"ألوية الوعد الحق": تدعمها إيران ويخفي الحشد الشعبي ارتباطه المباشر بها

"ألوية الوعد الحق": تدعمها إيران ويخفي الحشد الشعبي ارتباطه المباشر بها


10/02/2022

يبعث إعلان ميليشيات "ألوية الوعد الحق" العراقية مسؤوليتها عن الضلوع في الاعتداءات العسكرية والمسلحة بواسطة الطائرات المسيرة على الإمارات، بتساؤلات عديدة ومتباينة، وذلك فيما يتصل بالأهداف التي تجعل ميليشيات عراقية تتورط في الصراع المرتبط باليمن؛ إذ يرى مراقبون أنّ التبعية لإيران، باعتبارها الدولة التي تقدم الدعم اللوجيستي والعسكري والمالي لهذه المجموعات المسلحة، بينما قام الحرس الثوري بهندسة تشكيلها وتموضعها في الإقليم، تفسر هذا الدور المتفلت، لجهة تحقيق المصالح الإقليمية السياسية لـ "الولي الفقيه".

 

اقرأ أيضاً: خطر "داعش" يخيّم من جديد على العراق

غير أنّ ثمّة آراء أخرى، تشير إلى أنّ التبعية أو الحالة الولائية لا تبدو صيغة نهائية مقبولة، بشكل تام، لفهم هذه الحوادث الميدانية التي تنفذها الميليشيات المدعومة من طهران.

استهداف الخليج.. ما حجج إيران؟

وثمة سوابق عديدة للاعتداءات التي قامت بها الميليشيات العراقية ضدّ السعودية والإمارات؛ حيث تتبنى "ألوية الوعد الحقّ" حملة دعائية عنيفة ضدّهما، عبر الوسائط الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي التابعة لها، تحديداً "تلغرام"، بحسب الباحث العراقي، محمد الجبوري، وقد قامت مطلع العام الماضي، بنشر صورة لطائرة قتالية جوية بدون طيار وهي تستهدف برج خليفة في دبي، الأمر الذي قامت بشيء مماثل له صحيفة "كيهان" الإيرانية، القريبة من مكتب المرشد الإيراني، عندما وضعت على غلافها الخارجي صورة للبرج ذاته، وهدّدت باستهدافه بالمسيّرات الإيرانية.

ويشير الجبوري، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "ألوية الوعد الحق" من بين المجموعات المسلحة التي ظهرت مؤخراً، بينما لا ترتبط على نحو تنظيمي مباشر بهيئة الحشد الشعبي، حتى تؤمّن لها مرونة في تنفيذ مخططاتها العسكرية والميدانية دون حساب أو اعتبارات سياسية، محلية أو إقليمية.

 

اقرأ أيضاً: ما الذي تعنيه سيطرة داعش على معاقل بوكو حرام؟

كما يلفت الباحث العراقي إلى توقيت ظهور تلك الجماعات الميليشياوية غير المعروفة في العراق، الأمر الذي يحمل دلالات مهمة حول طبيعة دورها الوظيفي المغاير، وذلك بخلاف ما تقوم به الميليشيات التابعة للحشد، وقد تزامن الإعلان عن تدشينها في أعقاب مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وأبي مهدي المهندس، رئيس هيئة الحشد الشعبي، بواسطة غارة أمريكية.

تنتمي "ألوية الوعد الحق" لإحدى أكبر الميليشيات المسلحة الأساسية المرتبطة بايران؛ إذ إنّها "واجهة من بين عدة واجهات أفرزتها الحالة الثنائية الارتباطية بعد تشكيل الحشد الشعبي"

ويردف: "من بين هذه التنظيمات التي تحاول تحييد نفسها نحو أيّة مرجعية سياسية أو إقليمية أو أيديولوجية أو حركية: "أصحاب الكهف"، و"عصبة الثائرين"، و"سرايا ثورة العشرين الثانية"، و"قوات ذو الفقار"، و"سرايا المنتقم"، و"أولياء الدم"، و"ثأر المهندس"، و"قاصم الجبارين"، و"الغاشية"".

وكلاء إيران وتعبئة الإقليم بالصراع

واللافت أنّ وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، قد نقلت قبل نحو عام، عن مسؤول في التنظيم العراقي قوله: إنّ "قطع الطائرات المسيرة جاءت من إيران وتمّ تجميعها وإطلاقها من العراق"، وذلك في أعقاب أحد الهجمات التي نفذتها على السعودية.

وإثر الهجوم الإرهابي الأخير على الإمارات، نفى الناطق الرسمي بلسان الجناح العسكري للحوثي، يحيى سريع، القيام بأيّ هجوم على أبو ظبي، بيْد أنّه غرّد على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": نبارك العملية الجهادية التي نفّذتها ألوية الوعد الحق، أبناء الجزيرة العربية ضدّ العدو الإماراتي، ونشكر لهم هذا الموقف المشرف والمسؤول والمتضامن مع شعبنا العزيز...".

 

اقرأ أيضاً: الحشد وداعش عدوان في صداقة دائمة

يتفق والرأي ذاته، التحليل الصادر عن معهد واشنطن، والذي يرى أنّ هناك العديد من الأدلة التي تظهر أنّ ""ألوية الوعد الحق" لديها روابط فريدة مع "كتائب حزب الله" (بناءً على تحليل الروابط الإعلامية بين القنوات التي تديرها "ألوية الوعد الحق" و"كتائب حزب الله")، إضافة إلى السيطرة المباشرة لـ "فيلق القدس"، التابع لـ "الحرس الثوري الإسلامي الإيراني"، والتي تعدّ بمثابة بديل واقعي".

الباحث العراقي محمد الجبوري لـ "حفريات": "ألوية الوعد الحق" لا ترتبط على نحو تنظيمي مباشر بهيئة الحشد الشعبي، حتى تؤمّن لها مرونة في تنفيذ مخططاتها العسكرية والميدانية

وكانت أصدرت الجماعة المسلحة العراقية بياناً، تبنّت فيه القصف الذي تعرضت له المنشآت الحيوية والمدنية في أبو ظبي، بواسطة الطائرات المسيّرة، الذي لم يخلف خسائر، حيث قالت: "وجّه أبناء الجزيرة العربية ضربة إلى الإمارات بواسطة 4 طائرات مسيّرة استهدفت منشآت حيوية في أبو ظبي"، كما هدّدت بمواصلة تنفيذ ضربات أخرى، وتابعت: "ستستمرّ ألوية الوعد الحقّ بتوجيه الضربات الموجعة إلى أن ترفع (...) الإمارات يدها عن التدخّل في شؤون دول المنطقة وفي مقدمتها اليمن والعراق.. ستكون الضربات القادمة أشدّ وقعاً وإيلاماً".

من جانبها، قالت وزارة الدفاع الإماراتية في بيان إنّها "على أهبة الاستعداد للتعامل مع أيّة تهديدات، وإنّها تتخذ سائر الإجراءات اللازمة لحماية الدولة التي تفتخر بسمعتها كملاذ آمن للأعمال".

العراق كساحة للتنافس الإقليمي

رأى الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، هذه الجماعة بأنّها مجموعة من "الإرهابيين الخارجين عن القانون، وشدّد على ضرورة عدم "زجّ العراق في حرب إقليمية من خلال استهداف دول خليجية بحجة التطبيع أو الحرب على اليمن وإلى ما هنالك". وأكّد الصدر على أنّ "العراق بحاجة للسلام والهيبة وعدم التبعية لأوامر الخارج، ومن المهم ألّا يكون منطلقاً للاعتداء على دول الجوار والدول الإقليمية".

وتابع الصدر: "المطالبة بوقف الحرب في اليمن ووقف التطبيع، تكون بالحوار والتفاهم مع الدول الإقليمية، وليس بالحرب والقتال وتعريض العراقيين والمقدسات العراقية للخطر".

 وطالب الصدر الحكومة في بغداد بأهمية "التصرف بحزم مع هؤلاء؛ لئلّا يحدث ما لا تحمد عقباه".

 

اقرأ أيضاً: مذكرات منشق داعشي.. ماذا جاء فيها؟

تنتمي "ألوية الوعد الحق" لإحدى أكبر الميليشيات المسلحة الأساسية المرتبطة بايران؛ إذ إنّها "واجهة من بين عدة واجهات أفرزتها الحالة الثنائية الارتباطية بعد تشكيل الحشد الشعبي"، حسبما يوضح الباحث العراقي، الدكتور محمد نعناع، الذي أبلغ "حفريات"؛ أنّ الميليشيات الأساسية الكبرى انضمت رسمياً للحشد الشعبي، وأصبح صعباً عليها، ومحرجاً للحكومة، أن تستخدم أسماءها الصريحة في عمليات الاستهداف الداخلي والخارجي، المرتبط بالبعد الإقليمي والحرب بالوكالة، كما أصبح خطراً وحساساً أن تستخدم عناوينها كفصائل "مقاومة"، بعد أن فشلت العديد من ضرباتها وأصبحت إما محطّ سخرية لعدم دقتها، أو محل إدانة لتهديدها أمان المدنيين ومؤسسات الدولة.

لذلك؛ استخدمت مجموعات جديدة وبأسماء مضللة، بحسب نعناع، غير أنّها تؤدّي الأهداف السابقة نفسها، ومنها "ألوية الوعد الحق"، التي يبدو أنّها تأسست لتقوم بدور خارجي عابر لحدود العراق، وذلك على عكس ما تقوم به جماعة "أصحاب الكهف"، التي تستهدف أرتال الدعم اللوجستي لقوات التحالف الأمريكية فقط، في المحصلة؛ فإنّ هذه الجماعة الأولى تؤدّي الممارسات الميليشياوية نفسها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية