دوامة الاقتصاد التونسي المنهك... من يتحمل مسؤوليتها؟

دوامة الاقتصاد التونسي المنهك... من يتحمل مسؤوليتها؟

دوامة الاقتصاد التونسي المنهك... من يتحمل مسؤوليتها؟


18/06/2023

(10) أعوام فقط منذ دخول حركة النهضة الإخوانية إلى تونس كانت كافية لتحدث شللاً اقتصادياً غير مسبوق في البلاد، منذ أزمة 1984 أواخر فترة حكم الحبيب بورقيبة، تواصلت تبعاته حتى اليوم، برغم خروجها من الحكم منذ 25 تموز (يوليو) 2021، ممّا تسبب في ارتفاع أسعار السلع والخدمات ونقص بعض المنتجات.

وتجمع أغلب القراءات على أنّ تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد تتحمل مسؤوليته الحكومات المتعاقبة بعد عام2011، وعلى رأسها حركة النهضة الإخوانية، إذ لم تستطع تونس استرجاع عافيتها الاقتصادية، ولم تسترجع مواردها الأساسية من الإنتاج المنجمي والفلاحي والنفطي، وكانت عاجزة طيلة هذه الفترة على تعبئة مواردها والخروج من التركة الاقتصادية المنهكة.

 أكثر من 80% من التونسيين يعدّون الوضع الاقتصادي سيئاً

وقد أظهرت نتائج استطلاع أجرته مؤسسة (إيمرود كونسلتينغ) المتخصصة أنّ 81% من التونسيين يعدّون الوضع الاقتصادي للبلاد "سيئاً"، ورأى أقل من 1% في الاستطلاع أنّ الوضع الاقتصادي "جيد"، مقابل 16.1% عدّوا أنّ الوضع "متوسط"، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية.

 وتتطلع تونس إلى الحصول على تمويلات عاجلة لإنعاش الاقتصاد العليل والمالية العامة، وسط مؤشرات مقلقة للتضخم والنمو والبطالة في صفوف الشباب وحاملي الشهادات العليا.

 وقال 44.8% من المستطلعة آراؤهم: إنّهم يتوقعون تدهوراً أكثر للوضع الاقتصادي، بينما أعلن 44.2% عن تفاؤلهم بتحسن الأوضاع، وقال 5.6%: إنّ الوضع لن يتغير، بينما لم يبدِ 5.4% من المستطلعة آراؤهم أيّ رأي.

%81 من التونسيين يعدّون الوضع الاقتصادي للبلاد "سيئاً"

 وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن بالفعل عن حزمة مساعدات تفوق مليار يورو، لكنّها مشروطة بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج قرض بقيمة (1.9) مليار دولار أمريكي ما يزال معلقاً منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بسبب خلاف حول إصلاح نظام الدعم.

 من يتحمل المسؤولية؟

هذا، وتسببت حركة النهضة الإخوانية خلال حكمها طيلة (10) أعوام في أضرار جسيمة للاقتصاد التونسي، حيث إنّ كل المؤشرات تشير بوضوح لذلك، ومن أهمها تراجع نسبة النمو على مدى الـ (10) أعوام إلى الصفر تقريباً، ممّا يعني حالة ركود اقتصادي متواصل أثر سلباً على حياة المواطنين.

 من ناحية أخرى، شهدت فترة حكم الإخوان تراجعاً لنسبة الاستثمار إلى مستوى غير مسبوق في حدود 18%، في حين كانت في حدود 25% عام 2010، حسب المليكي.

كما تراجعت نسبة الادخار تقريباً إلى 4% في 2020، مقابل 20% في 2010، وارتفعت نسبة الدين إلى 100% في العام الحالي، ممّا أثر على سعر صرف العملة المحلية وتفاقم العجز وارتفاع نسب التضخم.

أوضحت كل المؤشرات أنّ السياسات فاشلة معطلة للنمو ومشجعة على التداين والتوريد العشوائي والفساد المالي الكبير الذي انتهجته حركة النهضة

 

 وأوضحت كل المؤشرات أنّ السياسات فاشلة معطلة للنمو ومشجعة على التداين والتوريد العشوائي، والفساد المالي الكبير الذي انتهجته حركة النهضة، فضلاً عن ارتفاع نسب الفقر إلى 45%.  

 وبلغت نسبة الدين العام المستحق على تونس 55% من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية عام 2010، ليقفز إلى نحو 90% خلال العام 2021، وبلغ متوسط الدين العام المستحق عام 2010 على تونس (16) مليار دولار، وصعد تدريجياً مع عهد حركة النهضة ليصل عند (20.63) مليار دولار بنهاية 2016.

 وفي العام 2018 واصل الصعود إلى (25) مليار دولار، ثم (29) مليار دولار بنهاية 2020، ويتوقع أن يسجل الدين العام (35) مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري.

  وبلغ العجز المالي 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو الأعلى منذ ما يقرب من (40) عاماً.

 سعيّد يراهن على الفوسفات

وطالب الرئيس التونسي لدى زيارته الثلاثاء إلى مدينة الرديف من محافظة قفصة، بعودة إنتاج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي المعطل منذ مدة، حتى لا تكون البلاد في حاجة إلى الاقتراض الأجنبي.

تسببت حركة النهضة الإخوانية خلال حكمها طيلة (10) أعوام في أضرار جسيمة للاقتصاد التونسي

 وقالت رئاسة الجمهورية، وفق بيان نشرته: "تحدث إلى المواطنين بضرورة أن ينخرطوا جميعاً في هذه اللحظة التاريخية، مفعمين بروح وطنية عالية لمواجهة التحديات كلها".

ونقل البيان عن سعيّد قوله للمعتصمين: "تونس تحتاج إلى الفوسفات، وإلى كل ثرواتها الوطنية، لمواجهة التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة، وإنّه من الضروري أن يسترجع قطاع الفوسفات اليوم نسق إنتاجه العادي".

 كما تحدث سعيّد عن اجتماعه السابق بقيادات مجلس الأمن القومي للبحث في ملفّ الفوسفات وكيفية استغلاله لمواجهة الأزمة المالية التي تمر بها البلاد ومواجهة العجز في الميزانية.

 وعجز إنتاج شركة فوسفات قفصة المتخصصة في استخراج الفوسفات وتحويله وتصديره، منذ 2011 عن بلوغ مستويات الإنتاج لعام 2010، التي كانت في حدود (8.2) ملايين طن، ولم تتجاوز كمية الإنتاج منذ ذلك التاريخ (4) ملايين طن سنوياً إلى حدود 2022.

بلغت نسبة الدين العام المستحق على تونس 55% من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية عام 2010، ليقفز إلى نحو 90% خلال العام 2021

 

 ويرى المراقبون أنّ عودة نشاط الفوسفات بشكل نهائي وبطاقة قصوى تحتاج إلى تفكيك الكثير من العناصر المحيطة به، على غرار الإضرابات والاحتجاجات وعمليات التعطيل التي حدثت منذ 2011 التي تأتي كردّ فعل على موقف الدولة التي كانت تنقل الفوسفات دون الاستثمار في مناطق استخراجه بشكل يحدّ من نسب البطالة المرتفعة في المنطقة، وهو ما قاد إلى أحداث الحوض المنجمي في 2008.

 وكان الفوسفات يمثل نحو 10% من صادرات تونس قبل 2011، وقد حلّ زيت الزيتون محله متصدراً قائمة الصادرات، وفي 2018 انكمشت حصة الفوسفات من الصادرات لتصل إلى نحو 4%.  

 وتسببت الإضرابات ووقف إنتاج الفوسفات، وهي صناعة حيوية لتونس ومصدر رئيسي للعملة الأجنبية، في خسارة حوالي (10) مليارات دولار منذ انتفاضة 2011.

 هل تنقذ السياحة الاقتصاد التونسي؟

بالتزامن، تستعد تونس لموسم سياحي قوي مع عودة السياح بأعداد كبيرة، وهو أمر سيرفع رصيدها المتآكل من النقد الأجنبي الذي تشتد الحاجة إليه في ظل اقتصاد غارق في أزمة.

 وتشكل صناعة السياحة الحيوية حوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي لتونس، لكنّ أعداد الزائرين تراجعت بشدة خلال جائحة كورونا، ممّا زاد من الضغط على الاقتصاد الذي كان بالفعل يتخبط في أزمات.

 وقال لطفي ماني المسؤول في وزارة السياحة لـ (رويترز): إنّ السلطات تتوقع نحو (8.5) ملايين سائح هذا العام، أي حوالي 90% من (9.4) ملايين زاروا البلاد في 2019، قبل الوباء، وقفزة كبيرة من (6.4) ملايين العام الماضي.

 واعتبر أنّ "المؤشرات تدل على موسم جيد مع زيادة في عدد الحجوزات"، وبلغت إيرادات السياحة منذ بداية العام نحو (1.7) مليار دينار، (550) مليون دولار، بزيادة 57% عن الفترة  نفسها من العام الماضي.

 يُذكر أنّ احتياطيات العملات الأجنبية انخفضت إلى ما يغطي (91) يوماً من الواردات من (123) يوماً قبل عام، وصنفت وكالة التصنيف الائتماني (فيتش) الديون السيادية التونسية على أنّها عالية المخاطر، ممّا يشير إلى مخاوف السوق من احتمال تخلف تونس عن سداد القروض الأجنبية.

 

مواضيع ذات صلة:

جدل العلاقة بين حركة النهضة الإخوانية وجبهة الخلاص في تونس

هل تكون جبهة الخلاص بوابة تنازلات النهضة لاسترضاء قيس سعيد؟

تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية