بعد فاجعة العبارة.. الموصل على صفيح ساخن من جديد

العراق

بعد فاجعة العبارة.. الموصل على صفيح ساخن من جديد


25/03/2019

تصاعدت تداعيات "فاجعة العبّارة" في مدينة الموصل شمال العراق، والتي راح ضحيّتها أكثر من 100 شخص يوم الخميس الماضي، لتصل إلى مطالبات سياسية وشعبية بضرورة إقالة مسؤولين تنفيذيين وفتح "ملفات فسادهم"، في حين قذف أهالي المدينة موكبي رئيسي الجمهورية والبرلمان بالحجارة لحظة زيارتهما مكان الحادث.

اقرأ أيضاً: عبارة الموصل.. الفساد حين يُغرق سفينةَ البلاد

وتواصلت ردود الفعل على الحادث، حيث صوّت مجلس النواب العراقي، أمس، بالإجماع لصالح إقالة محافظ نينوى، نوفل العاكوب ونائبيه.

عراقيون يلقون الزهور على الأرواح التي قضت في نهر دجلة

لحظة وقوع الكارثة

ابتهج الآلاف من أبناء مدينة الموصل بحلول أعياد الربيع (نوروز)؛ حيث أقبل العديد منهم على المتنزهات والأماكن السياحية، ومنها الجزيرة السياحية في منطقة الغابات وسط المدينة، قبل أن يخيم الحزن لتنقلب الاحتفالات إلى كارثة بعد حادث الغرق الأسوأ في تاريخ البلاد.

سياسي عراقي يتهم لجاناً اقتصادية تابعة للحشد الشعبي بالاستثمار داخل الجزيرة والتي أدت إلى فساد المرفق السياحي

ويقول النائب عن المحافظة، أحمد الجبوري، لـ "حفريات"، إنّ "العبارة التي حملت زوار الجزيرة السياحية، بعدد قارب الـ 290 شخصاً، بينهم 100 رجل و90 امرأة و 95 طفلاً، بحسب الفيديوهات ورصد الكاميرات المنتشرة داخل الجزيرة، التي رصدت لنا هذه الأعداد". 
وتابع الجبوري قوله "عدد الجثث التي انتُشلت من النهر كانت 87  جثة، وعدد الذين تم إنقاذهم كانوا بحدود 82 شخصاً، فيما بقي أكثر من 100 شخص في عداد المفقودين".

من جهته، اتّهم زعيم حزب الحل العراقي، جمال الكربولي، لجاناً اقتصادية تابعة لمؤسسة الحشد الشعبي بالاستثمار داخل الجزيرة السياحية في الموصل، محمّلاً إياها مسؤولية تردي المرافق السياحية هناك.
وأكد الكربولي، في بيان تلقّت "حفريات"، نسخة منه، على "ضرورة محاسبة المقصرين في إدارة المحافظة والجهات التي تدير هذا المرفق السياحي التابع للجنة اقتصادية لأحد الفصائل المسلحة التي تدعي انتماءها للحشد الشعبي".

عبدالمهدي في مؤتمر صحفي في مدينة الموصل معلناً الحداد الرسمي على أرواح الضحايا

استقبال رئيسي الجمهورية والبرلمان بالحجارة

ووصل رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، إلى مكان وقوع الكارثة في مدينة الموصل، برفقة وزير الصحة ومحافظ المدينة وقائد عملياتها. وأعلن عبد المهدي من المدينة "الحداد العام على ضحايا العبارة في كل البلاد"، وتوعد بمحاسبة "المقصرين من المسؤولين التنفيذيين".

موكبا رئيسا الجمهورية والبرلمان يتعرضان للضرب بالحجارة في مدينة الموصل ورئيس الحكومة يعلن الحداد الرسمي

وبعدها بساعات وصل كل من رئيس الجمهورية، برهم صالح، ورئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، إلى المحافظة، للاطلاع على الحادث، فيما ألقى العشرات من المواطنين الحجارة على موكبي المسؤولين العراقييّن احتجاجاً على ضحايا العبارة.

لكن صالح أصر على عقد مؤتمر صحفي، قال فيه إنّ "الفاجعة جاءت نتيجة الفساد والجشع والاستهتار بأرواح الناس"، مؤكداً أنّ "الدولة ستعمل على تحقيق شامل بالحادثة التي حصلت، بغية الانتصار لأهلنا المنكوبين".

اقرأ أيضاً: بعد فاجعة العبارة.. أهالي الموصل ينتفضون

ويعلق، الأكاديمي العراقي، قاسم الهاشمي، على كلام رئيس الجمهورية "المسؤول العراقي، منفصل عن الواقع ولايستشعر الراهن المحلي الذي يعيشه المواطن البسيط، كلما تحِلُ كارثة يأتي المسؤول يتوعد ويشكل لجان تحقيقية دون الوصول الى نتائج واقعية".

ويضيف الهاشمي لـ"حفريات"، أنّ "الأحداث الماضية لفّها النسيان ولم يعرف العراقيون سبب مآسي كثيرة ماضية؛ كمأساة جسر الأئمة ومجزرة سبايكر وتفجيرات الكرادة وغيرها".

لحظة غرق العبارة في الجزيرة السياحية بعدسة كاميرا مراقبة الجزيرة

توجيه رئاسي بإقالة المحافظ ونائبيه

وجه رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، طلباً إلى البرلمان بإقالة محافظ نينوى، نوفل العاكوب، ونائبيه على خلفية حادثة العبّارة.
ونص الطلب، الذي قدمه عبد المهدي إلى رئيس مجلس النواب، بخصوص إقالة محافظ نينوى ونائبيه، على أنّه "للإهمال والتقصير الواضحين في أداء الواجب والمسؤولية، ووجود ما يدل من تحقيقات تثبت التسبب بالهدر بالمال العام واستغلال المنصب الوظيفي، واستناداً لنص المادة 7 / ثامناً / 2 والتي تنص على أنّ "لمجلس النواب إقالة المحافظ بالأغلبية المطلقة بناءً على اقتراح رئيس الوزراء"، والمادة (38) والتي تنص على "تسري على نائبي المحافظ أحكام إقالة المحافظ" من قانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008 المعدل، نقترح عليكم إقالة المحافظ ونائبيه استناداً لما أوردناه أعلاه".

اقرا أيضاً: كنائس الموصل تواجه دمار داعش

ويأتي قرار رئيس الحكومة العراقية، بعد مطالبة المرجعية الشيعية العليا بإقالة المسؤولين في حال إخفاقهم بأداء واجباتهم. وقال ممثل المرجعية أحمد الصافي، في خطبة صلاة الجمعة الماضية، إنّ "حادثة جزيرة أم الربيعين في الموصل تشير إلى خلل كبير في النظام الإداري للدولة"، معتبراً أنّ "عدم قيام الأجهزة الرقابية بدورها هو جزء من الفساد المستشري بالبلد".

رئيس الجمهورية برهم صالح يزور عائلة موصلية منكوبة ويتعهد بمحاسبة المقصرين بالحادث

المحافظ يدافع عن نفسه

ورداً على الاتهامات التي وُجهّت له، أكد محافظ نينوى، نوفل العاكوب، أنّه "يتعرض لعمليات تصفية سياسية"، متهماً جهات لم يسمّها بـ"محاولة خلط الأوراق".

توجيه رئاسي بإقالة محافظ نينوى ونائبيه وتحميلهم مسؤولية الحادث التي أدى إلى مصرع العشرات

وبشأن الصورة الاستفزازية التي ظهر بها مبتسماً من الحادث، قال إنّه "في ليلة غرق العبارة كنا نسير مع رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي وقد تعثرت بأقدام أحد أفراد الحماية واعتذرت منه، وفي نفس الوقت قائمّقام الموصل قال لرئيس الوزراء (نريد أن نعمل لك عشاءً لكي لا تقول إنّ أهالي الموصل غير كرام)، فارتسمت ابتسامة مجاملة، وليس ضحكاً، فنحن كنا بأي حال حتى نضحك".

وتناقلت بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، صوراً تظهر محافظ نينوى، نوفل العاكوب، وهو "يضحك" بطريقة "مستفزة" في ليلة فاجعة غرق العبّارة في مدينة الموصل، مما أثارت غضباً سياسياً وشعبياً واسعاً.

وبخصوص ذلك، يقول النائب الكردي، جمال كوجر، لـ"حفريات"، "المحافظ ليس وحده من يتحمل المسؤولية في هذه القضية والقضايا الأخرى؛ بل مجلس المحافظة والقوات الأمنية والفصائل المسلحة (الحشد الشعبي) أيضاً يتحملون المسؤولية كاملة".

وأضاف أنّ "مجلس النواب سيقوم بمناقشة قضية الفاجعة برمّتها وملفات الفساد التي تعصف بالمحافظة منذ تحريرها من عناصر داعش".

وتضمن قرار مجلس النواب، بعد إقالة محافظ نينوى ونائبيه، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية، إكمال التحقيقات بخصوص العبارة ومحاسبة المقصّرين واعتبار ضحايا الحادث شهداء وتعويض ذويهم، مع ضمان حق هؤلاء باللجوء إلى القضاء.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية