29 عاماً على رحيله.. بليغ حمدي: وقف على باب مولاي.. وسافر من عدى النهار للحلوة بلادي السمرا

29 عاما على رحيل العبقرى.. بليغ حمدى.. الجن الذى وقف على باب مولاى.. وسافر من عدى النهار للحلوة بلادى السمرا.. ورفض تلحين هسيبك للزمن بسبب قسوة الكلمات.. وخطب سامية جمال على إيد صباح.. وتزوج وردة عند نجوى فؤاد

29 عاماً على رحيله.. بليغ حمدي: وقف على باب مولاي.. وسافر من عدى النهار للحلوة بلادي السمرا


17/09/2022

زينب عبدالله

مرّت 29 عاماً على رحيل عبقري الموسيقى، الموسيقار الكبير بليغ حمدي، مداح القمر الذي رحل عن عالمنا في 12 أيلول (سبتمبر) عام 1993، لكنه سيبقى حاضراً دائماً بألحانه وأعماله العابرة للزمن والتي ساهمت في نجومية عمالقة الطرب وأمتعت الملايين، بليغ حمدي أحد مبدعي ومجددي الموسيقى في مصر والعالم العربي، الجن الذي يستطيع أن يسحرك بموسيقاه المتنوعة، فتطير حباً وشوقاً حين تسمع ألحانه العاطفية التي أبدعها لعمالقة الطرب، وتدمع عيناك حين تسمع ألحانه الدينية التي شدا بها سلطان المداحين الشيخ سيد النقشبندي وأشهرها أنشودة مولاي، وتشعر بكل معاني الانتماء وحب الوطن التي عبرت عن المشاعر في أوقات الانكسار والانتصار من عدى النهار إلى يا حبيبتى يا مصر، وبسم الله، وعلى الربابة، وحلوة بلادي السمرا وغيرها.

لحن بليغ حمدى أجمل الألحان لعمالقة الغناء ومنهم؛ كوكب الشرق أم كلثوم وشادية وعبدالحليم حافظ ومحمد رشدي وميادة الحناوي وغيرهم الكثيرين، واكتشف وساهم في نجومية عدد من كبار المطربين ومنهم الفنان الكبير علي الحجار.

استطاع بليغ حمدي أن يطوع النغمات كما يريد وكأنه يغزلها ويأتي بها من عالم ساحر فتنقلك إلى عالم أكثر سحراً وجمالاً ، وبقدر هذا السحر كانت حياة بليغ مليئة بالحب والهجر والفوضى والرقي والجمال وبها الكثير من المفارقات والمعلومات التي قد لا يعرفها الكثيرون.

بليغ حمدي والفنانة وردة الجزائرية

جمع بليغ حمدي بين محبة الجمهور بكل طبقاته من الفلاح البسيط إلى الملوك والرؤساء، وكما استلهم عدد من ألحانه من التراث الشعبى وما يجري على لسان البسطاء أبدع عدد من أعماله بتوجيهات رئاسية وملكية، حيث جاء تعاون بليغ حمدي والنقشبندي باقتراح من الرئيس أنور السادات عندما حضرا فرح ابنته فاقترح السادات أن يتعاونا، وقال أتمنى أن أسمع صوت الشيخ النقشبندي يشدو بألحان بليغ، وكان النقشبندي متخوفاً من هذا التعاون لا يخيل كيف يتعاون مع بليغ الذي اعتاد تلحين الأغاني الرومانسية حتى أبهره بليغ فى تلحين نشيد مولاي، وقال الشيخ " بليغ ده جن"، وأسفرت نفس الجلسة عن تلحين 9 ابتهالات لحنها بليغ للنقشبندي خلاف ابتهال مولاي.

وكما لحن بليغ حمدي عدداً من ابتهالات الشيخ سيد النقشبندى بناء على طلب رئاسي لحن أغنية بهية وهي إحدى أشهر أغاني محمد العزبي بأمر ملكي وهو ما كشفه العزبي في أحد حواراته، مؤكداً أنّ الملك الحسن الثّاني كان السبب  في أن يلحّن بليغ حمدي أغنيّة عيون بهيّة، التي كانت سبباً في شهرة العزبي.

وقال الفنان محمد العزبي، في حواره، أنه في إحدى حفلات عيد العرش سأل الملك الحسن الثاني بليغ حمدي لماذا لا تلحن للعزبي؟، فوعد عبد الحليم حافظ الملك بأن يغنّي العزبي في الحفلة القادمة من ألحان بليغ حمدي، وبالفعل كتب الشاعر محمد حمزة كلمات أغنية بهية ولحنها بليغ حمدي.

وبالرغم من أن بليغ لحن عدداً من الأغانى لكوكب الشرق أم كلثوم وصل عددها إلى 11 لحناً، وهي: "حب إيه، حكم علينا الهوى، ألف ليلة وليلة، الحب كله، إنا فدائيون، فات الميعاد، بعيد عنك، كل ليلة وكل يوم، سيرة الحب، أنساك، ظلمنا الحب"، إلا أنه رفض تلحين أغنية هسيبك للزمن، رغم أنّ الجميع كان يسعى للتلحين لكوكب الشرق. 

وفى لقاء تلفزيونى للموسيقار الكبير بليغ حمدى كشف أنه رفض تلحين أغنية "هسيبك للزمن"، موضحاً أن صديقه عبدالوهاب محمد عرض عليه تلحينها ولكنه بعد أن قرأ الكلمات وجد فيها " قسوة على الحبيب" – على حد قوله- قائلاً: "إزاى حبيب يقول لحبيبه هسيبك للزمن..إبكي مش هسأل عليك اشكي مش هرحم عينيك..أنا مقدرش أقول كدة لحبيبي مهما حصل ..الحب حنية مش قسوة وعلشان كدة رفضت تلحين الأغنية لأني مقتنتعتش بكلامها"، وبالفعل لحن الموسيقار الكبير رياض السنباطي هذه الأغنية بدلاً من بليغ حمدي.

كانت حياة بليغ حمدي ثرية أيضاً بقصص الحب والمغامرات العاطفية، فلم يكن يستطيع أن يعيش أو يبدع بلا قصة حب، وكانت أكثر هذه القصص عمقاً وبقاء، ورسوخاً في أذهان الجمهور هي قصة حبه للفنانة الكبيرة وردة، والتي أثمرت عن فيض من الإبداعات الموسيقية التي لحنها بليغ حمدى لوردة.

ولكن قد لا يعرف الكثيرون أنّ بليغ حمدى ارتبط فى فترة من حياته بالفراشة سامية جمال قبل ارتباطها بالدنجوان رشدى أباظة وتطورت قصة حبهما إلى خطوبة ولكنها لم تكتمل بالزواج، ونشرت تفاصيل هذه القصة مجلة الكواكب عام 1959 ، تحت عنوان "قصّة خطبتهما.. كما كتبتها سامية جمال وراجعها بليغ حمدي".

وقبل إعلان خطبة بليغ وسامية جمال تداولت الشائعات أنباء قصة حبهما، وكتبت سامية جمال في هذا العدد أن الشائعات تناثرت حول علاقة حب تجمعها ببليغ حمدي، وحينها اتهمت بليغ بأنه هو الذي يسرب هذه الأخبار والتفاصيل، وأقسم بليغ بأنه بريء من ذلك ولكنها أبلغت أحد أصدقائهما بأن ينقل لبليغ رغبتها في تجنب هذه الشائعات بالابتعاد عنه حتى تستريح.

وتابعت سامية جمال فيما كتبته عن خطبتها لبليغ، أنها فوجئت باتصال ببليغ يستفسر عن قرارها فأبلغته بأنها مصرة على أن يبتعدا، فشكرها وأغلق الهاتف.

وعن ذلك قال بليغ إنه كان متأكداً بأنّ علاقته بسامية جمال لن تنتهى بهذه الصورة.

وأضافت سامية جمال: "مر شهر على هذه المكالمة ومرض صديق مشترك وذهبت لزيارته وفوجئت بوجود بليغ، الذي ظل يرحب بي في اهتمام بالغ، ودعانا صديقنا لتناول الغداء في اليوم التالي، وحينها شعرت بحب بليغ ولم أنكر فرحتي بهذا الحب".

وأكدت فراشة السينما أنها فكرت في هذه العلاقة بعد أن استعرضت حياتها والعزلة التي فرضتها على نفسها ورفضها لعدد ممن تقدموا للزواج منها، مشيرة إلى أنها شرحت لبليغ كل ظروفها ومشاكلها، وعرض بليغ عليها الزواج قائلاً: "إنني أحبك وأقصى أمنيتي أن أتزوجك ويوم توافقين على الزواج أرجو ألا تبخلي على بإعلان هذه الموافقة".

وأكدت سامية أنها أبلغت بليغ بموافقتها وكان ذلك بعد انتهاء سهرة ليلة الأحد في الرابعة صباحاً ففرح بليغ وأخبرها أنه سيشتري الدبل في اليوم التالي.

وعقب بليغ على ذلك مشيراً إلى أنه بعد اتفاقهما على الزواج ولأنه يعلم أن سامية تتشاءم من يوم الثلاثاء قرر أن يشتري الدبل يوم الإثنين لأنه لم يستطع الانتظار حتى يوم الأربعاء.

وأضافت سامية أنه فى يوم الإثنين الموافق 29 يونيو أعلنا خطبتهما دون أن يسمع بها أحد وكانت أول من عرف بهذا الخبر الشحرورة صباح بعد أن اتصلت بها الشحرورة لتدعوها إلى سهرة.

وتابعت الفراشة قائلة: "أعجبني في بليغ شخصيته وطيبة قلبه وأخلاقه واعتزازه بكرامته إلى جانب فنه كملحن قدير وأنا أستعجل الأيام الباقية على إتمام الزواج واتفقنا أن يكون زفافنا عقب انتهائي من فيلمي الذي أعمل به حالياً" ىبينما علق بليغ قائلاً: "أنا أكثر منها انتظاراً لهذا اليوم السعيد" ولكن لم تكتمل هذه العلاقة ولم تتوج خطوبة بليغ حمدى وسامية جمال بالزواج حيث ارتبط بعدها بوردة الجزائرية بينما تزوجت سامية جمال من جان السينما الفنان الكبير رشدي أباظة.

وبدأت العلاقة الفريدة بين بليغ ووردة قبل اللقاء، حينما استمعت الفتاة الجزائرية التي لم يتجاوز عمرها 16 عاماً إلى أغنية "تخونوه" للفنان عبد الحليم حافظ من فيلم الوسادة الخالية، الذي شاهدته فى إحدى صالات السينما بفرنسا حينما كانت تقيم مع أسرتها هناك، أعجبتها الأغنية لدرجة جعلتها تتعلق بملحنها دون أن تراه، فعزمت على أن تلتقيه إذا سمحت الظروف.

وحانت لحظة اللقاء، حينما دُعيت الشابة جميلة الصوت وردة للحضور إلى مصر، فشعرت وقتها بالسعادة لأنها ستلتقي بليغ حمدي، ملحن أغنية "تخونوه" التي تحبها.

وحكى الإعلامي الراحل وجدي الحكيم أنّ شرارة الحب انطلقت مع اللقاء الأول بين وردة وبليغ حمدي، عندما ذهب لتحفيظها أول لحن "يا نخلتين في العلالي" ، وقال الحكيم إن بليغ أخبره أنه لأول مرة يهتز حين يرى امرأة، عندما سلّم على وردة.

وأكد وجدى الحكيم أن بليغ اصطحبه هو ومجدي العمروسي كي يتقدم لخطبة وردة، لكن والدها رفض استقبالهم على باب المنزل، ورغم رفض أسرة وردة زواجها من بليغ، ظل حبه لها مشتعلا، حتى بعدما عادت مع عائلتها للجزائر، وأصرّت أسرتها على زواجها من قريبها، وحتى بعدما أنجبت ابنيها وداد ورياض وابتعدت عن الفن، ومرّت عشر سنوات دون أمل.

بعد سنوات من ابتعاد وردة عن الفن، سافر عدد من الفنانين المصريين إلى الجزائر للاحتفال بعيد الاستقلال، فذهبت وردة للقائهم في الفندق، وكان من بين الحضور هدى سلطان ومحمد رشدي وبليغ حمدي، الذي أمسك بالعود وجاءته فكرة أغنية "العيون السود"، التى كتب عدداً من أبياتها في هذا التوقيت، وبعدها بعام ونصف العام انفصلت وردة عن زوجها، وعادت إلى مصر وغنّت "العيون السود" فى 1972، التى أكمل كتابتها الشاعر محمد حمزة بأفكار بليغ، وقال عنها وجدي الحكيم إنها جسدت قصة حب وردة وبليغ وعبر فيها العاشق الولهان عن مشاعره.

وبعدما عادت وردة إلى مصر تُوجِّت قصة الحب بالزواج، إذ عُقد القران في منزل الفنانة نجوى فؤاد، وغنّى فيه العندليب الأسمر أغنية "مبروك عليك يا معجباني"، واستمر زواج وردة وبليغ 6 سنوات.

وغنّت وردة أجمل أغانيها من ألحان بليغ، ومنها: العيون السود، وخلّيك هنا، وحكايتي مع الزمان، واشتروني، وغيرها.

لكن بسبب الغيرة واعتياد وردة على الحياة الأسرية التي لم يعتدها بليغ، وقع الطلاق بينهما، ما تسبب في تدهور حالة بليغ الصحية والنفسية، حتى أنه كاد يُصاب بالاكتئاب، كما أصيبت وردة بعد الطلاق بانفجار الزائدة الدودية وكادت تفقد حياتها. وكتب بليغ حمدى أغنية بودعك، وطلب من وردة أثناء مكالمة تليفونية من منفاه في فرنسا أن تغنّيها، لكنها تردّدت بعض الشيء.

ورغم الطلاق، إلا أن مشاعر الحب والمودة ظلت مستمرة، وظل بليغ يحب وردة ، حتى أن ابن شقيقه قال إنه كان يردد اسمها قبل وفاته في 1993.

وقال وجدي الحكيم، إن الفنانة وردة ندمت على الانفصال عن بليغ، وقالت له: «تعاملي مع بليغ بعد انفصالنا خلاني ندمت على الانفصال، ولو كنت عرفت بليغ زي ما عرفته بعد الانفصال كانت الحياة استمرت بينا".

وغنّت وردة أغنية "بودعك" التي كانت آخر أغنية جمعتها مع بليغ، وبعد وفاته أصيبت بحالة اكتئاب شديدة، وظلّت في كل لقاءاتها تتحدث عنه، إلى أن توفيت في عام 2013، بعد عشرين سنة من وفاته.

نانسى فاروق مع بليغ حمدي فى جلسة عمل

فيما ارتبط بليغ حمدى قبل وفاته بأربع سنوات بعازفة البيانو نانسى فاروق التي عايشت فترة مرضه الأخير بعد عودته من فرنسا إلى مصر وتبرئته من قضية قتل سميرة مليان حين قابلته بمكتب ميشيل المصري وكانت وقتها طالبة بكلية التربية الموسيقية وعازفة بيانو ناشئة وكان بليغ وقتها في عمر يزيد عن عمر والدها، وكانت مغرمة ببليغ وألحانه قبل أن تراه وشعرت بارتباك حين قابلته لأول مرة وشعر بليغ بهذا الارتباك، وتعلق بالفتاة الصغيرة وتوطدت علاقتهما خلال فترة مرضه الأخير ، وفى حوار صحفي تحدثت نانسي فاروق عن تطور هذه العلاقة: "اتصل بي أحد أفراد أسرته ذات مرة، بناءً على طلبه لأساعدهم في حجز موعد لدخوله المستشفى، وبالفعل قمت بذلك، واكتشف إصابته بفيروس «سى»، وكان وقتها قد تعاقد على تلحين أغانى مسلسل «بوابة الحلواني»، فلما ساءت حالته، اتصل بمنتج المسلسل للاعتذار عن عدم تلحين الأغاني، لكنى أصررت على ألا يعتذر عنه، وأحضرت العود الخاص به إلى المستشفى، وقمت بتأجيل التزاماتي كى أكون بجواره في فترة مرضه، فكنت أتابع تسجيل الألحان في الاستديو ومع الموزع، ثم أعود إلى منزلي للراحة بعض الوقت، وأذهب بعدها إلى بليغ في المستشفى وأطلعه على آخر الأخبار، فكانت حالته النفسية تتحسن، وعندما أحس ببعض التحسن في صحته ذهب معي في إحدى المرات إلى الاستديو ليباشر التسجيل بنفسه".

وأكملت: "شعر أنّ هناك شخصاً يحبه ويسانده بلا غرض، فلم يكن لي مصلحة معه، وما بيننا كان أكثر عمقاً وصدقاً من مجرد الاختزال في علاقة رجل بامرأة، حتى أنه وصفني في إهداء كتبه لي بخط يده على ظهر صورة فوتوغرافية: (إلى ابنتي الكبيرة، إلى أختي الصغيرة، إلى صديقتي الصادقة، إلى الحساسية المطْلقة، إلى المشاعر الذكية، إلى نانسي الغالية)، ومن محبته لي كتب لي ورقة يوصيني فيها على نفسى، وكانت الفنانة «ذكرى» صديقتي ووصفت علاقتي به بأنني (الجملة الموسيقية الأخيرة في حياة بليغ حمدي).

عن "اليوم السابع"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية