تدير باكستان بوصلتها السياسية والاقتصادية باتجاه السعودية والإمارات عابرة إيران المحاذية لها من الشرق، بما تمثله من مشكلة جيوسياسية سواء في علاقة طهران المتوترة مع محيطها الإقليمي والدولي أو في ما يتعلق بدورها في دعم حركة طالبان واستمرار الحرب الأفغانية.
وتدفع إسلام أباد باتجاه دعم موقف السعودية من إيران، في انتظار زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان الشهر المقبل.
واعتبر وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري خلال مكالمة هاتفية مع نظيره السعودي تركي الشبانة، الأحد، إن زيارة ولي العهد السعودي المرتقبة لباكستان من شأنها تعزيز العلاقات بين البلدين.
وتأمل باكستان باجتياز بعض المشكلات وهي تقف على عتبة عقد اتفاقيات بقيمة 13 مليار دولار بشأن الاستثمار ودعم ميزان المدفوعات وتأخر تسليم شحنات النفط من السعودية والإمارات، والتي من المرجح أن تؤدي إلى زيادة التباعد في علاقاتها مع إيران المجاورة.
ويتوقع رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، توقيع مذكرة تفاهم خلال زيارة ولي العهد السعودي بشأن إطار لاستثمارات سعودية بقيمة 10 مليارات دولار، خاصة في مجال تكرير النفط والبتروكيماويات والطاقة المتجددة والتعدين.
وتأتي المذكرة في أعقاب مكافأة السعودية لخان على حضوره قمة مستثمرين أجانب في الرياض في أكتوبر الماضي، والتي لم يحضرها العديد من المديرين التنفيذيين للمؤسسات المالية الغربية، عقب مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
وحصل خان بعد القمة على مبلغ بقيمة 3 مليارات دولار تم إيداعه في البنك المركزي الباكستاني كدعم لموازنة المدفوعات، كما حصل أيضا على وعد بإرجاء ما يصل إلى 3 مليارات دولار أميركي كمدفوعات للواردات النفطية لمدة عام.
ومن المتوقع أن تبرم الإمارات أيضاً اتفاقات مماثلة مع باكستان في الأسابيع المقبلة.
وسيتمثل الاستثمار الأهم بخطة شركة النفط السعودية "أرامكو" لبناء مصفاة في ميناء غوادر البلوشي المدعوم من الصين بالقرب من الحدود الباكستانية مع إيران في منافسة لميناء جابهار الإيراني المدعوم من الهند والذي تبلغ مساحته 486 هكتارا. وتراقب كل من باكستان والسعودية تقدم الأعمال في جابهار باهتمام شديد.
ومن شأن الاستثمار السعودي المحتمل في منجم "ريكو ديك" للنحاس والذهب في إقليم بلوشستان الباكستاني أن يعزز من موطئ قدم الرياض في المقاطعة الاستراتيجية.
وقال المحلل السياسي جيمس دورسي إن السعودية تعتبر المنطقة الباكستانية منصة انطلاق لجهد محتمل من قبل الرياض والولايات المتحدة للضغط على إيران خصوصاً ما تعلق باضطهاد الأقليات العرقية، بما في ذلك البلوش.
وتأتي اتفاقيات باكستان مع السعودية والإمارات، بحسب ما صرح محمد أكبر نوتزاي مراسل صحيفة "داون" في بلوشستان، في لحظة "تقف فيها العلاقات الباكستانية-الإيرانية عند مفترق طرق".
وتنظر إيران الآن إلى باكستان باعتبارها حليفاً سعودياً ضدها. وبالمثل، تخشى باكستان من أن يسمح الدعم الهندي لميناء جابهار في إقامة نيودلهي علاقات اقتصادية وسياسية أوثق مع إيران بالإضافة إلى أفغانستان ودول آسيا الوسطى.
ويتوقع المحللون الباكستانيون تدفق ما يقدّر بنحو 5 مليارات دولار في التجارة الأفغانية عبر جابهار بعد أن بدأت الهند في الشهر الماضي في التعامل مع حركة الميناء التشغيلية.
وتشعر باكستان بالقلق من أن إيران، ردا على التمويل السعودي الذي ترى أنه جزء من مخطط أميركي معاد لطهران، يمكن أن تعزز دعمها للمجموعات المتشددة في باكستان لزيادة المخاطر التي تواجهها الدولة الواقعة في جنوب آسيا.
كما تشعر باكستان بالقلق من أن العلاقات الباكستانية الإيرانية المتدهورة من الممكن أن تتيح للهند فرصة تقويض 45 مليار دولار أمريكي بالإضافة إلى مشروع الممر الاقتصادي الباكستاني الصيني، لإعادة تشغيل طريق الحرير.
وكان أعضاء الحرس الثوري الإيراني هدفا لتفجير انتحاري نادر في كانون أول (ديسمبر) الماضي في جابهار والذي أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 40 آخرين.
وقال برايان م. بيركنز، مستشار إدارة المخاطر والإبلاغ عن الإشارات البحرية الأميركية السابقة، إن الهجوم "يؤكد على المشاعر المعادية للنظام الإيراني التي تغلي تحت السطح في محافظات مثل سيستان وبلوشستان وخوزستان، فضلا عن نقاط الضعف الأمنية في جابهار وما حولها".
وتدعم الأوساط السياسية السعودية التوجه الأمريكي المتشدد من إيران الذي يقوده مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون.
وأكد بولتون في خطاب له في القاهرة أن الولايات المتحدة "انضمت إلى الشعب الإيراني في الدعوة إلى الحرية وتحمل المسؤولية"، ورأى أن فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد النظام الإيراني هو الأقوى في التاريخ، وستستمر تلك العقوبات في تقويض النفوذ الإيراني حتى تبدأ إيران في التصرف كدولة عادية".
عن "العرب" اللندنية