المرأة في أبجديات الإخوان.. "مفسدة" البنا

المرأة في أبجديات الإخوان.. "مفسدة" البنا

المرأة في أبجديات الإخوان.. "مفسدة" البنا


14/12/2023

طارق أبو السعد

"وعاء للجنين ومصرف لشهوة الرجل وخادمة للبيت"، هكذا يرى تنظيم الإخوان المرأة، معتبرًا خروجها عن ذلك الدور، فسادًا يجب مكافحته.

فالخروج عن ذلك القالب الذي وضعه فيها تنظيم الإخوان، يستوجب العقاب و"كبح" المرأة، عبر استثارة "ذكورية" الرجال تارة، واستخدام أسلوب التشويه والطعن في شرف النساء اللائي يحاولن "التمرد" على ذلك "البوتق" تارة أخرى.

فعبر منطق "إذا أرخى الرجل الحبل للمرأة فتراً جذبته متراً، وإن كبحها ملكها"، انتهج تنظيم الإخوان خطة لإخماد أي "تمرد" ورغبة لدى الراغبات في الخروج عن النص، مطالبين الرجال بأن يكونوا ذوي "شجاعة" و"غيرة" وأن يحجبوا المرأة "مصدر الشرور" عن المجتمع، كي لا يفسد.

تطبيق عملي

ذلك الموقف الإخواني المعادي للمرأة بدا واضحًا في العام 1934، بعد أن نجحت نعيمة الأيوبي في ليسانس الحقوق وأظهرت تفوقاً ملحوظاً، لتكون الأولى على دفعتها.

وفيما كان قانون نقابة المحامين في ذلك الوقت يمنع المرأة من الحصول على ترخيص للعمل كمحامية، حاول "العقلاء" في ذلك العهد، التخلص من تلك "الرجعية" في الفكر، لبناء المجتمع الجديد، فانبروا مطالبين بتصحيح وضع المرأة في المجتمع، والسماح لها بممارسة دورها شريكًا للرجل.

إلا أن تنظيم الإخوان نظم حملة "هوجاء" في صحيفته التي كان يملكها في ذلك الوقت، ضد تعليم المرأة وعملها، رافعًا الراية الحمراء في وجه كل من يساند الآنسة نعيمة الأيوبي.

اتهامات "زائفة"

واتهم عناصر الإخوان وأقلامه "الفاسدة" المرأة التي ترغب في الالتحاق بسوق العمل لتحقيق ذاتها، بأنها "سيئة السمعة"، تريد أن "تتحلل" من القيم الإسلامية، وأن تمارس "الفحشاء" و"المنكر"، وأن عملها هو بداية طريق "البغاء" و"الفجور".

ولم يكتف الإخوان بتلك الاتهامات فحسب؛ بل إن زعيمهم حسن البنا اتهم في عدد مجلة الإخوان الصادر في أبريل/نيسان 1935، النساء الراغبات في الخروج للعمل، بأنهن يخرجن عن سنن الكون ونواميسه.

وقال البنا: "دعونا أيها القوم من النظريات والكلاميات ولا تخرجوا عن سنن الكون ونظمه، ودعوا المرأة سيدة في بيتها، آمنة في سربها، هانئة بأولادها، سعيدة بزواجها، قائمة بوظيفتها التي أُعدت لها، ولا تزعجوها بالأماني والأحلام والظنون والأوهام".

ووجه سهام نقده بشكل مباشر لصاحبة "الإنجاز" التعليمي، قائلا: "خير للآنسة نعيمة الأيوبي أن تخدم أمتها بأن تعمر بيتها، وأن تكون أسرة تبث في نفوس أبنائها وبناتها الخلق الفاضل، ومثل هذا لكل آنسة تحاول أن تتخذ التعليم العالي سُلماً لكسب العيش"، مختتمًا مقاله، بقوله: "إنها الأهواء عمت فأعمت".

ضد الإسلام

إلا أن الادعاء بأن المرأة الراغبة في التحرر من الفكر الإخواني، بأنها تخرج عن "نواميس" الكون، لم يكن الاتهام الوحيد الذي رفعه البنا في وجهها، بل إنه كتب في عدد مجلة الإخوان الذي صدر بمناسبة المؤتمر الدولي لتحرير المرأة بإسطنبول، واصفًا فعلتها بأنها "ضد الإسلام".

وفيما دعا البنا السيدات والآنسات اللائي سيذهبن إلى المؤتمر إلى العودة لبلادهن وأن يقرن في بيوتهن، سخر الإخوان كل طاقاتهم لمنع المرأة من نيل حقوقها.

فأعداد مجلة الإخوان التي صدرت في 1935، سخر كتابها وهم: حسن البنا، محمد حلمي نور الدين عضو مكتب الإرشاد في ذلك الوقت، وعبد الكريم جاويش، وعفيفي الشافعي، وغيرهم، أقلامهم لتثبيت فكرة أساسية في عقلية المجتمع، ترتكز على أن المرأة خلقت لتكون زوجة لرجل وأما لأبناء، ولا يحق لها أن تنال أي قسط من التعليم إلا بما يساعدها في هذه المهمة، وأن عليها أن تحتجب داخل البيت لا خارجه.

ذلك الفكر كان من يخرج عن إطاره من النساء مصيره الطعن في الشرف، فيما الرجال كان الاتهام بأنه "مخنث" حاضرًا على مائدة التنظيم الإخواني.

الاحتجاب.. سبيل الخلاص

ولم يكتف تنظيم الإخوان بتلك المقالات المنادية باحتجاب المرأة داخل منزلها، بل إنها راحوا يطلقون الاتهامات بالفساد لنساء عصرهم، زاعمين أن خروج النساء إلى الشوارع سبب الفساد وانتشار الضلال.

وفيما لم تستجب الحكومة لنداءات تنظيم الإخوان بمنع النساء من الخروج للطرقات في أطراف مصر الجديدة والعباسية، وإلى المنتزهات العامة، توجهوا للرجال يثيرون حميتهم "الذكورية" ويطالبونهم بتقييد حرية نسائهم وعدم السماح لهن بالخروج.

وقالت مجلة الإخوان في أحد أعدادها: "أيها المسلمون مزقت نساؤنا وبناتنا ثياب الحشمة وانحطت المرأة المسلمة إلى حد تنتحب معه الفضيلة وتنهار له صروح الأخلاق النبيلة، وأن تخرج النساء يوم شم النسيم حيث تهتك المحرمات ويضيع الشرف".

الضرب.. سلاح ردع المرأة

وطالب الإخوان الرجال باستخدام العنف لكبح جماح المرأة، فخاطبوهم بنداء إلى "الرجل المسلم الغيور"، قالوا فيه: " لا تطلق لزوجتك العنان، فتجمح به طويلاً، فالرجل إذا أرخى الحبل للمرأة فتراً جذبته متراً، وإن هو كبحها وشددت يده عليها ملكها".

وقال تنظيم الإخوان، في رسالة تحريضية ضد المرأة: "تأمل جمعية الإخوان أن ترى في قوتكم وشجاعتكم وغيرتكم وتمسككم بدينكم، وأن تمنعوا نساءكم من الخروج في هذا اليوم"، في إشارة إلى يوم "شم النسيم" أو عيد الربيع الذي يحتفي به المصريون.

وفي محاولة من تنظيم الإخوان لإثبات وجهة نظرهم "الزائفة"، انطلقوا في جولة خارجية، فزعموا أن المرأة في اليابان مستعبدة، وفي ألمانيا محرم عليها الخروج للعمل.

ذلك التصور والذي تعدو جذوره إلى مؤسس الإخوان حسن البنا، لم يكن منهج عصره فقط، بل إن تلك الأفكار لا زالت حية، في فكر وتصول التنظيم الإرهابي والحركات المؤيدة له.

عن "العين" الإخبارية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية