العراق يشتعل من جديد... فما علاقة إيران؟!

العراق يشتعل من جديد... فما علاقة إيران؟!


15/07/2018

تواصلت المظاهرات في جنوب العراق، لليوم السادس على التوالي، احتجاجاً على البطالة، وبدأت الاحتجاجات في البصرة، ثم امتدت لاحقاً إلى محافظات جنوبية أخرى مثل؛ ذي قار وميسان والنجف وبابل.

المظاهرات تطالب بحلّ مشكلة البطالة وانعدام الخدمات العامة خصوصاً الكهرباء،وتطالب أيضاً بإنهاء وجود المليشيات التابعة لإيران

واقتحم مئات العراقيين مطار مدينة النجف، المقدسة لدى الشيعة، وأوقفوا الحركة الجوية، أول من أمس، موسعين نطاق احتجاجات على ضعف الخدمات الحكومية والفساد.

وفي مدينة الناصرية في محافظة ذي قار، أصيب متظاهرون وأفراد من قوات الأمن بجروح، بعدما وصل المحتجون للتجمع أمام مبنى المحافظ، بحسب ما أفاد مصدر طبي، وفق ما نقلت شبكة الـ "بي بي سي".

ونقلت وسائل إعلامية عراقية أنباء عن خروج مظاهرات أمام مقر حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، في محافظة ميسان، ومقرات أحزاب أخرى ومنازل بعض النواب والمسؤولين الحكوميين، وإحراق بعضها.

كما خرجت مظاهرات جديدة، أمس، في منطقة خور الزبير (100 كم جنوب غرب البصرة)، هدد فيها المتظاهرون بقطع الطريق المؤدي إلى الموانئ العراقية في حال عدم الاستجابة لمطالبهم بإيجاد فرص عمل وتحسين المستوى المتردي للخدمات الأساسية.

وتظاهر العشرات من الأهالي في ناحية صفوان عند مدخل منفذ صفوان الحدودي مع الكويت (70 كلم غرب البصرة).

وعبر المرجع الأعلى للشيعة في العراق، آية الله علي السيستاني، الذي يندر تدخله في السياسة، عن تضامنه مع المحتجين، وقال: إنهم "يواجهون النقص الحاد في الخدمات العامة، مثل الكهرباء، في ظل حرارة الصيف الخانقة".

وكان التوتر قد تصاعد في البصرة، بعد مقتل متظاهر الأحد الماضي، إثر إطلاق نار خلال تفريق مظاهرة ضد البطالة وانعدام الخدمات العامة، وخصوصاً الكهرباء، بحسب ما قال مسؤولون وشهود عيان.

لم تتوقف مطالب المتظاهرين على الخدمات العامة والوظائف؛ حيث احتلت المطالبة بإنهاء النفوذ الإيراني ووجود المليشيات والأحزاب التابعة لطهران من العراق، جزءاً كبيراً من مطالبات المتظاهرين في مدن جنوب العراق، الأمر الذي يعدّه مراقبون سياسيون رداً من الشارع العراقي على الإرهاب الذي يمارسه النظام الإيراني ضدّ العراقيين طيلة الأعوام الـ 15 الماضية.

وأكد المحلل السياسي والإستراتيجي العراقي علاء النشوع، في تصريح لـصحيفة "العين" الإخبارية: أنّ "المواطن العراقي فهم جيداً أنه ليس بيد أيادٍ عراقية أمينة، توصله إلى برّ الأمان"، مشيراً إلى أنّ المعطيات السياسية والدولية انعكست على الواقع الخدمي في العراق، ولم يحدث أيّ تغيير بعد إجراء الانتخابات.

العبادي اجتمع مع قيادة العمليات العسكرية ومع شيوخ عشائر البصرة ووضع العبادي قواته الأمنية في حالة تأهب قصوى

وأوضح النشوع أنّ دخول بعض عناصر المليشيات التابعة لإيران بين صفوف المتظاهرين أثّر بشكل مباشر على سير التظاهرات، كالهجوم على الممتلكات العامة، مؤكداً أنّ المتظاهر العراقي لا يؤمن بالتخريب لأنه تظاهر من أجل البناء والخدمات.

وشدد على أنّ الاحتجاجات الحالية لن تتوقف لحين إعادة العراق إلى مكانته الإقليمية والدولية وتوفير الخدمات، محذراً في الوقت نفسه من المندسين الذي يعملون وبتوجيه مباشر من إيران؛ لتشويه صورة المتظاهرين ومطالبهم.

من جهته، أشار المحلل السياسي العراقي، عبد الجبار الجبوري، إلى أنّه، وبعد مرور أكثر من شهرين على إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق، إلا أن الانقلاب على النتائج من قبل الخاسرين والنظام الإيراني، والأحداث التي تلتها من احتراق مخازن صناديق الاقتراع في بغداد، وإصدار البرلمان العراقي قرار إعادة فرز 10% من الأصوات يدوياً، جميعها أسباب حالت دون تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر والحكومة، الأمر الذي أدخل العراق في نفق الفراغ التشريعي، وجعل من الحكومة الحالية حكومة تسيير أعمال غارقة في الأزمات.

ولفت الجبوري، إلى أنّ مواطني البصرة اختاروا أن تكون مدينتهم المعروفة رسمية بعاصمة العراق الاقتصادية، أولى مدن جنوب العراق التي تنتفض بوجه الأحزاب والمليشيات التابعة لنظام ولي الفقيه في طهران، فخرجوا إلى الشارع بعفوية، غاضبين مما أصابهم من أزمات.

وقال الجبوري: إن "هذه الاحتجاجات نابعة من صميم الشعب، وليس لديها قيادة، أو جهة تقودها، فهي جماهيرية شعبية جاءت نتيجة الفشل الكبير الذي تعاني منه الحكومة في توفير الخدمات والأمن والاستقرار لهذه المدن وتوفير فرص العمل".

ويرى الجبوري أنّ التدخلات الإيرانية ألحقت الأذى الأكبر بالعراقيين في الجنوب، الذين يعدّون المتضرر الأول من سياسات طهران ودورها الإرهابي في المنطقة، مشيراً إلى أن "إيران تواصل نشر المخدرات بين أبناء الجنوب، وقطعت 41 نهراً عنهم، وملأت أسواق العراق بالأغذية والمنتجات والأدوية الطبية الفاسدة، والكثير من المليشيات التي عاثت في الجنوب فساداً، وأخذت تمثل هاجساً يومياً مقلقاً لأهله".

ومع تصاعد الاحتجاجات، توجه العبادي إلى البصرة قادماً من بروكسل، حيث كان يشارك في اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، واجتمع مع قيادة العمليات العسكرية للمحافظة والمحافظ أسعد العيداني ومدير شركة الطاقة، إضافة إلى لقائه في وقت لاحق مع شيوخ عشائر.

ووضع العبادي قواته الأمنية في حالة تأهب قصوى، أمس، بعد تصاعد حركة المظاهرات، حيث نشرت بعض وسائل الإعلام صورة تعميم صادر من قيادة العمليات المشتركة، يحمل أمراً من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، الجمعة الماضي، يضع جميع الأجهزة الأمنية في حالة إنذار من المستوى ج.

ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء، عن مصادر أمنية لم تسمها، قولها: إنّ "قوات لفرض النظام مكونة من قوات مكافحة الإرهاب والفرقة التاسعة من الجيش العراقي قد نشرت لحماية الحقول والمنشآت النفطية في محافظة البصرة.

ورغم مرور أكثر من 10 أيام على انطلاقة الاحتجاجات الشعبية في محافظة البصرة والمحافظات الجنوبية الأخرى، إلا أنّ الحكومة العراقية لم تتمكن حتى من احتوائها، ولم تستجب لمطالب المحتجين، بينما تستخدم المليشيات التابعة لإيران القوة لإخمادها.

يذكر أنّ صادرات النفط من البصرة تدر أكثر من 95% من عائدات العراق، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ومن شأن أيّ تعطل للإنتاج أن يلحق ضرراً شديداً بالاقتصاد المتعثر.

وتبلغ نسبة البطالة بين العراقيين رسميا 10,8 %، ويشكل من هم دون 24 عاماً، نسبة 60% من سكان العراق، ما يجعل معدلات البطالة أعلى مرتين بين الشباب، حسبما أوردت "فرانس برس".

ويأتي ذلك التوتر في ظلّ محاولات تشكيل حكومة ائتلافية بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت، في 12 أيار (مايو) الماضي، وشابتها اتهامات بالتزوير.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية