الشعبوية والنساء.. "ستعبُر مثلما الليل"

الشعبوية والنساء.. "ستعبُر مثلما الليل"


29/08/2019

"لديّ خمسة أطفال، كان عندي أربعة أولاد، وفي المرة الخامسة، كنتُ ضعيفاً فأنجبت فتاة"!!. هذا ما قاله الرئيس البرازيلي الحالي عن ابنته في نيسان (أبريل) 2017، قبل أن يكون رئيساً لبلاده.
إنّ الحقيقة الصادمة تقول: تكاد الشعبوية والشعبويون يجتمعون على الميل للشوفينية والإساءة للنساء والابتعاد عن اللباقة في التصريحات، وإلهاب مشاعر الجمهور والناخبين وتزييف الحقائق وإنتاج رواية أخرى للأحداث والوقائع والقضايا، ما يعني مخاصمة الإعلام الحر، والحقوقيين ومؤسسات الرقابة، ورفض حقيقة الأصل الإنساني المشترك.

اقرأ أيضاً: الشعبوية تزدهر ولا عزاء للاجئين
من هنا وُصِفت الشعبوية على أنّها مناوئة للديمقراطية الليبرالية. ولعلّ آخر الأمثلة الصاخبة عن ذلك تأتينا من البرازيل، ومن رئيسها الشعبوي اليميني، جايير بولسونارو، فهو اليوم شاغل وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية والصحافة الدولية، بعدما أشار إلى أنّ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ينتقده على تقصيره في حماية غابات الأمازون من الحرائق الحالية؛ لأن ماكرون على حدّ قوله "يغار" من بولسونارو، لأن زوجة الأخير أكثر جمالاً من زوجة الأول وأصغر سنّاً!!

حرائق الأمازون صبّت الزيت على النار في العلاقات المتوترة بين فرنسا والبرازيل منذ وصول بولسونارو اليميني المتطرّف للرئاسة

الإشكالية أنّ ثمة قاعدة انتخابية لا ترى غضاضة في هذا الخطاب الشعبوي المُنافي للأخلاق العامة والقيم الإنسانية، فبولسونارو لم يستقوِ بالسلطة فقط؛ بل إنّ مواقفه تلك سابقة على ذلك، وهي التي صعّدته لسدة الرئاسة في كانون الثاني (يناير) من هذا العام. وقد شاع في الأخبار أنّه في عام 2015، تم تغريمه من قبل المحكمة بسبب تعليق له، في مقابلة صحفية، عن البرلمانية اليسارية ماريا دور روزاريو، والتي قال عنها "إنها قبيحة جداً ولا تُستحق أنْ تُغتصب"!!. كما خضع للتحقيق بسبب تعليقات عنصرية عن البرازيليين الذين ينحدرون من أصول إفريقية، وهاجم أقليات.
بعضهم يُطلق على بولسونارو "ترامب البرازيلي"، وأكثر من يدعمه هم من المسيحيين الإنجيليين؛ بسبب موقفه المناهض للإجهاض، إلى جانب دعوته إلى تخفيف قوانين حيازة الأفراد للأسلحة.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال، أول من أمس، إنّ النساء البرازيليات يشعرن على الأرجح بالخزي من الرئيس بولسونارو، وذلك رداً على سخرية الأخير من زوجة ماكرون على فيسبوك. وتابع قائلاً "لأنني أكنّ الكثير من التقدير والاحترام لشعب البرازيل، آمل أن يصبح لديهم رئيس أهل للمنصب في القريب العاجل".

اقرأ أيضاً: الشعبوية التي قد تلتهم العالم!
بولسونارو، كما في الصورة أدناه، قارن بين مظهري زوجته ميشيل، التي تبلغ من العمر 37 عاماً، وبريجيت زوجة ماكرون، التي تبلغ من العمر 66 عاماً، وكتب على صفحته في "فيسبوك": "لا تذلوا الرجل.... هاهاها" في تعليق أثار انتقادات ووُصِف بأنّه "متحيز جنسياً"، وفق ما جاء في تقرير نشرته "رويترز" .

الصورة التي أيدها بولسونارو وتظهر مقارنة بين ماكرون وزوجته وبولسونارو مع زوجته

وفي تغطيتها للحدث أوردت "وكالة الأنباء الفرنسية" أنّ الحرائق التي تلتهم أكبر غابة في العالم، والتي يعزو العلماء سببها إلى تآكل الغابات المستشري، أثارت غضباً دولياً. وقادت دول أوروبية الهجوم على بولسونارو الذي لم يخفِ (مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب) تشكيكه في التغير المناخي. وذكرت الوكالة أنّ حرائق الأمازون صبّت الزيت على النار في العلاقات المتوترة بين فرنسا والبرازيل منذ وصول بولسونارو اليميني المتطرّف إلى الرئاسة البرازيلية، وأنّ ذلك الخلاف دفع بالسياسيين البرازيليين - بينهم إدواردو نجل بولسونارو - إلى شن هجمات على ماكرون. فوصفه وزير التعليم ابراهام وينتروب بأنّه "انتهازي أبله" و"رئيس بلا شخصية" في عاصفة من التغريدات يوم الأحد 25  آب (أغسطس) الحالي.

باولو كويلو: أطلب السماح من أصدقائي الفرنسيين بسبب الأزمة أو ما سأسميه هستيرية بولسونارو تجاه فرنسا ورئيسها وزوجته

ويوم الجمعة 23 آب (أغسطس)، أعاد إدواردو بولسونارو، المرجح أن يكون السفير المقبل للبرازيل لدى واشنطن، تغريد فيديو لأعمال عنف خلال تظاهرات لحركة "السترات الصفراء" في فرنسا، وقد أرفقه بعنوان "ماكرون غبي". وكان بولسونارو قد أثار أواخر تموز (يوليو) الماضي استياء وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، خلال زيارته لبرازيليا بإلغاء لقائه معه. وقد نشر حينها بثاً مباشراً على فيسبوك لقص شعره في الموعد المحدد للقاء الذي ألغاه بسبب "تضارب في جدول المواعيد"!
وفي وكالات الأنباء العالمية أنّ الكاتب البرازيلي المعروف، باولو كويلو، طلب "السماح"؛ بعد التصريحات السلبية التي أطلقها رئيس بلاده بولسونارو بحق فرنسا وسيدة الإليزيه؛ في إطار الأزمة المرافقة لحرائق الأمازون.
قال كويلو بالفرنسية في تسجيل مصور نشره عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أمس: "هذا فيديو حزين بعض الشيء أطلب فيه السماح من أصدقائي الفرنسيين بسبب الأزمة أو ما سأسميه هستيرية بولسونارو تجاه فرنسا ورئيسها وزوجته".

اقرأ أيضاً: لماذا تعد "الشعبوية" كلمة مشينة؟
ووفق تقرير بثته "وكالة الأنباء الفرنسية" يُعتبر الكاتب، المولود في 1947 في ريو دي جانيرو أحد الكتّاب الأكثر جذباً للقراء في العالم؛ إذ بيع كتابه "الخيميائي" بعشرات ملايين النسخ. وأضاف باولو كويلو متحدثاً عن القادة البرازيليين "فيما (غابات) الأمازون تحترق، هم لا يملكون أي حجة ولا يفعلون سوى إطلاق الشتائم والإنكار والتفوه بالترهات للهروب من مسؤولياتهم". وأضاف الكاتب الشهير "هذه لحظة ظلامية في البرازيل، هي ستعبر كما يمرّ الليل... وأنا أعتذر منكم".

الصفحة الرئيسية