مكانة قيم الشهر والفن

مكانة قيم الشهر والفن


04/04/2022

عبداللطيف الزبيدي

ماذا لو خرجت الفضائيات عن طورها، وفاجأت شركات الإنتاج الفني بخبر صاعق: «لا مسلسلات في الشهر الفضيل المقبل، فابحثوا عن سوق لبضاعتكم»؟ الغايات واضحة: الإبداع البديع، بتفاؤل، لا يتجاوز 10% من مجموع ما يبث، في أحسن الأحوال. نسبة عشرين أو ثلاثين فيها إساءة إلى رمضان وأجوائه الروحانية، وإلى القيم الفنية على نحو صارخ. الباكورة ظهرت ومنعت!

المنحدر السلبي يحتاج إلى دراسات مستفيضة، من قبل الباحثين في علمي النفس والاجتماع، والنقد الفني، فقد حدث تدحرج مريب. كانت الفنون الرمضانية يحتل فيها الإمتاع المفيد جانباً كبيراً: الفوازير التي كان الجهد فيها جلياً، والمسابقات التي كانت فيضاً زاخراً بالمعلومات. ثم أفلت النجوم، وسادت في أحيان كثيرة انفلاتات من قبيل «خالف تُعرف»، بعضها إساءة فاقعة إلى حرمة الشهر، وكأنه مهرجان متخصص في ما يمكن تمزيقه من العادات والتقاليد ومنظومة القيم الموروثة.

هل المنطق سليم إذا قيل: ما الذي يمكن أن يفعله الناس في ليالي رمضان؟ المسلسلات تملأ الفراغ، وهم أحرار في متابعة ما يتماشى وأذواقهم. ذلك غير مُجدٍ، فما هو جدير بالبحث بحثاً عن الحلول، يتمثل في أمرين. الأول: تخليص رمضان من هذا المأزق الذي جعله مهرجاناً للمسلسلات غير اللائقة بالشهر أحياناً، فإكرام زمان هذه الفريضة، يسد أبواب الجدل في ما هو جائز وما هو غير جائز. يتذرّع المنتجون مثلاً بأن السلبيات إنما تعالج بتعريتها، أو بمقولة «الفن للفن»، أو: أفكارك يا هذا عملة قديمة تجاوزها الزمن. نقاش باطل لا ضرورة إليه، فالشهر الفضيل ليس مهرجان كان، ولا كان يا ما كان.

الأمر الآخر، هو تخليص فن إنتاج المسلسلات من الانجذاب الانجرافي إلى مصب واحد في مناسبة أغلب ما يعرض فيها غير مناسب. ما يؤخذ على المسلسلات أن جلها لا يضع الإبداع الفني نصب عينيه. يفكر في الإثارة بالخرق والانتهاك، لأن العمل لم يقم على جوهر إبداعي نفيس. في هذه الحالة، يستدعي المنتج مقولة دوستويفسكي: «حين يُخفق الذكاء، يتدخل الشيطان»، فتكون الحلول في إثارة الضجة بالنشازات، الخروج عن المألوف، في اللغة، في الموقف، في السلوك، ولكيلا يكون التمطيط طوال حلقات شهر مملاّ، تتمادى وتيرة العجائب.
لزوم ما يلزم: النتيجة الحتمية: لا بد لهذا الليل أن ينجلي، فالأمل في نبوغ إنتاجي جديد يجعل العام كله مسرجاً للإبداع.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية