كيف تتعامل مصر مع مبادرات الصلح الإخوانية؟.. مصادر مصرية تتحدث لـ"حفريات"

كيف تتعامل مصر مع مبادرات الصلح الإخوانية؟.. مصادر مصرية تتحدث لـ"حفريات"

كيف تتعامل مصر مع مبادرات الصلح الإخوانية؟.. مصادر مصرية تتحدث لـ"حفريات"


28/08/2024

كشف مصدران مصريان، أحدهما أمني والآخر قضائي، في تصريحات منفصلة لـ (حفريات)، آلية التعامل من جانب مؤسسات الدولة المصرية مع المبادرات المتكررة من جانب تنظيم الإخوان، المُصنف على قوائم الإرهاب، للصلح مع الدولة، مؤكدين أنّ الأمر مرفوض تماماً من جانب مصر، ولا يمكن التعامل معه باعتباره قابلاً للتفاوض، كون الجماعة وُضعت على قوائم الإرهاب وفق أحكام قضائية لا يمكن العودة عنها إلا بالرجوع إلى القضاء. 

ويقول المصدر القضائي: إنّ جماعة الإخوان في مصر تمّ إدراجها على قوائم الإرهاب عام 2014، وفق الحكم الصادر من محكمة الجنايات، والذي تضمن الأدلة الثبوتية على تورط التنظيم وأذرعه المُسلحة في تنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر، والتعاون مع جهات أجنبية بهدف الإضرار بالأمن القومي المصري لصالح جهات خارجية، أو تنفيذاً لأجندة التنظيم الدولي للإخوان، وبناء على هذه الأدلة جرت محاكمة قيادات وعناصر التنظيم، استناداً إلى ما تكشف من معلومات لاحقاً في ضوء التحريات الأمنية والقضائية. 

فكرة التصالح غير واردة

ويؤكد المصدر أنّ جماعة الإخوان لا يمكن التعامل معها باعتبارها مجموعة سياسية، وطرح فكرة التصالح معها، أو الإفراج عن المحبوسين المدانين في عمليات إرهابية استهدفت مؤسسات الدولة المصرية، وبالتالي يبقى الطرح الخاص بإمكانية التصالح مع التنظيم وهماً، تحاول الجماعة الترويج له، في محاولة للعودة إلى المشهد السياسي في مصر، لكنّه غير قابل للتحقق على أرض الواقع، وترفضه كافة المؤسسات المعنية في مصر. 

حلمي الجزار، رئيس المكتب السياسي للإخوان (جبهة لندن)

ومن جهته أوضح المصدر الأمني لـ (حفريات) أنّ مصر لم تتوقف عن ملاحقة عناصر تنظيم الإخوان المطلوبين على قوائم (الإنتربول) الدولية، بعد ثبوت تورطهم في عمليات إرهابية سواء شاركوا بتنفيذها أثناء تواجدهم في مصر، أو من خلال إدارتهم للأجندات التخريبية من الخارج. 

وأوضح المصدر أنّ الجماعة تحاول فرض نفسها على المشهد في مصر، وتستخدم بعض وسائلها الإعلامية وكتائبها الإلكترونية المشبوهة، تارة بالضغط على الدولة من خلال ترويج الشائعات وتزييف الحقائق، خاصة فيما يتعلق بالملف الاقتصادي والحقوقي، وتارة أخرى بتمرير رسائل حول المصالحة، لطالما رفضتها الدولة المصرية وعبّرت عن ذلك من خلال مصادر رسمية. 

ماذا طرحت جماعة الإخوان؟

أعادت دوائر قريبة من جماعة الإخوان مؤخراً حديثاً حول مبادرة طرحتها الجماعة منذ عامين عرضت خلالها التصالح مع مصر، مقابل وقف النشاط التنظيمي للإخوان مدة تتراوح بين (10-15) عاماً، على أن يتضمن الاتفاق الإفراج عن عدد من المحبوسين. 

ومراراً عبّرت جماعة الإخوان، خاصة جبهة لندن، عن توجه الجماعة لوقف النشاط السياسي في مصر، في محاولة لغسل سمعة التنظيم المرتبطة بقضايا فساد وإرهاب وعمليات مسلحة استهدفت مختلف مؤسسات الدولة في أعقاب السقوط المدوي عن الحكم، هذا التوجه كشف عنه صراحة القائم بأعمال المرشد العام إبراهيم منير قبل وفاته في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، حين قال خلال حوار تلفزيوني: إنّ "الجماعة مستعدة لوقف النشاط السياسي والصراع على السلطة في مصر لمدة (10) أعوام"، مبدياً للمرة الأولى مرونة داخل التنظيم للتصالح مع الدولة المصرية.

مصطفى بكري: إنّ هذه المبادرة أثارت جدلاً وخلافاً حاداً في صفوف أعضاء الجماعة

وقد عاد حلمي الجزار، رئيس المكتب السياسي للإخوان (جبهة لندن) للتأكيد على الطرح ذاته في أيلول (سبتمبر) 2023، عندما أكد أنّ الجماعة لن تخوض صراعاً على السلطة في مصر. وقال: "الجماعة قررت عدم الصراع على السلطة، وإنّ الأمر يُعدّ جزءاً أصيلاً في رؤيتنا الجديدة، وليس مناورة سياسية، وإنّ ذلك ليس هو الشكل الوحيد لممارسة السياسة، فالعمل السياسي أوسع بكثير من الصراع أو التنافس على السلطة الذي يؤدي أحياناً إلى اضطراب مجتمعي"، مشيراً إلى أنّ "من أهم أولويات الإخوان المسلمين الاهتمام بالمجتمع وبناء شبكات الحماية الاجتماعية." 

لقد عبّرت تصريحات الجزار، وقبله منير، عن توجه تتبناه بشكل كبير جبهة لندن، وتعارضه بشدة جبهة تركيا بقيادة محمود حسين، وهو ما يؤخر تنفيذ القرار حتى اللحظة، بحسب مراقبين يعتبرون أنّ أزمة التنظيم الحقيقية تكمن في عدم قدرته على صياغة تصور لمستقبل التنظيم في ضوء احتدام حالة الصراع الداخلي. 

كيف تعامل المصريون مع الطرح؟

قال الإعلامي المصري مصطفى بكري: إنّ هذه المبادرة أثارت جدلاً وخلافاً حاداً في صفوف أعضاء الجماعة، مضيفاً عبر موقع (إكس): "هنا أتوقف أمام عدد من النقاط: إنّ إطلاق هذه المبادرة دليل على وصول الجماعة إلى مرحلة اليأس ونهاية مشروعها الذي أطلقته بالسعي للعودة إلى الحكم مرة أخرى.

وأضاف بكري:" تدرك الجماعة فقدانها للظهير الشعبي، وإدراكها أنّ مشروع الثورة ضد نظام الحكم في مصر قد فشل، وأنّ ثقة الجماهير في كل أطروحاتهم تكاد تكون معدومة، واشتداد الخلافات بين صفوفهم في الخارج بين جبهة لندن وجبهة تركيا.

وتابع: "تعكس المبادرة تأكدهم من فشل مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، بعد تجارب الحكم في مصر وتونس وليبيا والمغرب والسودان، والضغوط التي يمارسها المحكوم عليهم في السجون بقبول أيّ حل يفضي إلى العفو عنهم.

الديهي: مشكلة الإخوان ليست مع الدولة أو الحكومة، ولكن مع المجتمع المصري بأكمله

وقال: "يبدو أنّ هذه المبادرة ستزيد من حدة الانقسام داخل الجماعة، وهو أمر سيزيد الأمور تعقيداً بينهم، وفي المقابل هذا يعني انتصاراً جديداً للدولة المصرية ومؤسساتها وقيادتها وثوابتها الوطنية."

ومن جانبه قال الإعلامي نشأت الديهي: إنّ جماعة الإخوان تحدثت عن أنّها لن تشارك في المجال السياسي، قائلاً: "الإخوان زي الحمار الذي ينظر في المرآة، ويظن نفسه أسداً، هذه جماعة خائنة، أنتم تصدقون أنفسكم"، على حدّ تعبيره.

وتابع الديهي، خلال تقديمه برنامج "بالورقة والقلم"، المذاع على القناة (العاشرة) المصرية "ten"، مساء الإثنين، أنّ "مشكلة الإخوان ليست مع الدولة أو الحكومة، ولكن مع المجتمع المصري بأكمله، لأنّ الأزمة مع الإخوان ليست متعلقة بالمجال السياسي، معقباً: "الإخوان مش فصيل سياسي، دول فصيل متطرف لا يرى إلّا نفسه".

ولفت إلى أنّ الإخوان لا عهد لهم ولا ملّة، والكذب هو طريقهم المفضل، فهذه الجماعة تكذب وتستمر في الكذب حتى تصدق نفسها، مشيراً إلى أنّ القنوات العربية التي تنقل هذه الأخبار الكاذبة عن جماعة الإخوان عليها أن تحترم نفسها، معقباً: "العبث في هذه الأمور غير مقبول، وسيواجه بكلّ قوة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية