الجدل يحتدم في مصر.. هل يشارك الإخوان في الحوار الوطني؟

الجدل يحتدم في مصر.. هل يشارك الإخوان في الحوار الوطني؟


05/06/2022

أثارت دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ لإجراء حوار سياسي مع قوى المعارضة، عدة تساؤلات بين الأوساط السياسيّة في مصر.

الرئيس المصري سبق أن أعلن أنّه كلف المؤتمر القومي للشباب، الذي يعمل تحت مظلّة الأكاديمية الوطنية للتدريب، التابعة لرئاسة الجمهورية، بتنظيم الحوار السياسي مع جميع القوى، دون استثناء ولا تمييز، ووعد كذلك بحضور الجلسات الختامية للحوار.

من جهتها، أعلنت الأكاديمية الوطنية للتدريب، التي تأسّست في العام 2017، في بيان صحفي يوم 26 نيسان (أبريل) الماضي، أنّ عدداً من اللقاءات سوف تعقد بين كبار المسؤولين، من مختلف القوى السياسيّة والشبابيّة؛ كجزء من الحوار الوطني، لكنّها لم تحدد الجدول الزمني المقترح للحوار.

دينامية المشهد السياسي

بالتزامن مع ذلك، دعا الرئيس السيسي، إلى إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي؛ المكلفة بمراجعة أوضاع المعتقلين السياسيين، وتقييم الإفراج عنهم. وبدورها أعلنت اللجنة في بيان لها، في 3 أيّار (مايو) الماضي، انضمام اثنين من المعارضين، هما: كمال أبو عيطة، الوزير السابق، وزعيم حزب الكرامة المعارض، والمحامي طارق العوضي، من بين آخرين.

من جهته، أكد خالد داود، رئيس حزب الدستور، في تصريحات لموقع "المونيتور" الأمريكي، مشاركته في هذه المبادرة التي وصفها بالإيجابية، مضيفاً: "القوى السياسيّة ستجتمع، قبل مناقشة الرئيس في المطالب والقضايا التي نريد طرحها، في إطار المبادرة الرئاسية". مطالباً في الوقت نفسه بــ "وجود أجندة واضحة قبل الحوار؛ وهو أمر من شأنه أن يشير إلى أنّ الحوار جدي بالفعل، وحتى الآن، تبدو الإشارات الأولية جدية"، بحسب داود.

دعا الرئيس السيسي، إلى إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي

وبدوره، قال عمر خيري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سكاريا التركية، لموقع "المونيتور": "أعتقد أنّه تم اتخاذ إجراءات جادة؛ لتحقيق الإصلاح السياسي، وتوسيع المجال العام في مصر؛ لإتاحة الفرصة للأصوات والحركات السياسية، لتأمين المشاركة السياسية، والإسهام في صنع السياسات العامة". واعتبر أنّ الإفراج عن عشرات السجناء السياسيين مؤخراً، دلالة على جديّة المبادرة.

السناوي استبعد دعوة السلطات المصرية لممثلي الإخوان للحوار، وقال إنّ الحوار بين الحكومة والإخوان غير محتمل، والصفقات مستحيلة

وتوقع خيري أن تشارك الحركة المدنية؛ بجناحيها؛ السياسي والحقوقي في هذا الحوار، لكنّه استبعد مشاركة الإخوان المسلمين.

جدير بالذكر أنّ الرئيس المصري، عبّر عن سعادته بالإفراج عن المعتقلين قائلاً: "الوطن يعانقنا جميعاً، الخلافات في الرأي لا تفسد شؤون الوطن". مؤكداً حرصه على إعادة تفعيل برامج الإصلاح السياسي.

رد فعل الإخوان بين جس النبض والرفض

جدير بالذكر أنّ جماعة الإخوان المسلمين بجناحيها، التزمت الصمت حتى الآن، بشأن مبادرة الرئيس السيسي، بينما قال القيادي البارز في الإخوان، والمبعوث السياسي الدولي السابق للجماعة يوسف ندا، إنّ الإخوان مستعدون لطي صفحة الماضي.

الكاتب المصري عبد الله السناوي، قال في مقال له بتاريخ 8 أيّار (مايو) الماضي، إنّ تصريحات القيادي الإخواني يوسف ندا، التي ترك فيها الباب مفتوحاً أمام إمكانية المشاركة في الحوار؛ تهدف إلى جس النبض؛ لمعرفة ما إذا كانت دعوة الرئيس للحوار، فرصة لإعادة دمج التنظيم في الحياة السياسيّة أم لا.

السناوي استبعد دعوة السلطات المصرية لممثلي الإخوان للحوار، وقال إنّ "الحوار بين الحكومة والإخوان غير محتمل، والصفقات مستحيلة".

ومع تحرك المشهد السياسي، والإفراج المتتابع عن المعتقلين السياسيين، تجدّد الحديث عن مستقبل الإخوان المسلمين، وإمكانيّة اندماج الجماعة في الحياة السياسيّة، بعد 9 سنوات من ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013، والتي أطاحت بها من السلطة.

حسن نافعة: الحوار المقترح يجب أن يشمل جميع الأطراف، بما في ذلك الحركة الإسلاميّة بكل تياراتها، في إشارة إلى جماعة الإخوان

وبينما تكافح الجماعة، التي تعاني من انقسامات داخلية غير مسبوقة، من أجل البحث عن موطئ قدم؛ يضمن تأمين عناصرها، واستمرار أنشطتها وسط القيود التي فُرضت عليها في تركيا وعدة دول أوروبيّة، يتواجد معظم كبار قادتها في السجون، ويواجه بعضهم عقوبات إعدام قاطعة.

في غضون ذلك، وبحسب موقع "المونيتور"، التزمت الجماعة الحذر إزاء التحسن الملحوظ في العلاقات المصرية، مع الدول التي كانت تدعمها بقوة في السابق، حيث تحسنت العلاقات بين مصر وقطر بشكل مطرد، كما عبرت تركيا عن رغبة ملحّة في إصلاح علاقاتها مع مصر، في إطار مساعيها لكسر عزلتها الإقليمية، ويبدو أنّ أنقرة تميل إلى وضع حد للدعم الذي قدمته للجماعة على مدى السنوات الماضية.

من جهتها، رفضت جبهة التغيير التابعة للإخوان المسلمين، والتي تمثل الجناح الأكثر تشدداً داخل الجماعة، الحوار مع السلطات المصرية، ووصفت دعوة الرئيس السيسي بأنّها "مهزلة".

رفضت جبهة التغيير التابعة للإخوان المسلمين، والتي تمثل الجناح الأكثر تشدداً داخل الجماعة، الحوار مع السلطات المصرية

وتجدر الإشارة إلى أنّ جبهة التغيير في الإخوان، نشأت في أعقاب الخلافات الإدارية والتنظيمية العميقة، التي اجتاحت الجماعة بعد عزل مرسي في العام 2013. ولم يكن أعضاء الجماعة راضين عن قادتها وبعض مواقفهم. بعد ذلك، شكلت الجبهة هيكلها الإداري الخاص، لكن المجموعة الأم لم تعترف بها بعد.

فرصة معدومة للمشاركة

يبدو أنّ فرص الإخوان في المشاركة في أيّ حوار سياسي في مصر، شبه معدومة، ففي أكثر من مناسبة، أعرب الرئيس السيسي عن معارضته لفكرة المصالحة مع الإخوان المسلمين، أو أن يكون للجماعة أيّ دور في المشهد السياسي المصري، خلال فترة تولّيه السلطة، مؤكداً أنّ شعب مصر، لن يقبل عودة الجماعة إلى الحياة السياسية مرة أخرى.

من جهة أخرى، قال حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لموقع "المونيتور"، إنّ الحوار المقترح يجب أن يشمل جميع الأطراف، بما في ذلك الحركة الإسلاميّة بكل تياراتها، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.

نافعة لم يستبعد دعوة الإخوان إلى الحوار، مدللاً على ذلك بأنّ الرئيس لم يستبعد أحداً صراحة، وقال إنّ الكرة الآن في ملعب الإخوان، خاصّة وأنّ الجماعة لم تعد تشكل تهديداً أمنياً على المدى القصير. بحسب قوله.

ياسر قورة: من المستحيل تماماً السماح لمجموعة ملطخة بالدماء بالمشاركة في الحوار

على الجانب الآخر، قال ياسر قورة، نائب رئيس حزب الوفد، لصحيفة "الأهرام ويكلي"، إنّه من المستحيل تماماً، السماح لمجموعة ملطخة بالدماء بالمشاركة في الحوار. وأضاف: "يجب أن يكون الحوار مفتوحاً لجميع القوى المدنية، التي اندمجت خلال ثورة 30 حزيران (يونيو) المناهضة للإخوان المسلمين، هذه قوى مدنية وقفت كتفاً بكتف، ضد تحول البلاد إلى دولة دينية".

في غضون ذلك، رفض بعض أعضاء البرلمان المصري، بشكل قاطع، دعوة الإخوان المسلمين لأيّ حوار سياسي. وقالوا إنّ الذين تلطخت أيديهم بالدماء، أو تورطوا في جرائم إرهابية، لا يمكن دعوتهم إلى مثل هذا الحوار الوطني.

 مواضيع ذات صلة:

هل تعود جماعة الإخوان من جديد للمشهد العام؟

بشهادة "القاعدة".. العنف خرج من رحم "الإخوان"

"الإخوان" والتقية السياسية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية