
قضت المحكمة العليا في ليبيا بعدم دستورية قانون يفرض ما يعرف بـ"ضريبة الجهاد"، حيث يتم بموجبها اقتطاع نسبة من رواتب الموظفين تتراوح بين 1 و3 في المئة لدعم جهاد العالم الإسلامي ضد القوى الاستعمارية عبر تمويل صندوق جهاد الليبيين، لتنهي جدلا قانونيا تواصل لأكثر من نصف قرن.
وتعود أحداث القضية، وفق نص بيان المحكمة الذي نشرته الجمعية الليبية لأعضاء الهيئات القضائية على حسابها على فيسبوك، إلى كانون / الثاني يناير من العام 2017، حين رفع الموظف الليبي علي السنوسي مناع دعوى قضائية ضد سبع شخصيات سياسية بصفتهم رئيس مجلس النواب ورئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس جمعية الدعوة الإسلامية ورئيس لجنة صندوق الجهاد ورئيس مجلس الوزراء، إضافةً إلى وزير المالية والممثل القانوني لمصلحة الضرائب، قائلا إن الاقتطاع الشهري من راتبه حسب هذا القانون "يخالف المادة الأولى من الإعلان الدستوري الصادر في الثالث من سبتمبر/أيلول 2011".
واستند مناع في مبرراته على ضعف رواتب الليبيين واقتطاع الضريبة بغير رضى، مقابل قدرة الدولة على تحمل هذه الأعباء عبر الأموال المجنبة المخصصة في الميزانية العامة، مضيفا أن هذا الإجراء ذو طبيعة استثنائية انقضت مرحلتها.
يتم بموجبها اقتطاع نسبة من رواتب الموظفين تتراوح بين 1 و3 في المئة لدعم جهاد العالم الإسلامي
وينص القانون الذي ظل معمولاً منذ إقراره قبل نصف قرن، على أن الأهداف التي أنشئ من أجلها تتمثل في "دعم استعداد العالم الإسلامي للجهاد ضد القوى الاستعمارية، وتمكينه من الحفاظ على كيانه واستقلاله، بالإضافة إلى تقديم المساعدة النقدية والعينية إلى أسر الشهداء والجرحى، وضحايا العدوان الاستعماري من أبناء الأمة الإسلامية، والمساهمة في بناء ودعم المنشآت، التي تخدم الدعوة الإسلامية وشؤون المسلمين".
ونقل موقع "ميدل ايست أونلاين"، عن تقارير محلية، رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة لقرار المحكمة، إذ أكد موقع فواصل عبر منشور على منصة اكس يؤكد حصولها على قرار لرئيس حكومة طرابلس بالموافقة على منح الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة سلفة بأكثر من 422 مليون دينار ليبي من استقطاعات صندوق الجهاد، لتغطية تكاليف الحج للعام الهجري 1446، على أن تسوى عند اعتماد الميزانية العامة وفقا للتشريعات النافذة.
ورغم أن حكم المحكمة قضى بعدم رد الأموال المستقطعة، فإن هناك من يدعو لتحريك دعاوى قضائية ضد السلطة التنفيذية لرد هذه الأموال، منذ إقرار القانون، بينما طالب آخرون بمراجعة تشريعات أخرى تعود إلى حقبات سياسية سابقة تفرض استقطاعات مالية مشابهة والطعن فيها.
وأثار القرار القضائي موجة واسعة من الجدل بين الليبيين على المنصات الاجتماعية والتساؤلات حول مصير الأموال التي تم تحصيلها طيلة العقود الماضية وسبل استرجاعها، بينما نبه بعضهم من سيطرة الحكومة على هذه الأموال خارج قانون الميزانية.