بعد قصف ميناء أوديسا.. ما مصير اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية؟

بعد قصف ميناء أوديسا.. ما مصير اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية؟


24/07/2022

زالت سريعاً حالة الارتياح العالمية بشأن استئناف تصدير الحبوب الأوكرانية إلى الدول عبر الموانئ، بعد أن وقع ليل السبت استهداف عنيف لميناء أوديسا، الذي يعد أحد أهم المعابر لنقل شحنات الحبوب للأسواق العالمية، وذلك غداة توقيع اتفاق بين موسكو وكييف لترتيب مرور شحنات القمح والحبوب الأوكرانية إلى الدول المستفيدة، والتي توقفت منذ بداية الأزمة في 24 شباط (فبراير) الماضي.

 من جانبها، أقرت الخارجية الروسية، في بيان مقتضب نقلته وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، باستهداف ميناء أوديسا الأوكراني دون التطرق للأسباب أو التأثيرات المحتملة على اتفاق تصدير الحبوب.

وفي السياق، نقل موقع قناة "آر تي عربية"، اليوم الأحد، عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، القول إنّ صواريخ كاليبر دمرت أحد مواقع البنية التحتية العسكرية لميناء أوديسا على البحر الأسود، كما تم استهداف زورق عسكري بضربة عالية الدقة.

وكتبت زاخاروفا على تلغرام :"دمرت صواريخ كاليبر إحدى منشآت البنية التحتية العسكرية لميناء أوديسا، وأرسلت بضربة عالية الدقة زورقاً عسكرياً أوكرانياً إلى العنوان المحبوب من قبل نظام كييف".

من جانبها، اتهمت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون موسكو بمحاولة تخريب الاتفاق الذي يهدد حياة الملايين حول العالم.

محمد عطا الله: تقع على موسكو كافة المسؤولية الدولية وكذلك الأضرار الناجمة عن استهداف ميناء أوديسا

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أنّ الولايات المتحدة تندد بشدة بالهجوم الصاروخي الروسي الذي وقع على ميناء أوديسا الأوكراني، مضيفاً أنّ روسيا تتحمل مسؤولية تفاقم أزمة الغذاء في العالم بخرق اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.

وأضاف أنّ الهجوم "يقوض جهود الأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا لإيصال المواد الغذائية الضرورية للأسواق العالمية"، بحسب "العربية".

وقال نائب وزير الاقتصاد الأوكراني، تاراس كاشكا، السبت، إنّ "روسيا تدمر كل السبل لنقل الحبوب عبر البحر الأسود"، مبيناً أنّ موانئ بلاده تتعرض لهجوم روسي متواصل.

وأوضح كاشكا، في مقابلة مع قناة "العربية"، إنّ "روسيا تنتهك اتفاقية تصدير الحبوب الموقعة في تركيا"، محملاً موسكو مسؤولية استهداف ميناء أوديسا.

هل يدين القانون الدولي روسيا؟

تقع على موسكو كافة المسؤولية الدولية وكذلك الأضرار الناجمة عن استهداف ميناء أوديسا، بحسب أستاذ القانون الدولي محمد عطا الله.

وينوه عطا الله، في تصريح لـ"حفريات"، أنه لا يوجد أي مبرر للهجوم الروسي، وفق القانون الدولي الذي يقتضي مسؤولية الحماية الكاملة للمدنيين، موضحاً أنّ "ميناء أوديسا ليس ميناء عسكرياً وبالتالي لم يكن من حق روسيا توجيه أي ضربات عسكرية له حتى في إطار الحرب الدائرة بين موسكو وكييف".

 

عطا الله: عملية الاستهداف ستزيد أزمة الدول التي تعاني جراء نقص المواد الغذائية، أو ستكون مضطرة لشرائها من دول أخرى بأضعاف ثمنها

 

ويوضح أستاذ القانون أنّ "الاتفاق الذي  جرى توقيعه يوم الجمعة الماضي بحضور تركي وممثليين عن الأمم المتحدة وضع قواعد، كان يجب أن تكون ملزمة للجانب الروسي، أهمها الالتزام بمرور صادارات الحبوب الأوكرانية إلى كافة دول العالم لمدة (120) يوماً"، مشيراً إلى أنّ عملية الاستهداف ستزيد أزمة الدول التي تعاني جراء نقص المواد الغذائية، أو ستكون مضطرة لشرائها من دول أخرى بأضعاف ثمنها.

ووفق أستاذ القانون الدولي، كان يتوجب على روسيا إخطار الأمم المتحدة والدول التي ترعى الاتفاق في حال علمها بوجود أسلحة أمريكية، وفق ما جاء في بعض وسائل الإعلام الروسية.

ويتوقع عطا الله أن تدين الجمعية العامة للأم المتحدة خلال الساعات المقبلة هذا الحادث وتعتبره عرقلة لجهود توصيل الحبوب للدول حول العالم، وربما تتخذ الدول الغربية مزيداً من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا.

كريم العمدة: الأزمة الاقتصادية العالمية بلغت مستويات غير مسبوقة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية وحتى وقتنا هذا

ويتابع عطا الله: في حال استشعرت موسكو الحرج، وحاولت العودة قليلاً إلى الوراء، مراعاة للأزمة الإنسانية العالمية، أو استجابة لضغوط بعض الدول التي تعد صديقة لها، فستكون في هذه الحالة، مضطرة، إلى إصلاح ما أفسده الهجوم على الميناء وإعادته للعمل مع جديد مع التعهد الجاد بعدم اعتراض سفن الحبوب المتجهة نحو مختلف الدول.

العالم في مواجهة كارثة جوع.. هل من حل؟

من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد السياسي كريم العمدة أنّ عملية استهداف الميناء الذي كان مسؤولاً عن نقل كميات كبيرة من المواد الغذائية الحبيسة داخل أوكرانيا إلى دول العالم التي تعاني أزمة نقص موارد، سوف تترتب عليه أضرار جسيمة ستلحق ليس بأوكرانيا وحدها ولكن بجميع دول العالم التي تعاني شحاً في هذه الموارد وتواجه أزمة جوع غير مسبوقة.

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول العمدة "إنّ الأزمة الاقتصادية العالمية قد بلغت مستويات غير مسبوقة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية وحتى وقتنا هذا، فيما سجلت معدلات التضخم أعلى مستوى في التاريخ الحديث، وبالتزامن تعاني مجموعة من الدول وخاصة المجموعة الأوروبية من خطر محدق يتعلق بانقطاع إمدادات الطاقة في أي وقت، الأمر الذي يهدد قطاع الصناعة في كبرى الدول الصناعية بالعالم.

 

كريم العمدة: العالم يواجه أزمة جوع كارثية بسبب نقص المواد الغذائية والحبوب، ويجب أن ترعى الأمم المتحدة اتفاقاً جاداً وسريعاً لتأمين إيصال الحبوب الأوكرانية إلى كافة الدول المستفيدة

 

وبحسب العمدة، تعاني غالبية الدول من حالة "شلل" بسبب عجز الميزان الاقتصادي بشكل كامل مع ارتفاع التضخم ونقص الموارد الأساسية مثل الغذاء والدواء، والتهديدات المستمرة التي تلاحق قطاع الصناعة بسبب نقص إمدادات الغاز الروسي، التي في طريقها إلى انقطاع كامل عن أوروبا، في حين تعاني كافة الدول بلا استثناء من أزمة نقص حاد للسلع الغذائية والمشتقات البترولية.

ويشدد العمدة على "أهمية الضغط الدولي من أجل تنفيذ اتفاق جاد وإنساني، لتمرير شحنات الحبوب الأوكرانية العالقة، برعاية أممية وبمشاركة كافة الدول الإقليمية التي تستطيع تقديم مساعدة بهذا الصدد لإنقاذ العالم من مجاعة كارثية.

مواضيع ذات صلة:

ماذا تعرف عن اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية؟

الرئيس الأوكراني في مأزق... 650 إقالة: خيانات أم تصفية حسابات؟

توني بلير: حرب أوكرانيا تُظهر احتضار هيمنة الغرب... ما علاقة الصين؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية