بيروت الحائرة تبحث عن هويتها في أمسية ثقافية

بيروت الحائرة تبحث عن هويتها في أمسية ثقافية

بيروت الحائرة تبحث عن هويتها في أمسية ثقافية


02/07/2025

في أمسية نابضة بالذكريات، توجّه عشّاق بيروت إلى المكتبة العامة التابعة لبلدية بيروت في مونو، مساء الخميس ٢٦ حزيران (يونيو) الجاري، للمشاركة في فعالية ثقافية نظّمتها جمعيتي "السبيل" و"تراث بيروت". شهدت الأمسية لقاءً أدبيًا ارتبط بقراءة في كتاب "بيروت، جدل الهوية والحداثة" للباحث الدكتور نادر سراج، والذي أخذ الحضور في جولة تأمّل بصري وسردي لأزقة المدينة، شوارعها وأسرارها، زاوج فيها بين عمق التاريخ وروح إنسانها.

وقف سراج أمام الجمهور لا كباحث يجرد وقائع، بل كمعشّق يعرف كل زاوية من زوايا بيروت عن ظهر قلب، يتحدث عنها وكأنها شخصّ مباشر يروي قصته. لم يقتصر حديثه على عرض صور أو سرد معالم معمارية؛ بل غاص في تفاصيل المدينة، إنما في الوجوه والحكايات التي لا تزال حيّة في الحجر. بدأ من "درج مدرسة الصنائع"، المؤسسة التي شيدها العثمانيون لتعليم ونهضة الأجيال، ومن ثم "قصر الصنوبر" الذي بنته الانتداب الفرنسي، طابعًا فيها طابع الرفاه والرمزية.

رحل في ذاكرته إلى الأسواق الشعبية والأحياء الفاخرة، إلى نسمات "أفينو دو فرانسيه"، حيث كان أهل بيروت يقضون أوقاتهم في التمشية، قبل أن يتم طمس معالم هذه الحياة تدريجيًا. بعمق ناقد وعشق منشور، التفت إلى تفاصيل الهوية المفقودة، إلى أولئك الذين شكّلوا روح المدينة، لينسج منها سردية عن بيروت ككائن حي يتنفس من ماضيه ويتشكل بمستقبله.

لم يكن المؤرخ التقليدي، بل كان "عينًا للماضي"، تراجع في ذاكرته إلى مشاهد تشوّهت نتيجة الحروب والتقسيمات. أمّا الجمهور، فخرج من الندوة وقلوبهم ملؤها الأسئلة والانبهار، وحنين عميق؛ كأن بيروت نفسها خطت خطواتها داخل المكتبة، تنطق بصدى حجارتها ووجوه أهلها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية