النظام الإيراني مستمر في انتهاكات حقوق السجناء.. ما الجديد؟

النظام الإيراني مستمر في انتهاكات حقوق السجناء.. ما الجديد؟


24/08/2021

أعاد اعتراف رئيس منظمة السجون الإيرانية، محمد مهدي حاج محمدي، بصحة مقاطع فيديو مُسربة، وثقت انتهاكات جسيمة واعتداءات بالجملة في سجن إيفين، سيئ السمعة في إيران، قضية السجون الإيرانية وما تشهده من انتهاكات، إلى الواجهة مرة أخرى.

ونشر حاج محمدي تغريدة عبر حسابه الرسمي في موقع "تويتر" قال  فيها: "بخصوص صور سجن إيفين؛ أقبل المسؤولية عن هذه السلوكيات غير المقبولة والالتزام بمحاولة عدم تكرار مثل هذه الأحداث المأساوية والتعامل بجدية مع المخالفين".

جاء تصريح محمدي بعد يوم من تسريب مقاطع فيديو حصلت عليها مجموعة معارضة تطلق على نفسها اسم "عدالة الإمام علي"، بعد اختراق منظومة كاميرات المراقبة الموضوعة في سجن إيفين

واكتفى محمدي بالقول: "أعتذر من الله عز وجل، وقائدنا (علي خامنئي) والشعب الإيراني وحراس السجن المحترمين الذين لن يتم تجاهل جهودهم بالطبع تحت تأثير هذه الأخطاء"، دون أن يشير إلى أي خطة حول كيفية التعامل مع الانتهاكات في السجون الإيرانية سيئة السمعة.

وجاء تصريح محمدي بعد يوم من نشر "أسوشيتد برس" لأجزاء من مقاطع فيديو حصلت عليها مجموعة معارضة تطلق على نفسها اسم "عدالة الإمام علي"، بعد اختراق منظومة كاميرات المراقبة الموضوعة في سجن إيفين، الذي تحتجز فيه السلطات الإيرانية سجناء سياسيين وأولئك الذين تربطهم صلات بالغرب، والذين تستخدمهم طهران كورقة مساومة في المفاوضات الدولية.

وتوعد المتسللون الحكومة الإيرانية باستمرارهم في فضح الممارسات الجائرة لها، وعمليات الإعدام التي تجريها في السجون السرية بحق السجناء السياسيين.

ضرب وسحل ومحاولات انتحار

وتظهر الصور التي سربتها المجموعة الإيرانية المتواجدة في الخارج، مشاهد رهيبة، لما يجري داخل أروقة السجن من ضرب وسحل وامتهان لكرامة الإنسان وأبسط حقوقه.

لقطة توثق سحل أحد السجناء

ومن ضمن المقاطع التي نشرت، يمكن رؤية غرفة التحكم في كاميرات المراقبة، التي تظهر أقساماً مختلفة من السجن على الشاشات، التي أغلقت فجأة وعرضت رسالة للمخترقين جاء فيها: "احتجاج عام حتى يحصل المعتقلون السياسيون على الحرية"، بحسب ما نقلته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.

كما توثق مقاطع فيديو وصور أخرى مشاهد فظيعة داخل أروقة هذا المكان القاتم، تجسدت في قيام مجموعة من الضباط بضرب سجين بطريقة وحشية جداً.

وفي لقطة أخرى كان أحد الحراس يلكم سجيناً في زنزانة مكتظة بالسجناء الموقوفين في ظروف صعبة دون كمامات أو وسائل وقاية من فيروس كورونا المنتشر بشكل كبير في إيران.

 يظهر مشهد آخر سجين يقدم على تحطيم مرآة الحمام للحصول على قطعة زجاج يقطع بها شرايين يده، فيما كشفت لقطات أخرى السجناء، وحتى الحراس، يضربون بعضهم بعضاً

ويظهر مشهد آخر سجين يقدم على تحطيم مرآة الحمام للحصول على قطعة زجاج يقطع بها شرايين يده، فيما كشفت لقطات أخرى السجناء، وحتى الحراس، يضربون بعضهم بعضاً في لقطات وثقتها كاميرات المراقبة، وفق ما أوردته الوكالة الأمريكية.

إلى ذلك، أظهر مقطع آخر سجيناً مغمى عليه في ساحة السجن. فيما عمد الحراس بعد أن سقط على الأرض، إلى مسكه من يديه وسحله على الأرض.

وقد امتد هذا المشهد المهين واللا إنساني لفترة من الوقت، ليرفع بعدها السجين عنوة من على درج.

جحيم سجن إيفين

وتشتهر جميع السجون الإيرانية بقسوة التعذيب والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، لكن سجن إيفين تحديداً يبرز كعلامة ظاهرة بين تلك السجون، إذ يُعتبر السجن أحد أظلم أقبية الاعتقال في البلاد وأكثرها بطشاً.

تشير المعلومات المتوفرة حول السجن الإيراني، الواقع شمال العاصمة طهران، إلى أنه يتسع حالياً لـ 15000 سجين، كما أنه يختص بمن يصنفهم النظام الإيراني كمعارضين خطيرين والمحكومين بالإعدام، على خلفية قضايا سياسية، خاصة من الحركات النسوية وأصحاب الرأي والانفصاليين.

وأبرز ما يتميز به السجن المذكور هو ارتفاع نسبة المثقفين والدارسين وأصحاب الفكر، المعارضين للنظام القائم، لدرجة أن المعارضين والناشطين باتوا يطلقون عليه اسم "جامعة إيفين".

 لدى المنظمات الحقوقية الإيرانية والدولية قائمة طويلة من الاتهامات ضد القضاء الإيراني حول انتهاكات حقوق السجناء وخرق القانون الدولي بشأن حقوق الإنسان في السجون الإيرانية

وكان موجوداً منذ أيام الشاه، إلا أن دوره في قمع الحريات زاد بشكل كبير مع وصول الخميني إلى الحكم في 1979، حيث تحول إلى مكان لإعدام واعتقال المعارضين الشرسين وأصحاب الأنشطة المعارضة المستمرة، والذين يرى فيهم النظام أعداء بارزين له، كأعضاء منظمة مجاهدي خلق أو المتهمين بالاعتداء على مسؤولين في النظام أو المشاركين بانتفاضات كبرى.

وكانت المعارضة الإيرانية قد أعلنت نهاية العام 2020، عن وفاة 7 من أعضائها داخل السجن، وسط تكتمٍ من النظام الإيراني.

وشهد هذا السجن أيضاً مجزرة كبيرة عام 1988، ارتكبها مديره الأسبق، أسد الله لاجوردي، ضد من وصفهم النظام حينها بالمرتدين، حيث تكشف المصادر عن إعدام آلاف المنتمين لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بفتوى من المرشد الأعلى السابق، علي خميني، وفق ما أورد "مرصد مينا".

منظمة العفو الدولية، كانت قد نددت بما يتعرض له المعتقلون الإيرانيون من عمليات تعذيب وحشية، وثقتها من خلال شهادات لـ 7 آلاف معتقل ومعتقلة، بينهم أطفال، تم توقيفهم على خلفية انتفاضة عام 2019.

أبرز ما يتميز به سجن إيفين هو ارتفاع نسبة المثقفين والدارسين وأصحاب الفكر، المعارضين للنظام القائم، لدرجة أن المعارضين والناشطين باتوا يطلقون عليه اسم "جامعة إيفين" 

كلمة معتقلين في السجن بمعناها المذكر تشمل أيضاً المعتقلات من النساء وحتى المعتقلين من الأطفال، بحسب ما يكشف عنه معتقل سابق في السجن، أفرج عنه بكفالة، لافتاً إلى أن إدارة السجن والسجانين يتعاملون مع النساء هناك على مبدأ السبايا، وأن كل شيء مباح لهم ويمنحمهم الأجر والثواب، على حد قوله.

في السياق ذاته، يؤكد المعتقل السابق، أنّ الانتهاكات الجنسية تأخذ في سجن إيفين عدة أشكال، أبرزها الاغتصاب المباشر أو التحرش أو زرع الكاميرات في دورات المياه الخاصة بالنساء، بالإضافة إلى عمليات الابتزاز بكل ما ذكر، مشدداً على أنّ الانتهاكات الجنسية وخاصةً الاغتصاب تتم بشكل عنيف مترافق مع الضرب الجسدي والأذى النفسي، والذي لا يستثني حتى من هن تحت سن 18 عاماً.

إلى جانب ذلك، ينقل المعتقل السابق عن زميلته السابقة، أن معظم النساء المعتقلات داخل السجن يواجهن تهماً بالدعارة والرذيلة وتهماً أخلاقية، للتغطية على التهم السياسية الموجهة لهن، ما يدفع السجانين وإدارة السجن إلى التعامل معهن بطرق لا أخلاقية، مؤكدةً أن الكثير من النساء يتجنبن الحديث عن تجاربهن بسبب تقاليد المجتمع.

انتهاكات مستمرة

ولدى المنظمات الحقوقية الإيرانية والدولية قائمة طويلة من الاتهامات ضد القضاء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية حول انتهاكات حقوق السجناء وخرق القانون الدولي بشأن حقوق الإنسان في السجون الإيرانية، وقد أوضحت تقارير إيرانية وغربية تورط الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، في عمليات إعدام طالت آلاف السجناء في السجون الإيرانية في أواخر عام 1988.

أحد الحراس يلكم سجيناً في زنزانة مكتظة بالسجناء الموقوفين في ظروف صعبة

وتقول المنظمات إنّ أبسط حقوق الإنسان والحقوق المدنية تنتهك بشكل مستمر وواسع في السجون الإيرانية، ولا تعطي السلطات السجناء أي حقوق من حقوقهم الأولية، فيما ينفي النظام الإيراني بشدة هذه الاتهامات ويكرر بأنها مسيسة من منطلق العداء "للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، وتؤكد بأن السجناء يتمتعون بكافة حقوقهم القانونية.

بالمقابل تفيد تقارير متواترة أن المتهم منذ لحظة دخوله السجن يعامل كمجرم ولا يعترف له بحقوقه الإنسانية، وأصبح شتم وإهانة المتهم وحتى ضربه من قبل سلطات السجن أمراً شائعاً ومتبعاً.

تقارير حقوقية إيرانية وغربية أكدت أنه بالإضافة إلى السجون المعروفة والرسمية في إيران، هناك العشرات من مراكز الاعتقال غير القانونية وغير المسجلة في مختلف مدن البلاد

لا يراعى في السجون الإيرانية، مبدأ الفصل بين الجرائم، حيث لا تلتزم سلطات السجون حتى بلوائح "منظمة السجون الإيرانية"، وتنتهك بشكل عام المادة 8 من هذه اللوائح فيما يتعلق بضرورة تصنيف جميع المحكوم عليهم على أساس نوع ومقدار الإدانة والسابقة الجنائية والشخصية والأخلاق والسلوك في السجون الإيرانية.

يذكر أن تقارير حقوقية إيرانية وغربية أكدت أنه بالإضافة إلى السجون المعروفة والرسمية في إيران، هناك العشرات من مراكز الاعتقال غير القانونية وغير المسجلة في مختلف مدن البلاد.

ويقول موقع أطلس السجون الإيرانية: "خلال احتجاجات عام 2009، حتى الأجهزة الأمنية للمؤسسات الحكومية أنشأت مراكز اعتقال مستقلة خاصة بها، وتعرض فيها كل من تم اعتقاله للتعذيب قبل تسليمه للسلطات المختصة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية