورغم اتصاله بحماس في غزة لكنّه يتلقى الأوامر من قيادة حماس في الخارج فقط، وتسعى الحركة لأن يمتلك الفرع الجديد في المستقبل وسائل أكثر تقدماً، مثل الطائرات بدون طيار، ولذلك يتمركز قلق إسرائيل الرئيس اليوم على إطلاق عدد كبير من الصواريخ من الفرع الشمالي خلال تصعيد عسكري في غزة، مما قد يتطلب رداً إسرائيلياً قوياً في لبنان وقد يجرّ حزب الله للمواجهة".

تمويل وتصنيع ذاتي

وأضافت أنّ "مهمة تطوير هذا الفرع من تدريبات عسكرية والتدريب على صناعة وإنتاج الصواريخ يتم من خلال محافل إيرانية، فالتنظيم أصبح ينتج بشكل ذاتي صواريخ تصل لعشرات الكيلو مترات، بفضل خبرة العناصر التي تم تدريبها بشكل واسع في إيران وعادت إلى لبنان، وبحسب الصحيفة؛ فإنّ عناصر التنظيم يمولون أنشطتهم من خلال تجارة المخدرات وتهريبها".

"إيديعوت أحرونوت": حركة حماس وجدت نفسها معزولة خلال جولات القتال السابقة مع إسرائيل دون أية مساعدة خارجية لها؛ لذلك شقّت الطريق لإقامة قوة عسكرية على أرض لبنان

أما صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية؛ فقد بيّنت أنّ "نشاط حماس العسكري في لبنان يتم بإدارة حماس في غزة، وتم تجنيد المئات من النشطاء التابعين للحركة لقيادة وإدارة ما أسمته "مكتب البناء"، والذي تتركز مهمته على بناء وتطوير القدرات العسكرية لحماس على الحدود الشمالية مع إسرائيل".

وأشارت الصحيفة إلى أنّ "قوة حماس العسكرية متمركزة داخل المخيمات وهي بعيدة عن أعين السلطات اللبنانية وحزب الله، وتقوم بتطوير وتصنيع أسلحة في لبنان، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة والغواصات الصغيرة التي يتم التحكم فيها عن بعد، كما أنّ أفراد التنظيم يواصلون التدريب ودورات التأهيل المتخصصة، مثل القنص وتشغيل قاذفات الصواريخ المضادة للدبابات".

تهديد أمني

وتعليقاً على ذلك، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، أسعد العويوي: إنّ "إسرائيل تعدّ أي وجود لقوى فلسطينية مسلحة متاخمة لحدود إسرائيل تهديد لأمنها؛ فالمحور العسكري الذي أقامته حماس مؤخراً يقلق إسرائيل كثيراً، نظراً لحجم الخبرات العسكرية التي تلقاها عناصر هذا التنظيم المسلح من الحرس الثوري الإيراني".

وأبلغ العويوي، "حفريات" بأنّ "الحكومة اللبنانية غير قادرة على إبداء رأيها في هذا الموضوع، أو التدخل في منع تطور نشاط المنظمات الفلسطينية المسلحة داخل المخيمات الفلسطينية، لأنّ موازين القوى في الدولة اللبنانية بيد المقاومة ولا تتدخل الحكومة بذلك".

اقرأ أيضاً: خلافات وانقسامات في حماس... ماذا يريد كل من مشعل وهنية؟

وأوضح أنّ "فرع حماس العسكري في جنوب لبنان سيكون له دور فعّال خلال الفترة القادمة، بل سيشكل ورقة ضغط على إسرائيل إذا شنّت عدواناً جديداً على قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظلّ خشية إسرائيل من فتح مواجهة مسلحة على الحدود الشمالية".

تنسيق مع حزب الله

ولفت المختص في الشأن الإسرائيلي إلى أنّ "قرار إقامة هذا الفرع تم بموافقة حزب الله؛ فالحزب له وجهة نظره الخاصة من إقامة هذا الفرع العسكري، كما أنّ قرار تنفيذ عمليات ضدّ إسرائيل، لا يمكن تمريره إلا بالتنسيق وبموافقة حزب الله على ذلك".

ولا يستبعد العويوي أن "تلجأ إسرائيل خلال المرحلة المقبلة لتشكيل ضغط  دولي على الحكومة اللبنانية، وذلك للتدخل والضغط على الفلسطينيين، بالتحديد جناح حماس المسلح في لبنان، لمنع تنفيذ هجمات من داخل لبنان ضدّ إسرائيل، وهذا يأتي في ظلّ عدم قدرة إسرائيل على إبعاد المقاومة عن الحدود، لعدم رغبة إسرائيل في الاحتكاك بحزب الله".

الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي، د. عمر جعارة لـ"حفريات": فرع حماس العسكري في لبنان، والذي يتم دعمه من قبل الحرس الثوري الإيراني، لن يشكّل أيّ تهديد لإسرائيل

وتعرّض مخزن أسلحة تابع لحماس في مخيم البرج الشمالي، في مدينة صور جنوب لبنان، قبل أسبوع، لانفجار كبير، أدّى إلى سقوط 3 قتلى من عناصر الحركة، إضافة إلى إصابة 12 آخرين، وادّعت حماس أنّ المخزن يتضمّن أجهزة ومعدات خاصة بأزمة كورونا لكن إسرائيل نفت صحة ذلك.

تسليح حماس في لبنان معضلة كبرى

من جهته، أكّد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور عمر جعارة، أنّ "فرع حماس العسكري في لبنان، والذي يتم دعمه من قبل الحرس الثوري الإيراني، لن يشكّل أيّ تهديد على المدى القريب والبعيد لإسرائيل، لأنّ تنفيذ أيّ هجوم ضدّ المدن الإسرائيلية من قبل هذا التنظيم، سيجرّ جنوب لبنان إلى دمار كبير، كما حصل في حرب تموز (2006)".

وبيّن جعارة، في حديثه لـ "حفريات": أنّ "تسلح حماس بمزيد من العتاد سيشكل لها معضلة كبيرة لاحقاً مع جماعات مسلحة في لبنان، وربما يؤدي ذلك إلى تكرار الحرب الأهلية، وهذا ما حصل مع حركة فتح"، مشدداً على أنّ العناصر الفلسطينية داخل البلدان العربية ليس من مصلحتها التسلّح".

اقرأ أيضاً: حماس عندما تطلب الدعم ولو من الصين

وأشار إلى أنّ "الحكومة اللبنانية هي من سمحت للفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة فتح وحماس، بالتسلّح، وذلك لإقامة حكم ذاتي بينها، بعيداً عن تدخل الحكومة اللبنانية في شؤونها الداخلية، كما أنّ الحكومة تعمدت ذلك لحماية الفلسطينيين أنفسهم، وكي لا تتكرر مجزرة صبرا وشاتيلا".

عمليات محدودة

واستبعد جعارة أنّ "ينفّذ عناصر حماس في جنوب لبنان هجمات ضدّ مدن إسرائيلية في الشمال لاحقاً، بل وإن حاولوا فستكون الضربات على المناطق الفارغة قرب الحدود"، مستدركاً في ذلك ما قاله حسن نصر الله في أعقاب حرب تموز: "لو علمت أنّ إسرائيل ستعمل على تدمير الضاحية الجنوبية، لما وافقت على تنفيذ عملية خطف الجنديين الإسرائيليين".

وتابع: "استغلال إسرائيل حادثة انفجار مستودع الأسلحة التابع لحماس في مدينة صور جنوب لبنان وتضخيم الحدث، يأتي ذلك من أجل خلق فتنة بين التنظيمات الفلسطينية داخل المخيمات في الجنوب، إلى جانب تحميل الحكومة اللبنانية المسؤولية، عن عبث، تنظيم حماس بأرواح اللاجئين داخل المخيمات الفلسطينية".

وقالت وكالة فرانس برس إنّ تخزين حماس أسلحتها أسفل مسجد بمخيم البرج الشمالي جنوب لبنان تسبّب في حدوث انفجار في المخيم في العاشر من الشهر الجاري، رغم نفي مصادر رسمية من الحركة ذلك.

وضمت قائمة ضحايا الانفجار، القيادي في حماس حمزة شاهين والذي شهدت مراسم جنازته أحداث عنف بين مسلحين في المخيم، ما أسفر عن مقتل أربعة فلسطينيين وإصابة آخرين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية