حوادث الاغتيالات المتتالية التي استهدفت قادة حزب الله وحماس، مصحوبة باندلاع الحرب في قطاع غزة، والهجوم على الجنوب اللبناني، تثير تساؤلات حول موقع السودان من المشهد المستقبلي، خاصة مع سيطرة الإسلام السياسي ممثلاً في حزب المؤتمر الوطني على مقاليد الأمور في حكومة بورتسودان.
ووفق ما نقلت صحيفة (التغيير)، فإنّ هناك استراتيجيات أمريكية لإعادة رسم الشرق الأوسط الجديد تركز على الإسلام السياسي "جماعة الإخوان المسلمين" بطوائفه المتعددة، وفق الخبير الاستراتيجي محمد إبراهيم كباشي الذي قال إنّ وجود إيران ضروري كجزء من السيناريو المرسوم، وإنّ هناك أدواراً ترسم لها لخلق نوع من التماسك في المنطقة.
وقال كباشي: إنّ إيران غير حريصة على استقرار المنطقة، وهي تناور بالمشروع النووي مستخدمة السواتر الأمنية في لبنان وغزة واليمن، مشدداً على أنّ سيناريو الشرق الأوسط الجديد لا مكان فيه للحركات الإسلامية والإسلام السياسي، وعلى أقل تقدير يُتَخَلَّص من قيادات الصف الأول، والتوافق على قيادات جديدة متصالحة مع المشروعات الغربية.
وأضاف كباشي: إنّ حرب السودان ألقت بظلالها على الإسلام السياسي وحزب المؤتمر الوطني الذي أطلق كل قواته وطاقاته الكاملة في هذه الحرب، وأصبح كتاباً مفتوحاً للعالم الغربي، وأكد أنّ عدم التدخل لإنهاء الحرب هو مخطط غربي يرغب في حدوث إنهاك كامل لقوة الإسلاميين الصلبة.
كباشي: سيناريو الشرق الأوسط الجديد لا مكان فيه للحركات الإسلامية والإسلام السياسي، وعلى أقل تقدير يُتَخَلَّص من قيادات الصف الأول والتوافق على قيادات جديدة.
وتوقع الخبير الاستراتيجي أن يتم تجميع بقايا المجموعات الراديكالية للإسلام السياسي، مشدداً على أنّه لن يُسْمَح لهم الانفراد بالسلطة، ويمكن أن يؤدوا أدواراً في مساحات محدودة في فلك ما يطلبه الغرب.
وأكد كباشي أنّ تحالف حكومة البرهان مع إيران ليس مزعجاً، مشيراً إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عندما صنف الدول الداعمة لبلاده وضع السودان ضمن المجموعات الحائزة على رضا إسرائيل، متسائلاً عن وجود خطوط تواصل خفية بين البلدين على خلفية لقاء البرهان ونتنياهو في أوقات سابقة.
"إيران لا تلعب أيّ دور في الحرب بالسودان، وعودة العلاقات الدبلوماسية معها لا تشكل خطراً على أمن إسرائيل"، هذه العبارات قالها مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة الحارث إدريس في مجلس الأمن في نيسان (أبريل) من العام الجاري، وهو الأمر الذي جعل المحلل السياسي محمد لطيف متأكداً من أنّ السودان لن يكون طرفاً ضمن أيّ تحالف ضد إسرائيل، واصفاً علاقاته مع طرفي العداء في الشرق الأوسط بـ "اللعب على الحبلين".
وقال لطيف: إنّ إيران لا تدخل في معارك مباشرة إلا نادراً، وإنّها تحارب إسرائيل بالوكالة، مضيفاً أنّ الوجود الإسرائيلي يصبّ في مصلحتها المباشرة، "وإيران لا تريد زوال إسرائيل ولا إضعافها، لأنّها لا تمثل الخصم الرئيس لها، بل إنّ عداءها مع المحيط السنّي الضخم الذي تتمنى اختفاءه، وترياقه الوحيد الذي يجعله في حالة ضعف ودفاع دائم عن النفس هو إسرائيل!"
وقال لطيف في مقابلة مع صحيفة (التغيير): إنّ السودان كجزء من الفلك الإيراني لن يسعى للدخول في مواجهات مباشرة مع إسرائيل، ومن جهة ثانية يرى طهران مصدراً للسلاح الذي يسعى عبره لإيجاد توازن مع قوات الدعم السريع، ويحتاج لتل أبيب كمدخل للمجتمع الدولي وأمريكا على وجه الخصوص.
وأكد لطيف أنّ حكومة بورتسودان التي تمثل الإخوان المسلمين ستظل توازن بين علاقتها مع إيران كمصدر للسلاح، وعلاقتها مع إسرائيل كنافذة للعلاقات مع الغرب تدفع في قبولها ودمجها في المجتمع الدولي، "لذلك لا أتصور أنّ حكومة البرهان ستدخل في مواجهة ضد إسرائيل".
هذا، وشكك أستاذ السياسة بالجامعات الأمريكية بكري الجاك في إمكانية سماح المجتمع الإقليمي والدولي بقيام سلطة إسلامية في المنطقة.
وقال: إنّ الإسلاميين في السودان سيغيرون جلدهم، وسيتخلون عن أيّ ارتباط بالإرهاب، وقد بدؤوا بالفعل بالتبرؤ من كتائب البراء وغيرها.
وقال الجاك: إنّ إيران ستعمل على توظيف علاقتها ببورتسودان فقط خلال صراعاتها في المنطقة، قاطعاً بأنّها ستتخلى عن حكومة البرهان فور انتهاء غرضها، "وليس بوسع طهران تقديم الكثير من المساعدات للسودان".