كيف يخدم حسن نصر الله مشاريع إيران وإسرائيل؟

كيف يخدم حسن نصر الله مشاريع إيران وإسرائيل؟

كيف يخدم حسن نصر الله مشاريع إيران وإسرائيل؟


31/01/2023

بعث خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بردود فعل عنيفة في مصر كما في الخليج، وذلك على المستويين الرسمي والشعبي. وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات متفاوتة تعكس حجم الاستقطاب السياسي والإقليمي، بينما قامت القاهرة على لسان الناطق الرسمي بلسان وزارة الخارجية بالرد الفوري، والذي وصف خطاب نصر الله بـ"العبثي" بل إنّها "محاولة لاستدعاء بطولات زائفة".

ويرى معلقون أن خطاب نصرالله يخدم مشاريع إيران وإسرائيل، ويقوم بتنفيذ مشروع إمبريالي لتحقيق أهداف مباشرة، منها تقاسم النفوذ الإيراني مع إسرائيل وأطراف أخرى.

بطولات زائفة

لا يكف الأمين العام لحزب الله، في سياق تبعيته للجمهورية الإسلامية في إيران، عن التعريض بدول الخليج، وقد سبق له وصرح أنّ "ثمن عمامتي من الولي الفقيه في إيران". كما كشف عن مشروعه السياسي الذي يهدف إلى جعل لبنان ضمن "الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها الولي الفقيه..".

غير أنّ الخطاب الأخير لنصر الله الذي عرج فيه على مسألة المساعدات الخارجية التي تتجاهلها الأطراف والقوى الإقليمية والدولية، لإنقاذ الوضع الاقتصادي بلبنان، انطلق من نفس المبادئ التقليدية التي تتماس وأدبياته السياسية الولائية، والتي تروج لفكرة وجود تكتلات شبه مؤامراتية ضد دول "الممانعة" وحلف "المقاومة". وتكاد لا تختلف هذه الاتهامات عن دعاية إيران ضد كل المشكلات التي تقع.

الكاتب اللبناني أسعد بشارة: نصرالله يسعى إلى إبراز عضلاته الاقتصادية

وفي الذكرى الثلاثين ‏لانطلاق المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، قال نصر الله: "أدعوكم إلى مراقبة موضوع مصر والأردن، لكن مصر، على وجه ‏الخصوص، التي هي أول دولة أقامت سلاماً مع العدو الإسرائيلي وعملت كامب ديفيد وملتزمة ‏بالمعاهدة التزاماً دقيقاً، حسناً مع الأمريكان إلى ما شاء الله". وواصل حديثه عن مصر قائلاً: "أفضل العلاقات مع ‏السعودية، أفضل العلاقات مع دول الخليج، حسناً وتسير مع صندوق النقد الدولي، ‏أين أصبحت مصر، ما هو وضع مصر الآن؟".

وتابع: "هل لبنان أهم لأمريكا من مصر؟ هل ‏لبنان أهم لأوروبا من مصر؟ هل لبنان أهم للسعودية من مصر؟ هل لبنان أهم ‏للخليج من مصر؟ ما الذي ينقص دول الخليج أن تأتي بـ 100 مليار، 200 مليار، ‏‏300 مليار -يحسبوا حالهم عم يلعبوا كرة قدم- وتستنهض توجد دولة عربية على حافة ‏الانهيار، الآن ومن سوء حظنا أنّه في مصر رغم وجود لاعبين كبار ومهمين ‏ومحترمين ودوليين، لكن ليس لدينا لا رونالدو ولا عندنا ميسي، حسناً هذا نموذج ‏ولا يوجد داعٍ لنشرح فيه أكثر".

لا يكف الأمين العام لحزب الله، في سياق تبعيته لإيران، عن التعريض بدول الخليج، وهو الذي صرح بأنّ "ثمن عمامتي من الولي الفقيه في إيران"

السفير أحمد أبو زيد، الناطق الرسمي بلسان وزارة الخارجية، اعتبر تلك التصريحات "عبثية، ومحاولة لاستدعاء بطولات زائفة". كما نشرت وزارة الخارجية المصرية عبر صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" منشوراً ذكرت فيه: "رداً على استفسار من وكالة أنباء الشرق الأوسط حول تصريحات حسن نصر الله التي تطرق فيها إلى مصر، مؤخراً، رفض السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية التعقيب على تلك التصريحات، مشيراً إلى أنّها عبثية وليست سوى محاولة لاستدعاء بطولات زائفة".

مزايدة سياسية لحسن نصر الله

وفي حديثه لـ"حفريات" يقول الكاتب والسياسي اللبناني، أسعد بشارة، إنّ نصر الله يتجاهل "عمداً أو سهواً حجم المساعدات الهائلة التي تدفقت من دول الخليج لمصر ولبنان"، وذلك بغية صناعة توترات إقليمية وخلق تصدعات في العلاقة بين الطرفين، كما يتجاوز أمين عام حزب الله "النتائج المترتبة على الأزمة العالمية للاقتصاد بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، لجهة التركيز على أنّ مصر متروكة لقدرها، وهذا بالطبع يخالف الحقائق والأرقام".

ويوضح بشارة أنّ أمين عام حزب الله يسعى إلى إبراز "عضلاته الاقتصادية"، لجهة "المزايدة السياسية"، الأمر الذي يتطلب ضرورة فضح تناقضاته من خلال جملة حقائق، منها المساعدات الخليجية لدول كمصر ولبنان، التي هي مثبتة بالوقائع والأرقام والنتائج في مختلف المجالات، الأمر الذي لا يمكن "المرور عليه مرور الكرام، كما لا يمكن المرور السهل على دور إيران في تدمير اقتصاديات الدول التي فرضت هيمنتها عليها، والأمثلة على ذلك كثيرة ومريرة تبدأ من العراق ولا تنتهي في سوريا أو اليمن".

ويردف: "العراق يتعرض لأزمة فادحة في ظل تدني العملة المحلية أمام الدولار، رغم أنّه صاحب أكبر مخزون نفطي. وبالمثل تحول لبنان إلى غطاء سياسي لطبقة مافياوية تحت عنوان حماية المقاومة".

الإعلامية اللبنانية أورنيلا سكر: حزب الله يقوم بتنفيذ مشروع إمبريالي

يستهدف زعيم حزب الله الأطراف المحلية في لبنان التي تقف على النقيض من سياساته، والتي، كما هي عادة طهران في مواجهة خصوصمها السياسيين، يعتبرها مرتبطة بقوى إقليمية وخارجية، ثم انطلق للهجوم على مصر والسعودية وباقي دول الخليج؛ حيث إنّ هذه الأطراف، وفق منطق نصر الله السياسي والبراغماتي، تفرض حصاراً على لبنان وتجعله يقف على حافة الانهيار.

تصريحات نصر الله عبارة عن "استهلاك إعلامي"، على حد تعبير الكاتبة والإعلامية اللبنانية رئيس تحرير موقع أجيال القرن21، أورنيلا سكر، والتي تشير إلى أنّ خطابه يبدو ظاهرياً سليماً ويتحدث عن واقع نعاين أحداثه وتداعياته الصعبة، لكن "مضمونه وسياقه التاريخي وحقائقه الجوهرية يكشف عن أهداف مغايرة ومصالح بعيدة عن إنقاذ لبنان من وضعها السياسي والاقتصادي المأزوم"، موضحة لـ"حفريات" أنّه قبل الحديث عن الدلالات والأسباب التي تأتي في سياقها هذه التصريحات "النارية" التي تفاعل معها كثيرون من المؤيدين والمعارضين، هناك دلالة مباشرة للتوقيت الذي جاء فيه هذا الحديث.

العداء الإيراني للمصالح العربية

وتقول سكر إنّ العالم العربي والإسلامي يمر بـ"مرحلة متقدمة وغير مسبوقة من التحولات السياسية والاقتصادية والمرتبطة بقضايا الطاقة، الأمر الذي يفرض تداعيات جمّة، تنعكس، بشكل واضح، على الأمن القومي العربي، والعلاقات العربية العربية، من جهة، والعربية الإسرائيلية، من جهة أخرى. وبفعل اعتبارات عديدة تم التمهيد لها، بداية، من حرب أفغانستان وعلاقة ايران بمجاهدي طالبان وتدريب عناصرهم، ثم حمايتهم في إيران، ومروراً بالحرب على العراق وتدميره وسرقة النفط لتقاسمه بين إيران والولايات المتحدة، وصولاً الى مرحلة الربيع العربي، فإنّ العلاقة المزدوجة التي تتعاطى بها إيران بشأن القضايا العربية انحصرت في دعم التطرف والتلاعب بكثير من الملفات التي شكلت تناقضاً واضحاً في السياسة الخارجية الإيرانية، كما هو الحال في علاقة طهران بالنظام السوري. وبينما تزعم (إيران) محاربة التكفير، فإنّها تواصل دعم التطرف عبر محاولة بناء جيش تابع للحرس الثوري وفيلق القدس في عدة مناطق كما حاولت بالتعاون مع إخوان مصر قبل سقوطهم إثر احتجاجات شعبية في 30 حزيران (يونيو) عام 2013".

أورنيلا سكر لـ"حفريات": لم يعد الشعب العربي ولا اللبناني قادراً على مواجهة خطابات الكراهية لنصر الله، فماذا فعلت هذه المقاومة لتفادي الكوارث أو تخفيفها؟

نموذج خلق كيانات مسلحة ولائية، والذي فشل في مصر، حدث في لبنان، وهناك محاولات أخرى جرت في نيجيريا وفنزيولا وغيرها، وفق الكاتبة والإعلامية اللبنانية، التي تلفت إلى أنّ هناك "تناقضات جمّة تظهر في إدعاء إيران التزامها بخطاب إسلامي ثوري لا يتفق وممارساتها العدوانية الطائفية والعنصرية، ما يظهر من خلال العداء للقومية العربية والشعوب غير الفارسية فضلاً عن الطائفة السنية. وهناك عملية تفريس ممنهجة تجري في إيران كما في غيرها وذلك على حساب القومية العربية. وهذا ما كشفت عنه ممارسات ايران في الجنوب العراقي على خلفية تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي. ناهيك عن احتكاكات وكلائها في فترة الحج بالسعودية، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية في سياق سحب الزعامة الدينية من السعودية إلى إيران".

 افتعال الأزمات السياسية وتعميم "التشيع" وسياسة "التفريس"، يأتي في سياقات عديدة تهدف إلى تضخيم دور إيران عبر "استغلال قضايا عربية مثل قضية فلسطين وتعويم المقاومة بهدف مواجهة الغرب"، كما تقول سكر.

وتضيف: "الواقع ليس كما يتم الترويج له إعلامياً، بل إنّ المنطقة يعاد ترتيبها وفقاً للرؤية الإيرانية الإسرائيلية، وهذا ما عبرت عنه تصريحات العديد من المسؤولين سواء الإسرائيليين أو الأمريكيين. وحزب الله لا يعدو كونه مجرد أداة بيد إيران. ويقوم بتنفيذ مشروع إمبريالي لتحقيق أهداف مباشرة، منها تقاسم النفوذ الإيراني مع إسرائيل وأطراف أخرى في المنطقة. وحدود هذه المكاسب مرتهن بنتائج الحرب الأوكرانية الروسية، وما سيرافقها من ترتيبات جيوسياسية جديدة، يتم البحث فيها مع أطراف إقليمية أخرى، مثل تركيا وسوريا وإيران وروسيا واسرائيل".

وبالتالي، فإنّ تصريحات نصر الله يمكن قراءتها باعتبارها "مناكفات سياسية لكسب الوقت وتعويم حزب الله شعبوياً بحجة المشكلة الاقتصادية. فالمطلوب تحقيق الرغبة الإسرائيلية في كل مكان. وكل من يعارض الهوى الإسرائيلي يحاصر ويتم شيطنته".

والسؤال الأساسي الذي تطرحه الكاتبة والإعلامية اللبنانية: ماذا فعلت هذه المقاومة لتفادي الكوارث أو على الأقل تخفيفها؟، الجواب: "لا شيء، قطعاً. بل هناك عملية تواطؤ إيراني على المصلحة العربية. وهذا معروف وثابت تاريخياً".

وتختم: "لم يعد الشعب العربي ولا اللبناني قادراً على مواجهة خطابات الكراهية لنصر الله، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية وتداعياتها النفسية. ويجب الاعتراف أنّ تحقيق مصير الشعوب يكمن في توفير الحس الوطني وليس الدخول في مشاريع ومحاور إقليمية على حساب الأوطان والمصلحة الوطنية. لا أحد يرغب أن يمارس العقوبات الاقتصادية وسياسة التجويع والحصار. وإذا كانت العزة تكمن في انتصارات وهمية فلا بد من إعادة النظر في مجمل الاتجاهات السياسية؛ لأنّ كل ما يجري، اليوم، هو تأكيد وجود إسرائيل المستفيدة من عدم وجود رأس للدولة في لبنان وتعطيل جميع المحاولات لتحسين واقع لبنان عبر تعطيل القضاء ومنع محاسبة المسؤولين، الأمر الذي يحتم تغيير واقع نظام المحاصصة والزبائنية السياسية والرشوة وثقافة الولاء والتبعية المسؤول عنها جميع الطبقة السياسية في لبنان. وحزب الله جزء أساسي وتعبير ممنهج  لمأسسة تلك السياسات".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية