السلفية الجهادية تهاجم السويد.. ما القصة؟

السلفية الجهادية تهاجم السويد.. ما القصة؟


21/02/2022

أطلق دعاة سلفيون ومنهم إياد قنيبي هجمة كبيرة على دولة السويد متهمين إياها بسحب الأطفال من ذويهم، واستهداف المسلمين بالسبي والاسترقاق، وذلك على وقع قانون Lvu الذي يقضي بحماية أي طفل من أن يلحق به أذى جسدي أو نفسي، في حال وجود تقصير بالغ، من أسرته، وهذا ما أثار الكثير من الاحتجاجات، وخلق مجالاً ومناخاً كبيراً لتحرك المتطرفين والقيام بعمليات استقطاب وتجنيد لعناصر مستجدة من الجاليات المسلمة.

تفاصيل القصة

بدأت أزمة السويد مع السلفيين الجهاديين من الأردن حين أطلق المنظّر الجهادي إياد قنيبي (مقطع فيديو) على صفحته الشخصية قبل أسبوعين بعنوان (اختطاف الأطفال المسلمين في دول الغرب) متهماً السويد تحديداً أنها تقوم بعملية سبي لبعض الأطفال المسلمين، وتمنع ذويهم من رؤيتهم مجدداً.

انتشر فيديو قنيبي الذي يهاجم السويد، ما دفعه لنشر فيديو آخر بعنوان (لا تفتروا على السويد رجاءً) هاجم فيه بعض الرموز الإسلامية، التي دافعت عن السويد وانتشار الحريات فيها.

يقول الشيخ حسّان موسى في تصريح لـ"حفريات": إنّ قانون Lvu هو عام على جميع المواطنين، ضارباً المثل بطفل يتعرض لأي ضغوط أسرية، وفي هذه الحالة يتدخل القانون السويدي، الذي إما أن يفرض ضمانات على هذه الأسرة، أو في حالة الشعور بالخطر تقوم المؤسسات بحماية الطفل حتى يثبت لها زوال الخطر، وهذا ليس معناه الاسترقاق والسبي.

أطلق دعاة سلفيون هجمة كبيرة على دولة السويد متهمين إياها بسحب الأطفال من ذويهم بسبب قانون للحماية الأسرية

 

تعقيباً على ما جرى أصدر المجلس السويدي للإفتاء يوم 15 شباط (فبراير) 2022 بياناً قال فيه: حتى وقت قريب كان الكل يشيد بالسويد بلد الرخاء والحريات ومتنفس المظلومين.. فطالعتنا بعض الشعارات والعبارات من الداخل والخارج غريبة عنا وعن بلدنا السويد وشعبه المضياف كـ: "بلد الإرهاب" "خطف الأطفال من أهلهم" "سحب أبناء المسلمين من عوائلهم" "بلد تكميم الأفواه" "سبي واسترقاق أبناء المسلمين".. الخ، ونحن نرجو عدم السماح لأي أحد حزباً كان أو طائفة، أو متسلقاً يريد شهرة، أو منصة إعلامية في الداخل أو الخارج أن يتسلق ليقتات على معاناتكم، ويحرف هذا الحراك عن مساره الذي يؤمل له الخير. كلنا يعلم أنّ قانون Lvu   لم يوضع للمسلمين، ولا لسحب أبنائهم؛ بل هو ينسحب على الجميع؛ إنما وضعت ومقصد المشرع منها هو مصلحة الطفل. لا شك بأنه ليس كل الأهل يصلحون لحضانة أبنائهم، فهناك الميؤوس منهم؛ كالمبتلين بالإدمان والجريمة، ويصبح الأمر يحتاج إلى تدخل الشؤون الاجتماعية، والناس لا يرون كامل الصورة، ولا الأسباب من وراء الإجراءات الصارمة.

انتشار "السلفية التكفيرية" بدأ في ستوكهولم بعد منح اللجوء السياسي لأفراد من جماعات إسلامية قبل تسعينيات القرن الماضي

من جانبه دعا رئيس المجلس السويدي للإفتاء، الشيخ سعيد عزّام، الشؤون الاجتماعية إلى تأهيل عائلات تنطبق عليها الشروط القانونية لتكون عوائل بديلة عند الحاجة بما يحقق للطفل ألا ينقطع عن جذوره الدينية والثقافية، مذكراً الأهالي ومن يتعاطف معهم باستخدام الطرق السلمية، والتي يمنحها لهم القانون.

لماذا السويد؟

بالنظر إلى المشكلة يتبين أنه تم تضخيمها ونفخ النار فيها من أجل استخدامها ليس في مواجهة السويد وحدها، إنما في مقابل الاتحاد الأوروبي بالكامل، من أجل أغراض يبدو أنها تتعلق بعمليات اختراق واحتكار الجاليات المسلمة، وهذه المرة جاءت من أحد المنظّرين وهو إياد قنيبي.

قنيبي الذي اعتقل مرات في بلده الأردن إبان عمله في مختبرات جامعة العلوم والتكنولوجيا، كان وفق وسائل إعلامية أردنية منهمكاً بالفصل بين الطالبات والطلاب في قاعة درسهِ، ليفرضَ المزاجَ السلفيَّ على شكل التعليم الجامعيّ، وهو لا يؤمن بالدولة المدنية، وعلى عداء مع قيم الحضارة الغربية، ويعتبر مع أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الثلاثي السلفي الأكثر نقداً لتصرفات "داعش" في العراق وسوريا، لكنهم الأكثر دعوة للجهادية بمفهومها الأممي المعولم.

اقرأ أيضاً: الدعوة والسياسة: هل دخلت السلفية مرحلة جديدة؟

وقد أطلق قنيبي عدة اشتباكات مع الغرب داعماً لبعض الفصائل السورية، وأسهم في بناء حواضن شعبية له تتجاوز الحواضن الأيديولوجية خاصة في مصر والشام؛ إذ إنّه في الوقت الذي يهاجم فيه داعش، يقدم خطاباً يحافظ فيه على الأسس والمرجعية (السلفية الجهادية) ويهاجم فيه العلمانية والليبرالية.

إياد قنيبي الذي أطلق الهجمة على السويد كان منهمكاً في جامعته الأولى بالفصل بين الطالبات والطلاب

ويعتقد أنّ الإجراءات التي اتخذتها السويد خلال العام 2021؛ ومنها إقامتها لـ"المركز الوطني لتقييم التهديد الإرهابي (NCT)" والذي يضم أفراداً من شرطة الأمن وجهاز المخابرات العسكرية، وسعي ستوكهولم إلى إنشاء مركز وطني للأمن السيبراني، هو سبب وجيه لهجوم الجهاديين على الدولة الأوروبية التي تعتبر مركزاً كبيراً للسلفيين والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، هو سبب رئيسي في إطلاق تلك الحملة، التي بدأها قنيبي.

اقرأ أيضاً: ما علاقة محنة خلق القرآن بصعود الصحوة السلفية؟

ووفق دراسة أعدّها باحثون بارزون في أكاديمية الدفاع السويدية، ونشرت تحت عنوان "بين السلفية والسلفية الجهادية" فقد اتسعت رقعة ونفوذ السلفية في السويد، حيث رأى كبير الباحثين ماونوس رانستروب، أنّ "السلفية الجهادية بات لديها نفوذ قوي في السويد".

اقرأ أيضاً: لماذا ينقلب دعاة السلفية على فتاواهم القديمة؟

وأشارت الدراسة إلى ظواهر تأثير ونفوذ أصوليين إسلاميين في بيئات الهجرة باستخدام ما يسمّيه هؤلاء "سيطرة اجتماعية في التجمعات السكنية"، وكذلك خلق ظاهرة المجتمعات الموازية التي يفرض فيها التشدد الديني الإسلامي هيمنته على الحياة العامة.

وتلفت الدراسة إلى أنّ انتشار "السلفية التكفيرية" حصل في ستوكهولم قبل تسعينيات القرن الماضي، بعد منح اللجوء السياسي لأفراد من جماعات إسلامية من دول عربية إلى السويد، ومن بينهم أشخاص من مقاتلي الجماعة الإسلامية في الجزائر، ومن إسلاميين هاربين من المغرب، ومن مقرّبين من القاعدة منذ أيام "الجهاد الأفغاني" بمن فيهم المتهم بالإرهاب في الدنمارك سعيد (سام) منصور الذي جرّد من الجنسية الدنماركية بتهمة الإرهاب.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية