
منذ سقوط مشروعهم في مصر عام 2013، بعد ثورة 30 حزيران /يونيو، التي أطاحت بحكم محمد مرسي، بدأت جماعة الإخوان تبحث عن مسارات جديدة لاستعادة نفوذها. هذه المسارات شملت إعادة التموضع داخل أنظمة هشة مثل السودان واليمن، أو محاولة فرض ضغوط على الدول الفاعلة في المشهد السياسي، وعلى رأسها الإمارات التي أصبحت ركيزة أساسية في مواجهة هذا التيار، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الأمناء" اليمنية.
وذكر التقرير أن الإخوان يدركون أن الإمارات تمثل العقبة الكبرى أمام طموحاتهم في إعادة بناء نفوذهم الإقليمي، سواء في الخليج أو في القرن الأفريقي، أو في بلدان الربيع العربي، التي تحولت إلى ساحات فوضى. ولهذا، فإن الحملات التي تستهدف الإمارات ليست سوى حلقة في سلسلة محاولات مستمرة لكسر موقفها الصلب، لكنها تظل محاولات محكومة بالفشل.
ففي اليمن يبرز حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع الإخوانية في البلاد، كنموذج واضح لهذه الإستراتيجية، وفقا لما أورده التقرير، فخلال الحرب الأهلية استغل الحزب الفوضى لمحاولة فرض نفسه كقوة سياسية وعسكرية شرعية، لكن دوره كان تخريبيا أكثر منه بناءً.
أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو محاولته إسقاط مدينة عدن في آب / أغسطس 2019. في تلك الفترة حاولت قوات موالية للإصلاح، بدعم من عناصر في ما يسمى بالجيش الوطني، السيطرة على العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية، في خطوة تهدف إلى تعزيز هيمنتهم على الجنوب.
الإخوان المسلمين تعلموا من تجاربهم أن الحرب العسكرية ليست الوسيلة المثلى للسيطرة بل الضغط السياسي والإعلامي
لكن هذه المحاولة باءت بالفشل بعد أن تصدت لها القوات الجنوبية، بما في ذلك قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات، التي تمكنت من طرد المسلحين الإخوانيين واستعادة السيطرة على المدينة.
وبعد هذه الهزيمة لجأ الإخوان في اليمن إلى أداتهم المفضلة: التشويه الإعلامي، حيث قدموا شكوى ضد الإمارات، زاعمين أن تدخلها في عدن كان انتهاكا للسيادة اليمنية. لكن الإمارات ردت بحسم، موضحة أن عمليتها العسكرية التي دعمت فيها الحزام الأمني كانت موجهة ضد عناصر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وليست ضد الحكومة الشرعية.
وتتبع الحماعة في السودان نمطا مشابها، فقد استغلت الفوضى الناتجة عن الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع لتقديم نفسها كطرف في معادلة الحكم، عبر تحالفات مع قادة عسكريين وسياسيين يشتركون معها في الأيديولوجيا. لكن هذه التحركات لم تمنع الإمارات من مواصلة دعمها لمشروع الدولة الوطنية، رافضة أي مساومة مع تيارات تسعى لاستغلال الفراغ السياسي لفرض أجندتها، وفقا لتقرير "الأمناء".
التقرير أكد أيضا أن الإخوان المسلمين تعلموا من تجاربهم أن الحرب العسكرية ليست الوسيلة المثلى للسيطرة، بل الضغط السياسي والإعلامي، فقد استخدموا منظمات حقوقية، وتقارير مفبركة، وحملات تشويه لمحاولة إحراج خصومهم دوليا، لكن الإمارات فهمت قواعد اللعبة مبكرا.
وبدلا من الانجرار إلى فخ التبرير أو الدفاع، اختارت الإمارات تفكيك مشروع الإسلام السياسي من جذوره. فبينما تحاول الجماعة استغلال المنابر الدولية، كانت الإمارات تبني تحالفات إستراتيجية مع القوى المؤثرة عالميا، ما جعل هذه الحملات تفقد تأثيرها المباشر.