أزمة جديدة تضرب حزب الإخوان في موريتانيا بعد استقالة مؤسسه ورئيسه السابق.. ما التفاصيل؟

أزمة جديدة تضرب حزب الإخوان في موريتانيا بعد استقالة مؤسسه ورئيسه السابق

أزمة جديدة تضرب حزب الإخوان في موريتانيا بعد استقالة مؤسسه ورئيسه السابق.. ما التفاصيل؟


15/08/2023

في دليل جديد على وجود أزمة تنظيمية داخل الذراع الإخوانية في موريتانيا، أعلن الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) محمد جميل ولد منصور استقالته من الحزب.

ويُعدّ ولد منصور أبرز مؤسسي الجبهة الإسلامية، وهو فاعل فى الساحة الوطنية منذ التحاقه بالصحوة الإسلامية عام 1979، وكان من أبرز نشطاء الساحة الجامعية عشية التحاقه بالتيار الإسلامى، ثمّ حزب الأمّة، ثم عضواً في تكتل القوى الديمقراطية، واتحاد القوى الديمقراطية قبله، ثم نائباً لرئيس حزب (حمد) غير المرخص، ثمّ أسس بعد ذلك مبادرة الإصلاحيين الوسطيين، قبل أن يُرَخص في مطلع العام 2007 للتيار لإخوان موريتانيا، بحزب سياسي للمرة الأولى، وهو حزب التجمّع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذي تولى ولد منصور رئاسته لفترتين متتاليتين.

الرئيس السابق لحزب (تواصل) أكد في منشور على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أنّه تقدم باستقالته لنائب رئيس الحزب يوم الأربعاء الماضي، مضيفاً: "قبل قليل قدمت لنائب رئيس حزب تواصل (الرئيس مسافر إلى الداخل) استقالتي من الحزب، مسؤوليات وعضوية، وغني عن القول أنّي لست بفرح بذلك ولا مسرور". 

خلل داخلي وأزمة قيادية

في نص استقالته كشف ولد منصور عن تردده قبل اتخاذ قرار الاستقالة، لافتاً إلى أنّ الأمر كان ثقيلاً على نفسه، قائلاً: إنّ هذا التردد بسبب "العلاقة التي أكرمني الله بها مع إخوة أفاضل وأخوات فضليات، طيلة مسار حزبي مبارك، أخذ منّي سياسياً وذهنياً وبدنياً ما لست عليه بنادم، بل به من المعتزين، وقد واجهت أخيراً في هذا المسار ما استحق منّي توقفاً وتفكيراً".

الرئيس السابق قال: إنّه اتخذ قرار الرحيل عن الحزب "بعد توقف في مساره النضالي في الحزب بسبب ملاحظات، كان أولها نتائج مؤتمر كانون الأول (ديسمبر) 2022 التي كانت صادمة".

 الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) محمد جميل ولد منصور

وحول أسباب الاستقالة، قال القيادي الكبير بحزب (تواصل): إنّ المحطة الأولى  جاءت مع المؤتمر الرابع المنعقد في كانون الأول (ديسمبر) العام 2022، والذي كان منتظراً منه أن يكون موعداً لتصحيح الاختلالات، والانطلاق بالحزب نحو آفاق أرحب، بحسب قوله. وتابع: "مظاهر التراجع ، سواء في فلسفة الانفتاح، أو في تعزيز القوة المؤسسية الذاتية، أو في مستوى الجرعة السياسية والديمقراطية المطلوبة كانت صادمة". وبرر عدم استقالته آنذاك بأنّ "الأمل في الانتباه والاستدراك غلب الملاحظات والانتقادات، فكان الانتظار".

ولفت ولد منصور إلى أنّ "الانتخابات الجهوية والتشريعية والبلدية الأخيرة أدّت إلى خلل أكبر في البناء الحزبي"، بحسب تعبيره. وعليه استقر لديه أنّ الخروج من الحزب أصبح مسألة وقت، في ضوء الارتباك التنظيمي الواضح.

الرئيس السابق لحزب (تواصل) أكد في منشور على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أنّه تقدّم باستقالته لنائب رئيس الحزب يوم الأربعاء الماضي

وتابع: "كانت المسألة الثانية في تعاطي الحزب مع التنوع الوطني وإشكالاته المختلفة، فتراجع في الخطاب والاهتمام، ثم في البناء الحزبي قيادات جهوية ومؤسسات قيادية، وكنت من ضمن من نبّه إلى هذه الاختلالات، ودعا إلى تصحيحها وعدم تكرارها، خصوصاً في أفق الانتخابات المنتظرة حينها، وللأسف جاءت الانتخابات، وكان الخلل أكبر والخطأ أوضح، كما شرحت ذلك في بيان نشرته فور إقرار المكتب السياسي للترشيحات النيابية الرئيسية".

وأشار ولد منصور إلى أنّه "قدّم ملاحظات، وأشار إلى اختلالات، وانتظر أيّ علاج ولو قلّ، أو أيّ تصحيح ولو كان محدوداً، وهو ما لم يقع".

ولفت إلى أنّه مع كل هذا استمرت "سياسة إقصاء وإبعاد لقيادات في الحزب، لا تنقصهم الكفاءة ولا الخبرة، ولكنّهم يرون الأمور على نحو مختلف عن نظرة بعض القيادات الحالية للحزب". واتهم ولد منصور القيادة الحالية لـ (تواصل) بالعجز عن إدارة التنوع القيادي، وهو ما أدى إلى الفشل في التعاطي مع استحقاقات التنوع الوطني.

تداعيات الاستقالة

ينتهج ولد منصور منذ العام 2019 سياسات أكثر ميلاً إلى نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، بعدما كان معارضاً قوياً للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وهو ما أثار تكهنات حول احتمالات انضمام ولد منصور إلى حزب (الإنصاف) الحاكم، على غرار قيادات أخرى بارزة في صفوف إخوان موريتانيا. بينما يرى البعض أنّ ولد منصور قد يتجه إلى تأسيس حزب إسلامي جديد، نظراً لما يتمتع به من شعبية في صفوف التيار الإسلامي بشكل عام، وكذلك في ظل علاقاته القوية بالحزب الحاكم.

وسبق لـ (ولد منصور) أن لوّح بالاستقالة في نيسان (أبريل) الماضي، بداعي تحفظه على "تطورات متلاحقة بالحزب منذ التحضير لمؤتمره الرابع"، على حدّ تعبيره. وقال في بيان آنذاك: "قررت مضطراً أخذ مسافة وفترة كافيتين، أقّوم فيهما ما جرى وأعيد تقويمه، لأحدّد على ضوء ذلك استمراري في حزب (تواصل) من عدمه".

أشار ولد منصور إلى أنّه "قدّم ملاحظات وأشار إلى اختلالات، وانتظر أيّ علاج ولو قلّ، أو أيّ تصحيح ولو كان محدوداً، وهو ما لم يقع"

في ضوء ذلك، يواجه حزب (تواصل) أزمة حادة على الصعيد التنظيمي، بعد النتائج الهزيلة التي لحقت بالحزب في الانتخابات الأخيرة، وفقدانه مساحات كبيرة من التأييد الشعبي، ممّا ينذر بموجة من التفكك الداخلي، خاصّة بعد استقالة مؤسس الحزب، الذي أمضى مدة (12) عاماً في رئاسة الذراع الإخوانية.

جدير بالذكر أنّ حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية مُمَثّل في البرلمان الموريتاني بـ (11) مقعداً من أصل (176)، بينما يمتلك حزب (الإنصاف) الحاكم الأغلبية الكاسحة بـ (107) مقاعد، وذلك في ضوء الانتخابات الماضية.

مواضيع ذات صلة:

هل تصبح موريتانيا بوابة أوروبا الجديدة إلى غرب أفريقيا؟

هكذا استثمر إخوان موريتانيا سياسياً في كارثة السيول

المشروع الإخواني في موريتانيا: هل هو فقاعة دعائية؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية