يوميات حرب الجليد: الطائرات الروسية تهدد شريان الحياة الاقتصادي في أوكرانيا

يوميات حرب الجليد: الطائرات الروسية تهدد شريان الحياة الاقتصادي في أوكرانيا

يوميات حرب الجليد: الطائرات الروسية تهدد شريان الحياة الاقتصادي في أوكرانيا


19/09/2023

منذ أيام زعمت أوكرانيا أنّها نجحت في اختراق خط الدفاع الأول للجيش الروسي، في منطقة زابوريزهيا الجنوبية، فيما يواصل هجومها المضاد إحراز تقدم بطيء ضدّ القوات الروسية على خطوط القتال، بالقرب من باخموت.

العميد أولكسندر تارنافسكي، وهو أحد كبار الجنرالات الأوكرانيين في الجنوب، قال لصحيفة (الأوبزرفر) البريطانية: إنّ قواته تقاتل "بين خطي الدفاع الأول والثاني"، وقال مستشار وزير الدفاع: "شيئاً فشيئاً، أعتقد أنّنا نحقق مكاسب".

وكانت القوات الأوكرانية قد تمكنت من رفع علم البلاد فوق روبوتاين الشهر الماضي، وتحاول الآن جاهدة توسيع الفجوة؛ للسماح لوحدات مشاة ومدرعات أكبر بالمرور، دون التعرض للنيران الروسية. كما واصلت القوات الأوكرانية أيضاً عملياتها حول ما تبقى من مدينة باخموت. ويقول محللون في معهد دراسة الحرب (ISW) ومقره الولايات المتحدة: إنّ اللقطات التي تمّ أخذها تشير إلى أنّ أوكرانيا حققت مكاسب هامشية شمال غرب قرية كليششيفكا، إلى الجنوب من المدينة، وشرق أوريكهوفو فاسيليفكا إلى الشمال.

ويقول ترينت مول، من وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية، وفقاً لــ (بي بي سي): إنّ هناك "احتمالاً واقعياً" بأن تخترق القوات الأوكرانية الدفاع الروسي بأكمله في جنوب أوكرانيا بحلول نهاية العام.

ردّ روسي عنيف

تركزت جهود الهجوم الأوكراني المضاد في الأسابيع الأخيرة على توسيع رأس الجسر حول قرية روبوتاين الصغيرة، على بعد حوالي (56) كيلومتراً جنوب شرق مدينة زابوريزهيا، مع تحقيق مكاسب محدودة إلى الجنوب غرب فيربوف القريبة.

من جهة أخرى، استمرت الهجمات الروسية بالطائرات بدون طيار والصواريخ على المواقع المدنية في أوكرانيا، حيث قُتل ما لا يقلّ عن (16) شخصاً، بينهم طفل، في هجوم نهاري على سوق في مدينة كوستيانتينيفكا الشرقية، كما تواصلت هجمات الطائرات بدون طيار على موانئ نهر الدانوب في أوكرانيا، ممّا أدى إلى إتلاف البنية التحتية اللازمة لتصدير الحبوب.

العميد أولكسندر تارنافسكي، أحد كبار الجنرالات الأوكرانيين في الجنوب

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أدان ما وصفه بــ "الهجوم المتعمد" على مدينة كوستيانتينيفكا، والتي تبعد حوالي (27) كم عن باخموت.

روسيا كثفت هجمات الطائرات بدون طيار ليلاً على موانئ نهر الدانوب، ممّا يهدد بخنق أحد شرايين الحياة الاقتصادية الحيوية في كييف، وإيقاف صادرات الحبوب. وبدأت موسكو في تركيز هجماتها بطائرات بدون طيار على موانئ الدانوب، بعد انسحابها من مبادرة حبوب البحر الأسود، التي تم التوصل إليها بوساطة دولية، وتهدف المبادرة إلى توفير ممر آمن للسفن التي تحمل الحبوب إلى الأسواق العالمية.

القوات الأوكرانية تمكنت من رفع علم البلاد فوق روبوتاين الشهر الماضي، وتحاول الآن جاهدة توسيع الفجوة؛ للسماح لوحدات مشاة ومدرعات أكبر بالمرور

ومنذ انسحاب روسيا من المبادرة، لم يتمكن سوى عدد قليل من السفن، التي لم تكن تحمل أيّ حبوب، من الإبحار من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود مثل أوديسا. ويقول مجلس تنمية الزراعة والبستنة في المملكة المتحدة (AHDB): إنّ 65% من صادرات الحبوب الأوكرانية تأتي الآن من موانئ إزميل وريني على نهر الدانوب، ويتم بعد ذلك نقل الحبوب عن طريق الأنهار والقنوات إلى البحر الأسود؛ عبر ميناءي سولينا وكونستانتا البحريين الرومانيين.

وتُعدّ الهجمات الروسية على موانئ الدانوب تطوراً ملحوظاً في سير العمليات القتالية، حيث إنّ نهر الدانوب يشكل جزءاً من حدود أوكرانيا مع حلف شمال الأطلسي، وبالتالي فإنّ الهجمات الروسية تحمل بعداً جيوسياسياً إضافياً، بالتزامن مع التدريبات البحرية السنوية لحلف شمال الأطلسي، والتي تجري هذا العام في شمال بحر البلطيق، وتشمل التدريبات، التي بدأت في 9 أيلول (سبتمبر) الجاري، وتستمر لمدة أسبوعين، حوالي (30) سفينة وأكثر من (3) آلاف فرد من جميع دول الناتو في منطقة البلطيق، بالإضافة إلى السويد التي ستصبح عضواً قريباً، والحلفاء من خارج منطقة البلطيق. وتمتلك روسيا سفينة حربية، وأخرى لجمع المعلومات الاستخباراتية، متمركزة في بحر البلطيق.

من ناحية أخرى تمّ رصد طائرة روسية بدون طيار، وهي تنفجر عبر الدانوب، داخل رومانيا، ونفت بوخارست الحادث في البداية، قبل أن تقر في نهاية المطاف بالعثور على بعض شظايا طائرة روسية بدون طيار، على الجانب الروماني من النهر.

ويقول بول آدامز، مراسل (بي بي سي) للشؤون الدولية: إنّ بوخارست، التي أدانت بشدة الهجمات الروسية على منشآت نهر الدانوب في أوكرانيا، لا تريد أن يخرج الحادث عن السيطرة، بشكل يجعلها أكثر تورطاً في الصراع.

تطوير الهجوم الأوكراني المضاد

من جهتها، ردت أوكرانيا باستهداف ساحة بحرية روسية في مدينة سيفاستوبول المحتلة في شبه جزيرة القرم، وأصابت سفينتين حربيتين على الأقل تخضعان للإصلاح، بحسب السلطات الروسية. وهذا الهجوم، بحسب الـ (فاينانشيال تايمز)، هو الأكبر على قاعدة أسطول البحر الأسود الروسي، منذ بداية الحرب. ونشر ميخائيل رازفوزاييف، حاكم سيفاستوبول المعين من قبل موسكو، صورة على برقية تظهر النار والدخان في مكان الحادث، وكشف عن إصابة (24) شخصاً في الهجوم.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أدان ما وصفه بــ "الهجوم المتعمد" على مدينة كوستيانتينيفكا

ونادراً ما تعلن كييف مسؤوليتها عن الهجمات داخل شبه جزيرة القرم وروسيا، لكنّ منشوراً على (تليغرام) لقائد القوات الجوية الأوكرانية، ميكولا أولشوك، أشار إلى قيام طياريه بالهجوم. وقال: "أريد أن أشكر طياري القوات الجوية للقوات المسلحة الأوكرانية على عملهم القتالي الممتاز".

استنزاف بطيء

تتبع المؤسسة العسكرية الأوكرانية استراتيجية استنزاف تدريجية؛ تسعى لتدمير الأنظمة اللوجستية والمدفعية الروسية؛ حتى تتمكن قواتها من اختراق حقول الألغام، دون تكبد خسائر كبيرة. ووفقاً لتقارير الاستخبارات العسكرية في أوكرانيا، فإنّ القوات الأوكرانية تقع على مسافة قريبة من خط الدفاع الثاني بعد روبوتاين. ومع ذلك، تقوم روسيا بإعادة نشر قوات خاصة من فرقة الهجوم الجوي رقم (76)؛ لتعزيز المنطقة التي تمتلك فيها نظاماً مترابطاً من الخنادق والأنفاق؛ يسمح لجيشها بتحريك القوات والأسلحة والذخيرة حول خط المواجهة.

وفقاً لتقارير الاستخبارات العسكرية في أوكرانيا، فإنّ القوات الأوكرانية تقع على مسافة قريبة من خط الدفاع الثاني بعد روبوتاين

وكشفت صور الأقمار الصناعية التي استعرضتها (فاينانشيال تايمز)، وحلّلها خبراء عسكريون، وجود شبكة روسية متعددة الطبقات من الخنادق المضادة للدبابات، ومتاهات الخنادق، وحواجز "أسنان التنين" الخرسانية، وحواجز "القنفذ" الفولاذية، وبكرات من الأسلاك الشائكة، وحقول الألغام.

وفي 18 أيلول (سبتمبر) الجاري أسقطت وحدات الدفاع الجوي الروسية المضادة للطائرات (3) أهداف جوية، فوق منطقة بيلغورود الجنوبية، بحسب حاكم المنطقة، فياتشيسلاف جلادكوف، الذي كتب على (تيليغرام): إنّ التقارير الأولية أشارت إلى حدوث بعض الأضرار في خطوط الكهرباء.

وفي اليوم نفسه قال رئيس بلدية خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا: إنّ مركز المدينة كان هدفاً للصواريخ الروسية. وقال تيريخوف على (تيليغرام): إنّه وفقاً للمعلومات الأولية، فإنّ المناطق الوسطى تتعرض أيضاً للهجوم. وأضاف: "هناك معلومات عن ضرب منطقة صناعية، في ضاحية خلودنوهيرسكي بالمدينة".

مواضيع ذات صلة:

الإمارات مستعدة للمساهمة في تسوية الصراع بين روسيا وأوكرانيا... تفاصيل

هل بدأت المرحلة الأولى من الهجوم الأوكراني المضاد؟

بعد تفجير السد الأوكراني... ما التداعيات على محطة زابوريجيا النووية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية