"يوم المسجد المفتوح" في ألمانيا لمواجهة دعاة التشدّد والإرهاب

ألمانيا

"يوم المسجد المفتوح" في ألمانيا لمواجهة دعاة التشدّد والإرهاب


09/10/2019

قبل أيام قليلة، تجدّدت الفعالية السنوية لما يعرف بـ "يوم المسجد المفتوح"، في ألمانيا، التي اعتادت أن تنظمها المساجد الإسلامية، منذ عام 1979، بهدف التعريف بالدين الإسلامي وتعاليمه، واستقبال الزوار غير المسلمين، للمشاركة في العديد من الأنشطة داخله، وتلقي أسئلتهم المختلفة؛ سواء فيما يتّصل بالإسلام، وتاريخ المسجد، من ناحية العمارة والأثر، وكذا، دوره في المجتمع؛ إذ يسعى المنظمون عمداً إلى اختيار المسجد كمكان للندوات والفعاليات، للتأكيد على أنّ مساحة المسجد إنّما تتجاوز الفكرة الطقوسية والشعائرية، إلى دور أكثر تنوعاً وشمولاً في المجتمع.
استقبال الزوار غير المسلمين للمشاركة في العديد من الأنشطة

المسجد للجميع
وتحت شعار "الإنسان هو من يصنع الوطن"، التقى في مسجد "كولونيا المركزي"، في الثالث من تشرين الأول (أكتوبر)، الذي يصادف تاريخ توحيد ألمانيا، العديد من الشخصيات المهتمة بالدين الإسلامي بالجالية المسلمة، وكان من بين الحضور؛ مانفريد لوتشا، وزير الشؤون الاجتماعية والاندماج، في مقاطعة بادن فورتمبيرغ، وقد أثنى على دور المسجد، منذ عقود، في التقريب بين المفاهيم الإنسانية والقيم الدينية، وسعيه لتأكيد شروط الاندماج في المجتمع الألماني.

رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا يدعو لمواجهة العداء للإسلام ويطالب بتوخي الحذر في الربط بين الإرهاب والإسلام

وقال في كلمته للجالية الإسلامية: "بذلتم جهوداً كبيرة لإعادة بناء ألمانيا بعد الحرب، ولا يمكن الاستهانة بهذه الجهود على الإطلاق، هذه الأمور معروفة، كان هنا دائماً تعاون بين الأديان وسيظلّ هكذا".
في هذا التقليد السنوي؛ الذي ينظمه المجلس المركزي للمسلمين، وتشارك فيه عدّة مساجد في ألمانيا، ويتوافد الآلاف على فعالياته، يهدف إلى التبادل الثقافي، ومواجهة الدعاية السوداء والعنصرية لليمين المتطرف، وهجماته المتكررة ضدّ المهاجرين العرب والمسلمين، إضافة إلى التصدي لأنماط التديّن المتشدّد، وجماعات العنف الديني التي صدّرت صورة نمطية ومشوّهة عن الإسلام، ساهمت في صعود موجة كراهية وتعبئة مضادة، فضلاً عن حوادث قتل وتفجير، كما جرى في تفجيرات بروكسل وباريس، بين عامَي 2015 و2016.

هذا التقليد السنوي تشارك فيه عدّة مساجد في ألمانيا

المسلمون والاندماج في أوروبا
تبلغ نسبة المهاجرين في ألمانيا نحو سبعة ملايين نسمة، وتتواجد ما يقرب من 400 هيئة إسلامية، ونحو 300 مسجد في العديد من المدن والمقاطعات والولايات ببرلين، إضافة إلى المراكز الإسلامية المختصة بالمبادرات الثقافية والتوعوية، سواء بين الجاليات المسلمة وغيرها، وبحسب الإحصائيات الرسمية؛ فإنّ الإسلام يأتي في المرتبة الثانية من حيث الاعتناق، ونسبة المسلمين تصل لنحو 5% من إجمالي عدد السكان.

اقرأ أيضاً: ألمانيا: كيف تتم حماية النساء في مراكز استقبال اللاجئين؟
ومن بين القضايا التي جرت مناقشتها؛ ندرة الأئمة والدعاة المؤهَّلين لأداء مهامهم، حيث تسبّب العديد منهم في الترويج للأفكار المتشددة، وعزل الشباب عن الاندماج، ومن ثم الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، ما ساهم في الربط بين الإسلام والعنف وحوادث الإرهاب، لذا، أوصى مجلس العلم في ألمانيا بأن يجري تدريب الوعاظ والأئمة وعلماء الدين الإسلامي، الراغبين في العمل كأئمة مساجد داخل البلاد، في جامعات ألمانية، وتوفير كافة الدعم المالي والأكاديمي لهم، بغية تطوير علوم الدين والعلوم المرتبطة به، في الجامعات الألمانية، وذلك عبر تدشين مراكز للتدريب في الجامعات، مختصة بأبحاث علوم الدين الإسلامي.

تقدّم المساجد جولات تعريفية بطبيعة المسجد ونشاطاته الدينية والاجتماعية والثقافية ويتلقّى الزوار معلومات عن العمارة والتاريخ والحياة اليومية للمسلمين

كما أوصى مجلس العلم في تقريره، بأن يتمّ تطوير الدراسات المتعلقة بالدين المسيحي واليهودي، ومجمل الدراسات اليهودية، في الجامعات الألمانية، والأخذ في الاعتبار التحولات المجتمعية ورهاناتها الجديدة، خاصّة في ظلّ التحوّل إلى "مجتمع قطبي دينياً"، بينما وجه التقرير ضمن توصياته الكليات الكاثوليكية والبروتستانتية، بضرورة الاهتمام بالعلوم الدينية والقضايا الواقعية، ودمجها في المجال البحثي، بهدف تقديم أبحاث متنوعة، تشارك فيها مختلف الكليات المتخصصة، وممثلين من الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية، والمجلس الأعلى لليهود، والمنظمات الإسلامية، في ألمانيا، لتتمكن من إصدار توصياتها.
 تهدف هذه الفعالية إلى تقريب الزوار من الإسلام

العمارة والتاريخ والإنسان
وإلى ذلك، شدّد في كلمته، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، أيمن مزيك، على ضرورة مواجهة تنامي الأجواء المعادية للإسلام في ألمانيا، وطالب وسائل الإعلام بتوخي الحذر في مسألة الربط بين الإرهاب والإسلام، وأكّد على أن الإرهاب عوامله عديدة، ولا يمكن وضعه في سياق أحادي، وهو ما سوف ينجم عنه تنامي مشاعر الكراهية والتهديد للمسلمين.
من جهته، أشار الدكتور عاصم حفني، الأستاذ في جامعة ماربورغ، إلى أنّ "يوم المسجد المفتوح"، هو تقليد سنويّ يحييه المسلمون في ألمانيا، ويوافق يوم الوحدة الألمانية؛ حيث يريد المسلمون بذلك التأكيد على أنّهم جزء من هذه الوحدة، ومن المجتمع الألماني، كما تهدف هذه الفعالية إلى تقريب الزوار من الإسلام، فالمسجد ليس مكاناً للصلاة فحسب؛ بل للتبادل الثقافي عبر اللقاءات والندوات أيضاً، حيث يصل عدد زوار المساجد 100 ألف شخص.

اقرأ أيضاً: هل تنجح ألمانيا في استحداث نسخة أوروبية من الإسلام؟
ويضيف لـ "حفريات": "تقدم المساجد في هذا اليوم جولات تعريفية بطبيعة المسجد ونشاطاته الدينية والاجتماعية والثقافية؛ حيث يتلقى الزوار معلومات عن العمارة والتاريخ والحياة اليومية في المساجد، وتفتح المساجد أبوابها أمام الزوار من جميع الانتماءات الدينية والعرقية، وتتيح لهم إمكانية التعرّف إلى الإسلام والمسلمين من خلال الحوار المباشر، بهدف تصحيح المفاهيم والصور النمطية عن الجانبين، وهذا اليوم يعدّ كذلك مناسبة مهمة لإيصال عدة رسائل سواء إلى اليمين المتطرف، أو إلى فئات المجتمع الألماني التي تعاني من الإسلاموفوبيا بسبب الإسلام المتشدّد".
وفي هذا اليوم، يتعرّف الزوّار إلى الإسلام عملياً، بحسب حفني؛ حيث يخلعون أحذيتهم قبل الدخول إلى مكان الصلاة، كما يشاهدون كيف يتوضأ المسلمون، وبعد جولة التعرّف إلى المسجد، يستمعون إلى محاضرة يتناسب موضوعها والأحداث الجارية؛ حيث دارت هذا العام في أكثر من مدينة عن مفهوم الوطن والانتماء، بعد ذلك يمكن للزوار أن يستمتعوا بمأكولات ومشروبات تعكس ثقافة الدول الإسلامية، كما يمكنهم المشاركة في ورشات عمل للرسم والخطّ العربي، والحصول على هدايا رمزية متنوعة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية