ايران والسيطرة على المضائق والبحار

ايران والسيطرة على المضائق والبحار

ايران والسيطرة على المضائق والبحار


19/12/2023

علي حمادة

لم يعد من المكن التغاضي عن التصعيد الخطير الذي تشهده منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وصولا الى الخليج العربي عبر مضيق هرمز. فالأحداث المتلاحقة على مساحة هذه المعابر البحرية ودوائرها الجغرافية تجاوزت الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، وباتت مشكلة إقليمية ودولية حقيقية تنذر بحدوث انقلاب كبير في الإقليم ما لم يتم التصدي للحوثيين ومن خلالهم الإيرانيين بشكل مباشر وحاسم، وموجع. 

القضية لا تتعلق بالشعار الذي يرفعه الحوثيون نيابة عن مشغليهم في ايران. القضية تتعلق بحرب إيرانية غير مباشرة على كل الإقليم بدءاً من الخليج العربي وصولا الى اعلى نقطة في البحر الأحمر، مروراً بمضيقي هرمز وباب المندب. ومن يلقي نظرة الى خريطة المنطقة سرعان ما يكتشف ان ايران تقيم حالياً نوعاً من الحصار البحري على الجزيرة العربية بأسرها. فأعمال القرصنة التي يمارسها الحوثيون، واستهداف السفن، واكثرها لم يعد على صلة بالمصالح الإسرائيلية، والتحالف الموضوعي وربما اكثر من ذلك مع عصابات القرصنة الصومالية للعودة الى سابق أعمالها، كلها عناصر تعكس سياسة إيرانية توسعية في المحيطات والمضائق التي تحاصر شبه الجزيرة العربية. 

اما استهداف سفن تابعة للبحرية الأمريكية او البريطانية او الفرنسية فرفع للتحدي ضد الغرب بأسره. 

واما تهديد مصالح الدول المتشاطئة في البحر الأحمر فتهديد لأمنها القومي بدءا من المملكة العربية السعودية وانتهاء بمصر والأردن. ولعل مصر هي اكثر الدول التي تتوقف حاليا عند هذا التهديد وتأخذه على محمل الجد، نظرا لخطورته الفائقة على امنها الاقتصادي والقومي عموما. فالتضييق على باب المندب وفي البحر الأحمر بقرار يتجاوز ميليشيات الحوثيين يجب ان يوضع في سياقاته المستقبلية. ماذا لو قررت ايران اغلاق باب المندب تحت عنوان آخر؟ وماذا لو قررت اغلاق مضيق هرمز؟ 

ما من شك في ان سياسة الولايات المتحدة في اليمن، خصوصا منذ مجيء الرئيس جو بايدن الى السلطة أسهمت بشكل رئيسي في تعزيز قبضة ايران على اليمن. فقد منعت حسم معركة الحديدة والساحل الشمالي. كما ضيقت على امدادات السلاح النوعي والذخائر المتطورة للتحالف العربي. وشجعت على استهداف كل من السعودية والامارات بشكل بدا فيه ان واشنطن في عهد الرئيس بايدن ستكون كما كانت في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما ميّالة الى الإيرانيين على حساب الحلفاء العرب التاريخيين. 

اليوم يكتشف الرئيس الأمريكي فداحة الخطأ الذي ارتكبته ادارته في سياستها في الشرق الأوسط. يكتشف خطيئة رفع الحوثيين عن لوائح الإرهاب. ويكتشف خطيئة محاصرة الحلفاء على مدى أشهر طويلة الى أن اشتعلت حرب أوكرانيا فبدأ يعود الى دفاتره القديمة. لقد كان الرهان على الدبلوماسية المرنة مع طهران خطأ كبيرا، أسهم في ملء خزائن النظام الإيراني بمليارات الدولارات، وأعاد اطلاق يدها في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغزة من دون حسيب او رقيب.

واليوم وفيما يقف العالم مدهوشاً وهو يراقب قيام ميليشيا الحوثي الخاضعة لطهران بتهديد الملاحة الدولية، والتجارة العالمية، ومصالح عشرات الدول القريبة والبعيدة بات من الجائز طرح سؤال بسيط: هل من وسيلة لتفكيك القنبلة الموقوتة الموضوعة على المضائق والممرات البحرية؟  

ان التحدي اكبر من حرب غزة. انه تحد بمستوى الإقليم والعالم بأسره. لكن اللافت ان القوة العظمى الأولى تتصرف اليوم كالبطة العرجاء.    

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية