بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.. الغزيون يستعدون للعودة إلى ديارهم

بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.. الغزيون يستعدون للعودة إلى ديارهم

بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.. الغزيون يستعدون للعودة إلى ديارهم


كاتب ومترجم فلسطيني‎
20/01/2025

بعد (470) يوماً من الإبادة والتهجير والتطهير العرقي عادت الحياة من جديد إلى من تبقوا على قيد الحياة في قطاع غزة، من جراء حرب الإبادة المستعرة التي شنتها إسرائيل على مدار عام و(3) أشهر، ارتكبت خلالها أبشع صور الإبادة، ودمرت مساحات هائلة من منازل المواطنين. وقد ساد الفرح أوساط الغزيين الذين انتظروا بفارغ الصبر انتهاء الحرب، وذلك بعد أن تكللت جهود الوسطاء من مصر وقطر في نجاح جولات التفاوض والوصول إلى وقف إطلاق النار.

ورغم الدمار والألم الكبير الذي حل بالقطاع وسكانه، إلا أنّ دموع الفرح خيمت على الغزيين، الذين فقدوا الأمل على مدار أكثر من عام  في الوصول إلى لحظة تنتهي فيها حرب الإبادة، بعد تعنت الحكومة الإسرائيلية مرات عديدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ورغبتها في الاستمرار بالحرب والقتل والتدمير تحت حجج ومبررات واهية، أنهكت السكان ودمرت معنوياتهم.

🎞

من جنوب قطاع غزة حتى شماله يتقاسم السكان هنا وهناك المعاناة، فالنازحون الذين فروا من شبح الموت إلى جنوب قطاع غزة يتوقون للعودة إلى ديارهم في شمال القطاع، بعد أن اضطروا للعيش داخل خيام مهترئة لا تقيهم حر الصيف الشديد ولا برد الشتاء القارس، عدا عن انتشار الحشرات داخل الخيام وتفشي الأمراض المعدية بينهم، أمّا من تبقى من سكان شمال غزة، فهم فئة قليلة واجهوا آلة الحرب والقتل التي تعمدت معاقبتهم على بقائهم بالمجازر وهدم بيوتهم، وهم يتوقون إلى وقف القصف والمجازر، ويستعدون لاستقبال الأسرى من السجون الإسرائيلية وذويهم من النازحين جنوب القطاع.

رغم الدمار والألم الكبير الذي حل بالقطاع وسكانه، إلا أنّ دموع الفرح خيمت على الغزيين

في جنوب قطاع غزة حيث يوجد مئات الآلاف من النازحين، بدأت الاحتفالات والفرحة تجوب شوارع المنطقة، وبدأ النازحون يتجهزون للعودة إلى ديارهم، وبالرغم من فقدان العديد من الأسر لأبنائهم، إلا أنّ وقف الإبادة سيطر على مشاعرهم، وتحولت من الحزن إلى الفرح، فآلة القتل الإسرائيلية لا تتوقف عن قتل الغزيين وحرق خيامهم، ولا تكاد تمر لحظة دون أن يقع خلالها شهداء ومصابون.

في أحاديث منفصلة لمراسل (حفريات)؛ عبّر مواطنون شاركوا في  فعاليات احتفالية جنوب قطاع غزة عن فرحتهم الكبرى في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإنهاء حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من عام، التي حرمتهم النوم والعيش بأمان، عدا عن حرب التجويع التي مارسها الاحتلال كوسيلة للضغط على الغزيين، والتي أنهكت أجسادهم.

🎞

يقول المواطن محمد سالم، وهو نازح مع أسرته من مخيم جباليا الذي تم تدميره مؤخراً من قبل الجيش الإسرائيلي: منذ أن بدأت الحرب لم نتوقع أن يأتي يوم وتنتهي، بعد الحشد الهائل من قبل إسرائيل للقوات واحتلال أجزاء من قطاع غزة، عدا عن التحريض العالمي على غزة، والذي مكّنها من الحصول على الضوء الأخضر لارتكاب إبادة بحق السكان المدنيين".

ويضيف: "بالرغم من حجم الألم والمصاب الجلل الذي ينتاب سكان قطاع غزة نتيجة الفقد والدمار الكبير في البيوت، إلا أنّ لحظة الإعلان عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار قد أشعلت دموع الفرح في أعين الكبار والصغار، لما في ذلك من فرصة كبيرة لوقف الإبادة التي يمارسها الاحتلال بشكل جنوني ضد السكان، ووقف شلال الدم المستمر منذ عام ونصف العام".

النازحون الذين فروا من شبح الموت إلى جنوب قطاع غزة يتوقون للعودة إلى ديارهم في شمال القطاع، بعد أن اضطروا للعيش داخل خيام مهترئة

ولفت إلى أنّ "أكثر من مليون نازح من شمال غزة ومدينة غزة انتظروا على مدار أكثر من عام السماح لهم بالعودة إلى ديارهم، بعد أن خرجوا جميعاً قسراً تحت القصف نحو الجنوب تاركين بيوتهم ومصالحهم، وذلك في خطة إسرائيلية لتهجير كافة السكان من القطاع وإنهاء القضية الفلسطينية، لكنّ الاحتلال فشل في كل مخططاته" .

أمّا الحاجة سعدية محمود، فقد "توشحت بعلم فلسطين، وخرجت بالزغاريد والتكبير تحتفل مع أعداد كبيرة من المواطنين بخبر التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، واللافت هنا أنّها فقدت عدداً من أفراد عائلتها بعد قصف طال منزلها في مدينة غزة مع بداية حرب الإبادة، ونزحت بعد دمار منزلها إلى جنوب قطاع غزة".

🎞

تقول الحاجة سعدية: "بالرغم من المصاب الكبير الذي حلّ بعائلتي وبيتي، إلا أنني أشعر بالفرح على وقف الإبادة التي انهكت ودمرت أحلام ومصالح وأرزاق وحياة عدد كبير جداً من الغزيين، وها نحن اليوم ـ بفضل من الله ـ وصلنا الى نهاية للمأساة التي لم نعهد أن واجهنا مثلها من قبل، على الرغم من تعرّض غزة لحروب عديدة طوال الأعوام الماضية". 

وتأمل الحاجة أن "يعمّ السلام والأمن في قطاع غزة طويلاً، وألّا تعود الحرب مرة أخرى،  خاصة بعد انتهاء مراحل الهدنة الـ (3)، وأن يهتم العالم بتحسين الحياة في غزة، والعمل السريع على إعادة الإعمار، حتى لا يواجه المواطنون داخل مراكز الإيواء معاناة طويلة، فحياة الخيام قاسية لا تطاق".

أكثر من مليون نازح من شمال غزة ومدينة غزة انتظروا على مدار أكثر من عام السماح لهم بالعودة إلى ديارهم

أمّا المواطن محمد فخري، فإنّه "يستعد لاستقبال نجله الذي من المقرر أن يتم الإفراج عنه ضمن المرحلة الأولى من الصفقة، بعد أن قضى في السجن (9) أعوام، وهو محكوم عليه بالمؤبد، وقد استقبل خبر التوصل إلى وقف إطلاق النار بالتهليل والتكبير، بالرغم من فقدان بيته في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة".

يقول: "نحن ـ الشعب الفلسطيني ـ نعيش في أرض رباط مباركة وأرض معارك وحروب، ونؤمن جميعاً بما يختبرنا به الله من صبر، السكان في قطاع غزة اعتادوا على الحروب والدمار، ونحن نحتسب كل ذلك عند الله، فالشهداء أحياء عند ربهم، وسيأتي الوقت القريب الذي نعمر به غزة بعد الخراب الكبير، واليوم نحن نتوق إلى حرية الأسرى القابعين خلف أسوار السجون، الذين يعانون شتى أنواع الظلم والعذاب". 

🎞

وتابع: "هناك الآلاف من العائلات التي انتظرت اليوم الذي سيتم فيه تحرير ذويهم من السجون الإسرائيلية، وها هي اللحظة التي طالما انتظروها قد حانت لاستقبال أسراهم، ليلتئم الشمل وتعود الحياة إلى طبيعتها كما كانت في السابق وأفضل، وتعمّر غزة من جديد، وذلك بجهود الأشقاء من جميع أنحاء العالم، الذين وقفوا إلى جانب الشعب في غزة، وما زالوا يواصلون الدعم والتأييد".

يُذكر أنّ حرب الإبادة قد أزهقت أرواح أكثر من (46) ألف مواطن منذ بدايتها مطلع تشرين الأول (أكتوبر) 2023، إلى جانب وجود (10) آلاف مفقود تحت أنقاض البيوت المهدمة، يضاف إلى ذلك تدمير مساحات هائلة من المناطق المأهولة بالسكان بشكل كامل، وتدمير المرافق الصحية بشكل كامل، في مدينة غزة وشمالها، عدا عن اعتقال الاحتلال ما يزيد عن (6) آلاف مواطن داخل سجن سديه تيمان سيّئ السمعة، منهم من قضى تحت التعذيب، ومنهم من خرجوا بإعاقات جسدية، وبعضهم على موعد مع الحرية خلال الصفقة الحالية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية