تونس.. هل يكون أنصار النظام السابق رقماً صعباً في انتخابات 2019؟

تونس

تونس.. هل يكون أنصار النظام السابق رقماً صعباً في انتخابات 2019؟


07/04/2019

يسجّل الموالون سياسياً لنظام الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي، الذي انهار بعد ثورة 14 كانون الثاني (يناير) العام 2011، عودتهم للساحة السياسية التونسية بقوة، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرّر إجراؤها نهاية العام الجاري؛ حيث باتوا يتصدّرون المنابر الإعلامية والملتقيات السياسية، ويتولّون مناصب مهمّة في الدولة، وهو ما يثير مخاوف التونسيين من عودة بلادهم إلى مربّع الاستبداد.

نائب عن "النهضة": الحركة لا تمانع التحالف مع الدستوريين، لكن ليس قبل الانتخابات، لأنّها ستجري تحالفاتها بحسب نتائج الصناديق

وتحمّل الأحزاب اليسارية المعارضة، و"المجموعات الثورية"، حكومة الترويكا، التي قادتها حركة "النّهضة" الإخوانية، بين عامَي 2011 و2014، مسؤولية عودة أنصار النظام السابق، خاصّة بعد أن أسقط المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان)، في ربيع عام 2014، الفصل 167، المتعلق بالعزل السياسي وبمنع رموز النظام السابق من الترشّح للانتخابات، وتكوين أحزاب سياسية.
جاء ذلك في وقت طالب فيه الشعب التونسي، مدعوماً بالقوى الثورية، التي كانت ممنوعة من ممارسة السياسة في عهد بن علي، بضرورة محاسبة وزراء للنظام السابق حول جرائم التعذيب والاستبداد التي مارسوها خلال تولّيهم الحكم.
ويفسّر المحلّل السياسي، فريد العليبي، في تصريحه لـ "حفريات"، ذلك؛ بأنّ "الدستوريين يستمدّون قوّتهم من بقاء الدولة العميقة على حالها بعد رحيل بن علي، الذي ترك نظامه"، وأشار إلى أنّ "الأحزاب التي تولّت السلطة بعد الثورة وجدت نفسها مجبرةً على أن تنفّذ اتّفاقات دولية تعلّقت بما سمِّي "الربيع العربي"، تقضي بعودة الدستوريين إلى المشهد التونسي".

اقرأ أيضاً: الغنوشي يكشف عن مرشح النهضة للانتخابات الرئاسية
وتابع العليبي؛ أنّه طبقاً لذلك "نجح الدستوريون في العودة إلى الواجهة، بما لهم من نفوذ مالي ودعم إقليمي ودولي، فأجبرت القوى التي صعدت إلى سدّة الحكم على إيجاد نقاط التقاء معهم، وتنافس على ذلك دستوريون سابقون، مثل الرئيس التونسي الحالي، الباجي قايد السبسي، والإسلاميون، لغايات انتخابية".
 يستمدّون قوّتهم من بقاء الدولة العميقة على حالها بعد رحيل بن علي

هل يكون الدستوريون رقماً صعباً في انتخابات 2019؟
ومثّل بروز عبير موسي، التي عُرفت بعدائها الشديد للثورة، وبالإساءة إلى رموزها، وولائها سياسياً لنظام بن علي، في المرتبة الثالثة، في نتائج سبر الآراء للشخصيات التي يرى التونسيون أنّها الأقدر على قيادة البلاد، لشهر آذار (مارس) الماضي، مفاجأة حقيقية للمشهد التونسي، خاصّة أنّها تؤكد في كلّ المناسبات التي ظهرت فيها إعلامياً أنّها لا تعترف بدستور البلاد، وتعد بتغييره في حال نجاحها في الانتخابات.

نائب عن حزب "نداء تونس": الدستوريون قواعد انتخابية مهمة والتحالف معهم وارد جداً

ودخلت موسي قائمة الشخصيات الأقدر على تسيير تونس، للمرة الأولى في شهر شباط (فبراير) الماضي، حين حلّت في المرتبة الرابعة خلفاً لكلّ من رئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، والرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، والرئيس الحالي الباجي قايد السبسي.
وسارعت موسي إلى تكوين حزب سياسي، اختارت له اسم "الحزب الدستوري الحرّ"، تأثّراً بالحزب الحرّ الدستوري، الذي أسّسه الرئيس التونسي الراحل، الحبيب بورقيبة، والتجمّع الدستوري الديمقراطي المنحل الذي أسّسه الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي.
ويسعى الدستوريون، نسبة إلى الحزب الحرّ الدستوري، الذين تقلدوا مناصب مهمةً فترة حكم بن علي، إلى تجميع قواهم، التي توزّعت على عدّة أحزاب، وهو ما أكّده محمد الغرياني، رئيس حزب "المبادرة الوطنية الدستورية"، والأمين العام السباق للتجمع المنحل "حزب بن علي"، في تصريحه لـ "حفريات".

اقرأ أيضاً: حركة النهضة تتذرع بـ"المولد النبوي" لتأجيل الانتخابات الرئاسية
ولفت الغرياني إلى أنّ الدستوريين ممثّلون في أهمّ الأحزاب الناشطة في تونس، في مقدّمتهم حزب "نداء تونس"، الذّي أسّسه الرئيس التونسي الحالي، الباجي قايد السبسي، وحزب "تحيا تونس" المحسوب على رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، وحزب "مشروع تونس"، وحتى حزب "حركة النهضة".
وقال الغرياني: إنّ هناك مساعي حثيثة، لتجميع هذه القوى في هيكل سياسي موحّد، على أن يتم ترشيح شخصية تكون أكثر تمثيلاً للعائلة الدستورية، مشدداً على أنّهم سيكونون "رقماً صعباً سواء في الانتخابات الرئاسية المقبلة أو البرلمانية".
في مقابل ذلك؛ تحذّر سامية عبّو، القيادية في حزب التيار الديمقراطي (وسط)، من "العودة بالبلاد إلى مربع الاستبداد"، وتدعمها في ذلك القوى التي عُرفت بمعارضتها لنظام بن علي قبل الثورة، باستثناء حركة "النهضة" الإخوانية.
 عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر

"النهضة" و"النداء" يغازلان موالين لنظام بن علي
ومع اقتراب موعد الانتخابات، سارعت الأحزاب الكبرى في البلاد، في مقدمتها حزبا: "نداء تونس" العلماني، و"النهضة" الإخواني، إلى استقطاب هذه الفئة السياسية، التي باتت تمثّل "خزاناً انتخابياً مهماً"، بحسب متابعين للشأن التونسي.
وأصدرت حركة "النهضة" بياناً مثيراً للجدل، الإثنين 1 نيسان (أبريل) 2019، تدعم فيه رئيسة "الحزب الدستوري الحرّ"، عبير موسي، التي طردها أهالي محافظة سيدي بوزيد (مهد الثورة التونسية)، وحاولوا التشويش على اجتماعها الحزبي في محافظتهم، وهو ما رأته موسي نفاقاً سياسياً لا ينطلي عليها.

اقرأ أيضاً: تونسيون يطردون قادة حركة النهضة الإخوانية.. فيديو
كما ذكّر زعيم حركة "النّهضة"، راشد الغنوشي، منذ أيام، في ميونخ، بأنّه ساهم كثيراً في منع تمرير قانون عزل الموالين سياسياً لنظام بن علي عبر البرلمان، مشيراً إلى أنّ حركته ساهمت في مدّ جسور التواصل بين الجديد والقديم لتجنّب تقسيم البلاد، وذلك من خلال منع المصادقة على قانون العزل السياسي عام 2013.
من جهته، أكّد النائب عن الحركة، سامي الفطناسي، في تصريحه لـ "حفريات"؛ أنّ الحركة لا تمانع التحالف مع الدستوريين، لكن ليس قبل الانتخابات؛ لأنّها ستجري تحالفاتها بحسب نتائج صناديق الاقتراع، مشيراً إلى أنّ بيان "النهضة" بخصوص عبير موسي، هو "مجرّد رفض للإقصاء السياسي؛ لأنّ من حقّ أيّ حزب سياسي ممارسة نشاطه دون مضايقات".

اقرأ أيضاً: النهضة محاصرة والغنوشي يستنجد بالسبسي الابن
"نداء تونس"؛ الذي أسّسه الباجي قايد السبسي، رئيس الجمهورية الحالي، وشغل سابقاً رئيس برلمان في عهد بن علي، يسعى هو الآخر إلى تجميع "الشقوق" التي تفرّعت عنه إلى أحزاب صغيرة، ذات التأثير المحدود، والمتكونة أساساً من الموالين للنظامين السابقين.
ورأى في هذا السياق، النائب عن حزب "نداء"، شاكر العيّادي، في تصريحه لـ "حفريات": أنّ إمكانية تحالفهم مع الدستوريين "واردة جداً"، لافتاً إلى أنّهم "يمثّلون قاعدة انتخابية مهمة، يمكن الاعتماد عليها خلال الانتخابات".
وشدّد العيادي على أنّ "أغلب مكونات حزبه من الدستوريين، كما أنّهم مكون أساسي لأغلب الأحزاب السياسية الناشطة في تونس".

 

بمباركة "النهضة" الإخوانية
صوّت المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان)، غالبيته من حركة "النهضة" الإخوانية، على إسقاط الفصل 167 المقترح تضمينه في القانون الانتخابي، والذي ينصّ على أنّه "لا يمكن أن يترشح لانتخابات مجلس نواب الشعب كل من تحمّل مسؤولية صلب الحكومة في عهد الرئيس الأسبق بن علي، باستثناء من لم ينتمِ من أعضائها إلى التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل".

المغزاوي: وجود الدستوريين في الساحة السياسية هو تعبير عمّا تمرّ به البلاد والعملية السياسية في تونس من أزمة

كما صادق البرلمان التونسي، في 30 كانون الثاني (يناير) 2019، بأغلبية، على حذف فقرة من الفصل 121 من القانون الانتخابي، تنص على إقصاء كلّ من تحمّل مسؤولية في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي (حزب بن علي) من عضوية مكاتب الاقتراع.
وفي سياق متصل، يرى أمين عام حركة الشعب (يسار)، زهير المغزاوي، في تصريحه لـ "حفريات"؛ أنّ وجود أنصار نظام بن علي هو تعبير عمّا تمرّ به البلاد، والعملية السياسية في تونس، من أزمة، خاصّةً أنّ حكومة الترويكا التي قادتها حركة "النهضة" الإخوانية، عقب الثورة، فشلت في وضع انتظارات الشعب على رأس جدول أعمالها السياسية، وهو ما ولّد حالةً من اليأس والإحباط، وانعدام الثقة في منظومة الحكم وفي المسار السياسي بصفة عامة.
وأوضح المغزاوي؛ أنّ المنظومة القديمة، المتمثّلة في السياسيين الموالين سياسياً لنظام بن علي، استغلت ذلك، وتسلّلت إلى مواقع القرار وإلى الحياة السياسية، مشدّداً على أنّ حركة "النهضة" تتحمّل "المسؤولية الكبرى في ذلك؛ لأنّها ساومت، حين صعدت إلى الحكم في 2011، بقضايا الشعب، وقضايا الثورة، منها: قانون العزل السياسي، والعدالة الانتقالية، ومحاسبة السياسيين، من أجل التموقع في المشهد".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية