في ذكرى انطلاقتها الأولى .. ماذا حققت مسيرات العودة؟

فلسطين

في ذكرى انطلاقتها الأولى .. ماذا حققت مسيرات العودة؟


26/03/2019

30 آذار (مارس) عام 2018، هو يوم انطلاق مسيرات العودة التي استمرت بشكل متواصل على مدار عام كامل، دون توقف، فيما تطورت أشكال المسيرات وتمددت، لتطال كافة الحدود البرية والبحرية لقطاع غزة، وقد استخدم الشباب المشاركون أساليب متنوعة فيها، لمواجهة نيران الجيش الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً: قيادي حمساوي يُسقط "حق العودة" من مطالب الحركة
في الوقت ذاته، وجراء المشاركة الواسعة لأهالي غزة في المسيرات الحدودية، استشهد 265 مواطناً فلسطينياً، وأصيب نحو 29 ألفاً آخرين، نتيجة استخدام قوات الاحتلال أعيرة نارية محرمة دولياً، مثل؛ الرصاص المتفجر، ورصاصة الفراشة التي تركت آثارها على جسد كلّ غزاوي.
ويبقى التساؤل الأهم أمام ذلك؛ ماذا حققت مسيرات العودة مع اقتراب عامها الأول من إنجازات لأهالي غزة؟ وهل تمكنوا من استعادة حقوقهم التي أعلنوا عنها مع بداية انطلاق المسيرات؟ محللون سياسيون تحدثوا لـ "حفريات" في أحاديث منفصلة عن أهم نجاحات مسيرات العودة وإخفاقاتها.
30 آذار (مارس) عام 2018، هو يوم انطلاق مسيرات العودة

حقّ العودة
وفي هذا السياق؛ يقول الكاتب والمحلل السياسي، عاهد فراونة، لـ "حفريات" إنّ "مسيرات العودة فعل نضالي راقٍ، استطاعت إعادة حق العودة الى الواجهة، بعد أن حاول الاحتلال تغييبها خلال السنوات الماضية، وجعلها أمراً في طي النسيان؛ حيث جاءت هذه المسيرات والالتفاف الجماهيري حولها، لإيصال رسالة للعالم أجمع أنّ مقولة "الكبار يموتون والصغار ينسون" لا تنطبق على أبناء الشعب الفلسطيني، الذين ما يزالون يتمسكون بحقهم في العودة".

اقرأ أيضاً: مليونية مسيرة العودة في غزة: لم ننس ولم نمت ولن نستسلم
وفي نظر فروانة، فإنّ "مسيرات العودة أعادت الاعتبار إلى القضية الفلسطينية، التي حاول كثيرون القفز عنها، وجعلت هذه القضية العادلة تعود إلى واجهة القضايا العالمية من جديد، إضافة إلى ذلك؛ فهي شكلت حالة وحدة مميزة بين مختلف الفصائل من خلال مشاركة الجميع فيها، وكانت مجالاً رائعاً تم خلاله القيام بعدد من الفعاليات الشعبية، لإعادة حقّ العودة إلى الواجهة".
وفي المقابل؛ ثمة عدد من السلبيات التي شابت مسيرات العودة الكبرى، أبرزها، كما يقول المحلل الفلسطيني، "عدم المحافظة على سلميتها، وهو ما أدى إلى ارتقاء عدد كبير من الشهداء، وإصابة الآلاف منهم، بإعاقات دائمة دون توفير الرعاية المناسبة لهم".
 مسيرات العودة أصبحت تخدم أهدافاً تكتيكية حرفتها عن هدفها الإستراتيجي

مشاركة فصائلية
ويشير فروانة إلى أنّ مسيرات العودة أصبحت تخدم أهدافاً تكتيكية حرفتها عن هدفها الإستراتيجي، وأبرزها ربطها بفكّ الحصار، ما أدّى إلى تراجع الزخم الجماهيري الذي بدأت به هذه المسيرات، وأصبحت في كثير من الأحيان تقتصر على المشاركة الفصائلية؛ بعيداً عن المشاركة الشعبية والتي تحمل الرسالة الأقوى.

حرب: تجب إعادة النظر في آلية المواجهة مع الاحتلال، ووضع رؤية سياسية محددة في مسيرات العودة

وبيّن أنّ الاحتلال الإسرائيلي عمل على استدراج هذه المسيرات، وربط فعالياتها وتصاعدها بأمور إنسانية وحياتية وتقديم المساعدات، لافتاً إلى أنه رغم أهمية الجانب الإنساني في حياة سكان قطاع غزة، وحقه بالعيش بكرامة وإنسانية؛ إلا أن ذلك لا يكون بتسخير هذه المسيرات من أجل خدمة هذا الهدف، والوقوع في مربع لا ينبغي التدحرج إليه.
من جهته، دعا المحلل السياسي جهاد حرب، حركة حماس إلى توجيه بوصلتها نحو الضفة الغربية، والاهتمام بأدوات المقاومة الشعبية، كما في غزة، وعدم التفرد بالقيادة.
ونوه حرب في تصريح لـ "حفريات"؛ بأنّ مسيرات العودة لديها إنجازات وإخفاقات في الوقت نفسه، موضحاً أنّ إنجازاتها تتعلق في تعزيز الإيمان بالمقاومة الشعبية، واندماج حركة حماس في هذا الإطار وقيادتها لها، تحدياً للاحتلال الإسرائيلي، بطريقة مغايرة للطريقة التي يتعامل بها مع الفلسطينيين.
أعادت للقضية الفلسطينية مكانتها
ويقول حرب: "مسيرات العودة وسعت من مشاركة الجمهور الفلسطيني في المقاومة الشعبية، لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتوفير مساحة واسعة لابتكار مزيد من الأدوات والأساليب لإدارة تلك المسيرات، إضافة إلى أنّها أعادت للقضية الفلسطينية مكانتها، وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية استمرار الاحتلال لخرق القوانين، والقرارات الدولية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين".

اقرأ أيضاً: مسيرة العودة الكبرى إلى فلسطين: قوة الحق تتحدى بطش الاحتلال
وتكمن إخفاقات مسيرات العودة في افتقارها إلى ضبط إيقاع عملية المواجهة، وفق حرب، مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من المواطنين المشاركين بتلك المسيرات، مشدداً على أنه كان بالإمكان تخفيف حجم الشهداء والإصابات من خلال توجيه المتظاهرين بشكل صحيح، لعدم تعرضهم للخطر.
ويلفت إلى أنّ المسيرات أخفقت في تحقيق الأهداف؛ حيث حرفت النضال السلمي الفلسطيني من خلالها ربطها بمساعدات إنسانية، وبعض التسهيلات لسكان قطاع غزة، خصوصاً أنّ تلك الأموال لم يكن لها مردود إيجابي على الفلسطينيين، وزادت من تحكم الاحتلال الإسرائيلي بسكان القطاع وعززت الانقسام.
مسيرات العودة لم تنجح في كسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة

تسهيلات محدودة
وبحسب حرب؛ فإنّ مسيرات العودة لم تنجح في كسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وأنّ الأهداف التي انطلقت لأجلها ما تزال تراوح مكانها.
ويطالب بإعادة النظر في آلية المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، ووضع رؤية سياسية محددة في مسيرات العودة، وأن تكون جزءاً من النضال الشعبي الفلسطيني الموجه ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، مع العمل على دعم المقاومة الشعبية في الضفة الغربية ومدينة القدس؛ حيث إنّ حركة حماس لا تشارك فيها، في الوقت التي تتخذ من مسيرات العودة في قطاع غزة وجهاً للمقاومة الشعبية.
وأرجع حرب سبب غياب حركة حماس عن المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، إلى أنّها "تريد أن تكون هي القائدة من خلال وضع أجندات لهذا النوع من المقاومة، لذلك تتزعم المقاومة الشعبية في قطاع غزة، وترفض المساهمة في المجال ذاته بالضفة الغربية؛ لأنّ هناك نزعة حول التفرد في قيادة العمل لديها.
المسيرات لم تنحرف عن بوصلتها
ويعارض المحلل والكاتب السياسي حسام الدجني الرأي القائل بانحراف مسيرات العودة عن بوصلتها، ويرى أنّها "أحيت مبدأ وفكرة حق العودة في ظل الواقع العربي المرير، وفي ظل عجلة التطبيع، فهي عززت القرارات الدولية الداعمة لحق العودة في الوعي الجمعي الفلسطيني، ووجهت الشعب الفلسطيني باتجاه البوصلة الحقيقة، وهي الاحتلال الإسرائيلي بدلاً من التفرغ للقضايا الداخلية والمناكفات، إضافة إلى إحياء فكرة الحصار الإسرائيلي".

الدجني: مسيرات العودة فرغت طاقات الشعب الفلسطيني في الاتجاه السليم لاستعادة الوعي والنضال الوطني ومواجهة الاحتلال

ويؤكد أنّ مسيرات العودة "وحّدت الفصائل الفلسطينية على العنوان الصحيح، وهو الاحتلال الإسرائيلي، وفرّغت طاقات الشعب الفلسطيني في الاتجاه السليم لاستعادة الوعي والنضال الوطني الفلسطيني، باستخدام أدوات المقاومة الشعبية التي أربكت الشارع الإسرائيلي، وجعلت الاحتلال يلجأ إلى تفاهمات مع حركة حماس، لوقف هذه الأدوات، خاصة مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية".
وعن إخفاقات مسيرات العودة؛ أوضح الدجني أنّ تلك المسيرات أفضت إلى بعض الخسائر، ما يستدعي مراجعة من خلال تعزيز الوعي الفلسطيني لكل المشاركين في هذه المسيرات، لضرورة تعظيم المكاسب السياسة والإعلامية، وتحقيق الأهداف الأساسية لها.
مليونية العودة
وفيما يخص مليونية العودة التي دعت إليها الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار في الثلاثين من الشهر الجاري، والذي يصادف الذكرى السنوية الأولى لانطلاقها، أشار الدجني، إلى أنّ هذه المليونية مرتبطة بما قبلها؛ "ففي حال نجحت التفاهمات برعاية مصرية وأممية، وتمّت إعادة الحقوق، وكان هناك تفاهم وطني حولها، فإنّ تلك المليونية سوف تكون احتفالية كبرى للشعب الفلسطيني".
ونبّه إلى أنّه في حال عدم نجاح التفاهمات، فإنّه من الممكن أن تكون هناك أساليب عنيفة، وقد يكون هناك خسائر بشرية كبيرة في صفوف المشاركين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية