
في خضم الجدل المتجدد داخل فرنسا حول ظاهرة "التغلغل الإخواني"، تستحضر مصر تجربتها الوطنية الفريدة التي جسدتها ثورة 30 يونيو، والتي شكلت نقطة فاصلة في مواجهة مخطط جماعة الإخوان الرامي للسيطرة على مؤسسات الدولة وتفكيك هويتها الوطنية.
فقد أشار مقال تحليلي لصحيفة "الديار" المصرية، إلى أن القيادة المصرية والشعب أدركا معًا أن المعركة من أجل بقاء الوطن لا تُخاض فقط بالسلاح، بل أيضًا بالإرادة السياسية واليقظة الاجتماعية، فكانت 30 يونيو صمام أمان للدولة الوطنية ورفضًا شعبيًا شاملاً لمشروع الإخوان.
ومع ذلك، لم تتوقف محاولات الجماعة في التسلل مجددًا إلى عقول ونفوس المواطنين، مستغلة أي ثغرة أو أزمة معيشية للعودة إلى المشهد.
الإخوان لا تموت بل تنتظر اللحظة المناسبة للعودة إلى المشهد مستغلة الأزمات الاجتماعية والملفات الساخنة التي قد تفتح لها أبوابًا جديدة
في السياق الفرنسي، عاد مصطلح "التغلغل" إلى الواجهة بعد صدور تقرير وزارة الداخلية الفرنسية في مايو الماضي، الذي تناول بشكل غير مباشر دور جماعة الإخوان في بناء شبكات ناعمة من الجمعيات الثقافية والدينية والتعليمية، مستعملة خطابًا مزدوجًا يجمع بين الظهور الليّن علنًا والترويج لأجندات دينية محافظة سرًا.
ويرى الباحث الفرنسي لوران بوارييه أن الجماعة لا تعتمد على المواجهة المباشرة، بل على التأثير التدريجي في بنية المجتمع، عبر تكوين تحالفات وشبكات مخفية.
وبالرغم من محدودية تأثير الإخوان على الحياة السياسية الفرنسية حتى الآن، إلا أن هذا الأسلوب يحمل مخاطر واضحة ومألوفة لمصر، التي شهدت كيف استغلت الجماعة أذرعها الدعوية والخدمية للتمدد داخل الدولة، حتى حاولت السيطرة عليها.
ويُعيد هذا التقرير، بحسب "الديار"، إلى الأذهان حقيقة أساسية أن: الإخوان لا تموت، بل تنتظر اللحظة المناسبة للعودة إلى المشهد، مستغلة الأزمات الاجتماعية والملفات الساخنة التي قد تفتح لها أبوابًا جديدة.
لم تتوقف محاولات الجماعة في التسلل مجددًا إلى عقول ونفوس المواطنين مستغلة أي ثغرة أو أزمة معيشية للعودة إلى المشهد
من بين هذه القضايا، يبرز ملف قانون الإيجارات القديمة، الذي يشكل "قنبلة اجتماعية" بسبب تعقيداته بين حقوق الملاك والمستأجرين، ما قد يولّد توترات اجتماعية يُراد منها تغذية خطاب الإخوان القديم.
وخلص التقرير إلى أن مصر تحتاج إلى استراتيجيات حكيمة ومتكاملة للمعالجة، لضمان عدم استغلال هذه الملفات كأدوات للتغلغل من جديد، وإجهاض أي محاولات تهدف إلى استهداف استقرار الدولة والوحدة الوطنية.