بعد وفاة رودينا... كيف نحمي أبناءنا من التنمر القاتل؟

وصفتها زميلاتها بـ "القبيحة" فماتت بحسرتها... ما قصة آخر ضحايا التنمر بمصر؟

بعد وفاة رودينا... كيف نحمي أبناءنا من التنمر القاتل؟


27/02/2023

لم يقوَ قلب الطالبة المصرية رودينا أسامة، (16 عاماً)، على تحمّل تنمر زميلاتها المستمر عليها، ووصفها بـ "القبيحة"، ليتوقف تأثراً بمشادة كلامية حدثت مع عدد من زميلاتها نهاية يوم دراسي، تعرضت خلالها لإساءات لفظية لم تتحملها، خاصة أنّ إدارة المدرسة قد تجاهلت شكواها، وفق قول والدها، لتكبت رودينا حزنها وقهرها، وهو ما أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية وأزمة قلبية لتفارق الحياة بعد أيام من هذه الحادثة.

والد الفتاة الضحية قال إنّ ابنته تعرضت في الأيام الأخيرة لأزمة نفسية حادة؛ بسبب مشادة كلامية بينها وبين زميلاتها بالمدرسة، ووصفهن لها بأوصاف لا تليق، مشيراً إلى أنّ ابنته ضحية تنمر زميلاتها وسط تجاهل إدارة المدرسة للمسألة، بحسب وسائل إعلام محلية.

ماذا حدث؟

بحسب القصة المتداولة بوسائل الإعلام المصرية، "تعرض زميلات الطالبة المصرية لها، بسبب خلاف على أولوية الجلوس بالمقاعد الأمامية، ووجهن لها كلمات مسيئة تصفها بالقبيحة ولاحقنها بكتابات على طاولتها، ممّا أغضب الطالبة، فتقدمت بشكوى ضدهن لإدارة المدرسة لكن دون استجابة".

الأمر الذي تسبب في إصابتها بحالة من الحزن الشديد والانهيار العصبي لعدة أيام، لم تتوقف فيها عن البكاء، ثم أصيبت بهبوط حاد بالدورة الدموية، وسقطت في منزلها مغشياً عليها، ولفظت أنفاسها الأخيرة قبل نقلها إلى المستشفى.

أكد والد الفتاة الضحية أنّ ابنته تعرضت في الأيام الأخيرة لأزمة نفسية حادة، بسبب مشادة كلامية بينها وبين زميلاتها بالمدرسة

وعلّق والد رودينا: إنّ ابنته تأثرت بشدة نتيجة الواقعة، وعندما حكت له نصحها بتجاوز الأمر باعتباره عادياً، وعدم الاهتمام به أو الحزن بسببه، قائلاً: "ابنتي حكت لي أنّها تعرضت للتنمر من قبل زميلة لها قالت لها: "أنت إزاي مستحملة شكلك كده؟ أنت مش من مستوانا"".

رد عاجل من الحكومة المصرية

تحدثت عدة مصادر بوزارة التربية والتعليم عن بدء تحقيق عاجل في الواقعة التي أثارت حالة كبيرة من الغضب على مدار الأيام القليلة الماضية، كما أكدت الوزارة على تشديد الرقابة على المدارس لمنع أيّ شكل من أشكال العنف والتنمر داخل الفصول الدراسية.

إلى ذلك، أكد مصدر مسؤول بديوان عام وزارة التربية والتعليم أنّ الوزارة فتحت تحقيقاً عاجلاً في الواقعة التي شهدتها إحدى المدارس الثانوية بمنطقة الهرم، محافظة الجيزة، جنوب القاهرة، من جانب الشؤون القانونية بالوزارة.

وزارة التعليم المصرية: في حالة انتهاء التحقيقات بثبوت صحة الواقعة، سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتسبب في الوفاة بلا تهاون

وأشار المصدر في تصريحات لموقع "مصراوي" إلى أنّه في حالة انتهاء التحقيقات بثبوت صحة الواقعة، سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتسبب في الوفاة بلا تهاون.

وكانت الوزارة المصرية قد شددت في وقت سابق على تفعيل دور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في التصدي لهذه الممارسات بين الطلاب، ومتابعة سلوكيات الطلاب داخل المدارس من كافة الجوانب التربوية، والتعليمية، والصحية، والنفسية، بما يضمن الانضباط الذاتي للطلاب داخل وخارج المدرسة.

ما عقوبة التنمر؟

يعاقب القانون المصري المتنمر بعقوبة لا تقل عن (6) أشهر سجن وغرامات مالية لا تقل عن (10) آلاف جنيه، وفق التعديلات التي أقرها مؤخراً مجلس النواب المصري، على القانون رقم (58)، ووافق عليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

يعاقب القانون المصري المتنمر بعقوبة لا تقل عن (6) أشهر سجن وغرامات مالية لا تقل عن (10) آلاف جنيه

وتختلف العقوبة القانونية في حالة الطالبة المتوفاة إذا ما ثبتت الواقعة؛ لأنّ التنمر الواقع عليها قد تسبب في موتها، وتبقى تلك العقوبات معلقة على التحقيقات التي تجريها وزارة التربية والتعليم في الوقت الراهن، إلى جانب احتمال فتح تحقيق موازٍ من جانب النيابة المصرية إذا تقدمت أسرة الضحية ببلاغات اتهام رسمية.

ما هو التنمر وما أسبابه؟

بداية يعرف الدكتور أحمد موافي أخصائي الطب النفسي المصري التنمر بأنّه سلوك نفسي مضطرب، يمثل أحد أشكال العنف الذي يمارسه شخص ضد الآخر أو مجموعة أشخاص ضد الضحية، وعادة ما يؤثر على الضحية بشكل سلبي بدرجات متفاوتة تبدأ بالحزن والاكتئاب، وقد تصل إلى الوفاة مثل ما حدث في حالة الطالبة رودينا.

ويشير موافي في تصريح لـ "حفريات" إلى أنّ التنمر يُعدّ أحد أنواع الاضطراب النفسي، وينتج عن عدة أسباب؛ منها التربية الخاطئة، وممارسة العنف ضد الأطفال، فضلاً عن الإهمال والغيرة وانعدام الثقة بالنفس.

أخصائي نفسي: نسب التنمر تزداد بشكل كبير بين الأطفال بسبب دوافع الغيرة والسلوكيات غير المدروسة في القول والفعل 

ويشير موافي إلى زيادة نسب التنمر بشكل كبير بين الأطفال بسبب دوافع الغيرة والسلوكيات غير المدروسة في القول والفعل، مؤكداً على أهمية مراقبة سلوك الطفل باستمرار وتقويمه، وتوعيته حول خطورة التنمر اللفظي أو الجسدي على الاصدقاء والزملاء، وأيضاً معاقبة الطفل إذا استمر بممارسة هذا النوع من السلوكيات السلبية.

كيف نحمي أبناءنا من التنمر القاتل؟

يقول موافي: إنّ الحوار مع الأطفال بمختلف الأعمار هو أمر غاية في الأهمية للتعرف على مشاعرهم، وهو الطريق الأمثل لفهم احتياجاتهم ومشاعرهم والتعامل معها بالطريقة المناسبة، ومن الضروري أيضاً تتبع محيط صداقات الطفل لأنّها بيئة محفزة لسلوكه سواء بالسلب أو الإيجاب.

الحوار مع الأطفال بمختلف الأعمار هو أمر غاية في الأهمية للتعرف على مشاعرهم

ويشير موافي أيضاً إلى أهمية تتبع سلوكيات الطفل، والتعامل الفوري مع أيّ ممارسات عنيفة قد تصدر عنه بالقول أو الفعل، وتقويمه بشكل مستمر، وفي حال فشلت الجهود الأسرية في تعديل سلوك الأطفال فمن الضروري عرضهم على أخصائي نفسي أو استشاري لتقديم المساعدة.

ويؤكد الطبيب المصري على دور المدرسة المهم أيضاً في تنشئة الطفل وتربيته النفسية، مشدداً في هذا الصدد على أهمية تفعيل دور الأخصائي النفسي والاجتماعي داخل المدارس، وتفعيل منظومة الثواب والعقاب بشكل مستمر لردع أيّ سلوكيات منحرفة من جانب الأطفال.

وينصح موافي الآباء والأمهات بضرورة منح الثقة الكافية للأطفال، والحديث الدائم عن صفاتهم الحسنة لتعزيز ثقتهم بأنفسهم، ومحاولة تدريبهم على تقبل النقد والتنمر أحياناً دون التأثر به إلى حدّ يؤثر على صحتهم ويؤدي إلى إصابتهم بالأمراض.

مواضيع ذات صلة:

صدمة بين الأردنيين.. استمع لأستاذ جامعي يتنمر على طالب: "وينه المريض النفسي"

التعصب والتنمر.. هل من رابط؟

هل قتل التنمر الفنان العراقي فائز السنفور؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية