شبوة تفجر الثورة على الإخوان في اليمن

شبوة تفجر الثورة على الإخوان في اليمن


02/01/2022

تمثل محافظة شبوة، نموذجاً حيّاً للانتهاكات الصارخة، التي مارسها الإخوان المسلمون في اليمن؛ حيث عمدت ميليشيا حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسي للإخوان، التي سيطرت على مقاليد السلطة في المحافظة، إلى قمع المعارضة بشتى السبل، فقد ألقت بالشباب اليمني في غياهب المعتقلات والسجون السرية، التي شيدها الإخوان خارج إطار سلطة الدولة، ومضت الميليشيات في تنظيم عمليات خطف ممنهجة، وفق تقارير المنظمات المحليّة والدوليّة، فعلى سبيل المثال، أعلنت منظمة، فرونت لاين، البريطانيّة المختصّة بحقوق الإنسان، في تقريرها الصادر في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، عن وقوع نحو 1200 جريمة انتهاك لحقوق المدنيين في محافظة شبوة، منذ آب (أغسطس) 2019، بالتزامن مع سيطرة الإخوان على المحافظة، في أعقاب انسحاب قوات النخبة الشبوانية.

فشل الإدارة الإخوانيّة

السلطة الإخوانيّة في شبوة، فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة شؤون المحافظة، ما أدى إلى حدوث انفلات أمني غير مسبوق، وانهيار سعر صرف العملة المحليّة، مع تردي الوضع الاقتصادي بشكل كلي، بالإضافة إلى تزايد وتيرة التواطؤ بين الإخوان وميليشيا الحوثي الانقلابيّة، والتي أخذت صورة شبه علنيّة، حينما ظهر الضابط السابق، صالح وديع حداد، المتهم بالتورط في تفجيرات عدن، والمطلوب أمنيّاً، على فضائية بلقيس التابعة للإخوان، بوصفه أحد النشطاء المدنيين، ومنحت المحطة للإرهابي الهارب عند الحوثيين، الذين جندوه لتنفيذ جريمته، مساحة كبيرة، هاجم فيها الشرطة اليمنيّة، ما أثار حفيظة المواطنين.

جدير بالذكر أنّ المحلل السياسي، عمر رحمون، وصف ما أقدمت عليه محطة بلقيس الفضائيّة، عبر تغريدة له على "تويتر"، بأنّه نوع من الترويج للإرهاب، والدفاع عن الإرهابيين، قائلاً: "أبواق إخوان اليمن وفضائياتهم تروج للإرهاب، وتدافع عن الإرهابيين، الذين وقفوا خلف التفجيرات التي ضربت العاصمة عدن". واستطرد: "هذا يؤكد أنّ فكر الإخوان منجم الإرهاب، سواء في سوريا، أو اليمن، أو غيرهم، ولا فرق بين جبهة النصرة في إدلب، وحزب الإصلاح في اليمن".

تفجر الثورة ضد الإخوان

كل هذه الأسباب مجتمعة، أدّت إلى انفجار الشارع اليمني بالغضب، سيما في المناطق التي يسيطر عليها الإخوان؛ حيث خرجت المظاهرات الصاخبة في محافظات: شبوة وتعز وأبين، واندلعت في شبوة على وجه الخصوص احتجاجات غير مسبوقة، للمطالبة بإقالة المحافظ الإخواني، محمد صالح بن عديو، الذي حمّله المتظاهرون المسؤولية عن تردي أوضاع المحافظة، بالإضافه إلى تجاوزه اختصاصات عمله، وفقاً لما أكّد عليه الكاتب الصحفي اليمني رضوان الهمداني، الذي كشف أنّ المحافظ الإخواني، أقحم نفسه في تفاصيل مشروع بلحاف الخاص بتصدير الغاز، وهي اختصاصات حكوميّة لا تخص السلطة المحليّة، من قريب أو بعيد.

عمر رحمون: أبواق إخوان اليمن وفضائياتهم تروج للإرهاب، وتدافع عن الإرهابيين، الذين وقفوا خلف التفجيرات التي ضربت العاصمة عدن

وكذلك فقد تجاوز محمد صالح بن عديو، حدود وظيفته، ليتدخل في اختصاصات الجهات السياديّة اليمنيّة، وتفاصيل عمل قوات التحالف، لخدمة أجندات خارجيّة تتعلق بأولويات التنظيم الدولي للإخوان، حيث هاجم الوجود الإماراتي في ميناء بلحاف، والذي جاء لضرورات إنسانيّة، اتساقاً مع تأكيد الخارجيّة الإماراتيّة على "التزامها بالوقوف إلى جانب الشعب اليمني، ودعم طموحاته المشروعة؛ في التنمية، والازدهار، والسلام، والاستقرار في اليمن".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: استبعاد من المشهد السياسي بتونس وضغط شعبي في اليمن

ومع ضغط التظاهرات القبليّة الواسعة، تحت قيادة عوض العولقي، ودعم المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي طالب بعزل ابن عديو، استناداً إلى مقررات بلومبرغ، بدأت عناصر السلطة الإخوانيّة في الهرب من السفينة الغارقة، فقدّم سالم علي صوابان، مدير عام مؤسسة المياه والصرف الصحي في شبوة استقالته، استباقاً لعزل المحافظ الإخواني، وتفادياً للإقالة.

شبوة تنتصر على الإخوان

مع الصخب الثوري الذي شهدته محافظة شبوة، يوم الجمعة الماضي، على وقع التظاهرات الحاشدة، التي خرجت من مدينة عتق، أصدر الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قراراً لم يكن مفاجئاً، يوم السبت 25 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، بإقالة محمد صالح بن عديو، من منصب المحافظ، وتعيين عوض محمد عبد الله العولقي، خلفاً له، وهو الأمر الذي رحب به أبناء المحافظة، وقيادات الانتقالي الجنوبي.

ولتوازنات سياسيّة معينة، عيّن الرئيس اليمني، المحافظ المُقال مستشاراً له، إلا أنّ ابن عديو رفض التكليف الرئاسي، وعلّق على قرار إقالته قائلاً في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر: "قاومنا كل الضغوطات، وانحزنا إلى رفع الصوت؛ مدركين أنّ هذا الخيار له ثمن سيدفع، وﻷجل اليمن وشعبه الصابر، كنا على استعداد لدفع أيّ ثمن مهما كان".

اقرأ أيضاً: هبة شعبية في حضرموت ضد هيمنة الإخوان

من جهته، علّق المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، علي الكثير، على قرار الرئيس اليمني قائلاً: "يرحب المجلس الانتقالي الجنوبي بالقرار التوافقي، المتضمن تعيين عوض محمد عبد الله العولقي، محافظاً لشبوة".

الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبد العزيز العامر، خصّ "حفريات" بتصريحات، أكّد فيها أنّ محافظة شبوة، كانت معقلاً رئيسياً لحزب الإصلاح الإخواني في اليمن، بعد أن تم تقليم أظافر الجماعة، وتقليص دورها وتواجدها في مدن يمنية عدة، بينها صنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، وعدن العاصمة المؤقتة للبلاد، التي كان الإصلاح يمارس كل أعماله منها، ثم أصبحت شبوة إمبراطورية خاصة بهذا الحزب، الذي نهب ثروات عائدات النفط فيها، ومارس التهريب، واستولى على كل خيرات هذه المحافظة النفطيّة، فضلاً عن التعاون والتنسيق المستمر، بين حزب الإصلاح وميليشيا الحوثي؛ من أجل تهريب الأسلحة عبر ميناء تم إنشاؤه حديثاً.

عبد العزيز العامر: شبوة أسقطت مشروع حزب الإصلاح في هذه المحافظة، وانتصرت أخيراً على الإخوان، الذين تمادوا خلال حكمهم للمحافظة، في التنكيل بالمعارضين

الكاتب اليمني لفت إلى أنّ حزب الإصلاح، كان يحاول الضغط على التحالف، بالتهديد في كل مرة بتسليم هذه المحافظة إلى ميليشيا الحوثي، وجرى بالفعل تسليم ثلاث مديريات في يوم وليلة دون قتال، وأصبح مقاتلو الحوثي على أبواب مدينة عتق عاصمة شبوة، لولا تدخل التحالف العربي.

العامر علّق على عزل محافظ شبوة السابق، المنتمي إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح، مؤكداً أنّ شبوة أسقطت مشروع حزب الإصلاح في هذه المحافظة، وانتصرت أخيراً على الإخوان، الذين تمادوا خلال حكمهم للمحافظة، في التنكيل بالمعارضين، عبر الزج بهم في السجون والمعتقلات، واستغلال الوظيفة العامة، وإزاحة كل شخص لا يدين بالولاء لهذا الحزب. مضيفاً: "في الأشهر الماضية، بدأ حزب الإصلاح في التكشير عن أنيابه؛ لدرجة مطالبة التحالف العربي، الذي يحمي مدينة شبوة وحقول النفط من هجمات ميليشيا الحوثي الإرهابية، بمغادرة المحافظة خلال شهرين، والآن ذهب الإصلاح، وسقط مشروعه، وكتب لشبوة البقاء، ولأبنائها الانتصار على أجندة الإخوان وأعوانهم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية