بعد لقاء السيسي وأردوغان... هل غادرت مفاوضات التقارب المصري التركي مربع "الجمود"؟

بعد لقاء السيسي وأردوغان... هل غادرت مفاوضات التقارب المصري التركي مربع "الجمود"؟

بعد لقاء السيسي وأردوغان... هل غادرت مفاوضات التقارب المصري التركي مربع "الجمود"؟


22/11/2022

بعث اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، على هامش افتتاح كأس العالم بقطر الأحد الماضي، بالعديد من المؤشرات حول مسار المفاوضات بين البلدين، والتي أعلنت القاهرة توقفها في وقت سابق لعدم استجابة أنقرة لشروطها، وعدم تحقيق أيّ تطورات إيجابية في الملفات التي تمثل قضايا خلافية بين الدولتين، لكنّ مراقبين توقعوا أن تشهد الفترة المقبلة تقدماً إيجابياً على مستوى التباحث بين البلدين بعد لقاء الرئيسين.

الرئاسة المصرية علقت على اللقاء في بيان صدر الإثنين، واعتبرته بداية لتطوير العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب، وأكدت على عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين المصري والتركي.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بسام راضي: إنّ الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان أكدا خلال لقائهما الأخير على هامش افتتاح نهائيات كأس العالم في قطر، عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي.

وأضاف راضي أنّه "قد تم التوافق على أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين".

أردوغان يأمل بتحقيق توافق قريب

من جانبه، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أمله في أن تفضي المباحثات الثنائية بين القاهرة وأنقرة إلى تحولات إيجابية فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية المضطربة بين البلدين على مدار الأعوام الماضية.

وقال أردوغان، وفق تصريحات نقلها عنه موقع "خبر ترك": إنّ المصافحة التي جرت بينه وبين نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في قطر يوم الأحد، كانت خطوة أولى نحو مزيد من التطبيع في العلاقات بين البلدين.

قال أردوغان إنّ المصافحة التي جرت بينه وبين نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في قطر يوم الأحد، كانت خطوة أولى نحو مزيد من التطبيع في العلاقات بين البلدين

وأضاف أردوغان أنّ تحركات أخرى ستلي تلك الخطوة الأولى من أجل تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة.

وتابع الرئيس التركي أنّه يريد أن تكون الاجتماعات مع مصر على مستوى أعلى، في سياق الاتجاه نحو تطبيع العلاقات.

هل حدث توافق بين مصر وتركيا مؤخراً؟

الخبير المصري المختص بالشأن التركي صلاح لبيب يقول في تصريح لـ "حفريات": إنّ المصافحة التي جرت الأحد في قطر خلال افتتاح كأس العالم بين الرئيسين المصري والتركي  كانت تتويجاً لجهود بذلت عبر القنوات الخلفية في الأشهر الماضية، ولذلك تُعدّ المصافحة كاشفة عن تقارب قد حدث بالفعل، وليست منشئة له.

وتعكس المصافحة بين الرئيسين، بحسب الخبير المصري، تفاهمات مرتقبة بين الدولتين حول القضايا التي كانت محل خلاف في الأعوام الماضية، ولعل أبرزها الملف الليبي والدعم التركي لجماعة الإخوان التي تُصنفها القاهرة تنظيماً إرهابياً، وحدود التنقيب عن الغاز في مياه البحر المتوسط.

صلاح لبيب: المصافحة بين الرئيسين المصري والتركي كانت تتويجاً لجهود بذلت عبر القنوات الخلفية في الأشهر الماضية، ولذلك تُعدّ المصافحة كاشفة عن تقارب قد حدث بالفعل، وليست منشئة له

ويتوقع لبيب أن تشهد العلاقات بين البلدين مزيداً من التنسيق والتعاون المشترك خلال الفترة المقبلة على مستوى العلاقات الثنائية، ومن المتوقع تبادل الزيارات السياسية والدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة، مؤكداً أنّ "البلدين في طريقهما لمزيد من التقارب السياسي، وإن ظلت بعض الملفات السياسية الخلافية عالقة، وعلى رأسها التدخلات التركية في الإقليم".

وبحسب لبيب، تركيا اليوم ليست تركيا ما بعد 2011، فقد كانت في ذروة قوتها مع وصول موالين لها إلى الحكم، جماعة الإخوان، في أكثر من بلد عربي، واليوم غالبية حلفائها في الإقليم تواروا عن المشهد، ولذا هي تعود إلى العمل مع الأنظمة المستقرة في البلدان العربية بكل براغماتية.

رغبة تركية صعبة المنال

ويشير لبيب إلى أنّ الهدف الرئيسي وراء الرغبة التركية في التوافق مع القاهرة، هو تحقيق مصالحها الذاتية، خاصة في ضوء الحاجة المُلحة للغاز، ومحاولتها البحث عن إطار شرعي للتنقيب عنه في البحر المتوسط، لذلك تعود إلى جيرانها للدخول في توافقات قانونية وسياسية تضمن لها مشروعية التنقيب عن الغاز، كما تمثل الأزمة الاقتصادية التركية عاملاً محورياً في تحول السياسة التركية إلى التفاهمات وإنهاء المشكلات، خاصة مع دول الجوار.

داليا زيادة: اللقاء بمثابة كسر الجليد بين مصر وتركيا، ويجب أن يتبعه عدد من اللقاءات بين البلدين تستهدف تسوية مواقفهما بشأن القضايا الإقليمية التي كان من شأنها إحداث الشقاق بينهما من البداية

ويتوقع لبيب أنّ ملف ترسيم الحدود البحرية التي تسعى أنقرة نحو المصالحة مع مصر من أجل إنجازه لن يمر سريعاً، وستواجهه عوائق عدة من الجانب المصري الذي لا يثق في الجانب التركي، وكذلك بسبب تحالفات دخلت فيها القاهرة على مدى الأعوام الـ (7) الماضية، وتجعل من الطموحات التركية صعبة المنال.

لقاءات عسكرية ودبلوماسية مرتقبة

مديرة المركز المصري للدراسات الديمقراطية الحرة داليا زيادة قالت لـ "سكاي نيوز": "إنّه قد يكون من الخطأ توقع أنّ المصافحة التاريخية التي تمّت بين الرئيسين السيسي وأردوغان بعد (9) أعوام من المقاطعة الدبلوماسية والحروب الإعلامية هي أمر وليد المصادفة، فقد اجتمعا من قبل في عدد من المحافل الدولية دون أن يتم أيّ لقاء بينهما، لكن هذه المرة كان هناك نية صادقة لدى كل منهما لتجاوز ما بينهما من ضغائن شخصية من أجل مصلحة شعبيهما".

وترى زيادة أنّ هذا اللقاء وهذه المصافحة كان يتم الترتيب لها على أكثر من مستوى في الدولتين منذ فترة، وقد بات من المؤكد للطرفين أنّ طي صفحة الماضي أصبح أمراً ضرورياً من أجل ضمان مستقبل أفضل لشعبيهما في المرحلة الصعبة التي يمر بها العالم الآن، في ظل سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية من الصعب توقع أنّها قد تنتهي في أيّ وقت قريب.

وبحسب زيادة، هذا اللقاء هو بمثابة كسر الجليد بين مصر وتركيا، ويجب أن يتبعه عدد من اللقاءات الرئاسية والدبلوماسية والعسكرية أيضاً بين البلدين، تستهدف تسوية مواقفهما بشأن القضايا الإقليمية التي كان من شأنها إحداث الشقاق بينهما من البداية.

قضايا خلافية ما تزال مصدر قلق

 بحسب زيادة، ما تزال مصر قلقة من استمرار تواجد القوات التركية في طرابلس، بينما تركيا تعتبر أنّ هذا أمر طبيعي نظراً للاتفاقية التي سبق أن أبرمتها مع الحكومة بشأن الدعم العسكري، ومصر ما زالت تدعم السياسيين في المنطقة الشرقية من ليبيا ضد رغبة تركيا.

وبخصوص البحر المتوسط، ترى زيادة أنّ مصر لن تستطيع التراجع عن اتفاقيتها مع اليونان، لكنّ هذا لن يمنعها من عمل اتفاقيات مشابهة مع تركيا، وفي رأيي من مصلحة مصر البقاء على الحياد في هذا الصراع التاريخي بين تركيا واليونان، كما كانت دائماً، وألّا تنحاز لطرف ضد الآخر.

وبالنسبة إلى ملف دعم جماعة الإخوان، تعتقد مديرة المركز المصري أنّها لم تعد أمراً ذا أهمية، لا بالنسبة إلى مصر ولا بالنسبة إلى تركيا، فالجماعة بالفعل في حالة انهيار داخلي غير مسبوقة، وسيستغرق الأمر أعواماً أو عقوداً حتى تستطيع الجماعة إعادة بناء نفسها، وهذا أمر يدركه أردوغان الآن بوضوح.

مواضيع ذات صلة:

مصافحة السيسي وأردوغان.. خبراء: هدف حاسم في مونديال قطر

تجمعوا في ملعب لمشاهدة الافتتاح.. عمال في قطر: كأس العالم نتاج عرقنا



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية