هل ينجح التنظيم الدولي للإخوان في جمع شتات جبهتي منير وحسين؟

هل ينجح التنظيم الدولي للإخوان في جمع شتات جبهتي منير وحسين؟


07/12/2021

يحاول التنظيم الدولي المسؤول عن كل فروع الإخوان المسلمين بكافة الطرق رأب الصدع بين الفريقين المتخاصمين داخل التنظيم المصري، وإلى حد ما أوقف المعركة الكلامية، غير أنّه لم ينجح حتى الآن في لمّ الشمل الذي يهدف له لأنّ الأزمة أكبر من كلام وتصريحات إعلامية.

تفاعلات تنظيمية حادة

تصعّب التفاعلات التنظيمية الحادة حل مشكلة التنظيم داخل مصر؛ إذ إنّ خروج بعض شباب الجماعة الأكثر انفتاحاً على التيارات السياسية الأخرى على قيادة الجماعة، وانقلاب المتشددين على قادتهم، والخلافات حول الملفات الإدارية والتنظيمية والمالية أدت إلى حدوث انشقاقات وتصدعات ضخمة.

المشكلة المتفاقمة الآن أنّ إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد يضطلع بدور قيادي كبير رغم أنه لم يكن عضواً بمكتب الإرشاد، وهذا مخالف للوائح الجماعة، وتوليه القيادة جاء عقب هزائم التنظيم المتتالية، والمخاطر التي تعرض لها، بسبب رسوخ النظام المصري في موقعه، وإعادة إنتاج ظاهرة العودة إلى العمل السري والعنف من خلال أفراد الجماعة للانتقام، وانجرار البعض منهم للتعاون مع داعش والعمل المسلح، ثم اندماج بعض أنصار الجماعة من المجتمع بالتيارات السلفية مما أثر سلباً على جماهيرية التنظيم، وكذلك الإقصاء الذى تعرضت له الجماعة طيلة 3 سنوات كاملة، وهو الأصعب الذي لا تستطيع أن تتحمله مطلقاً، وهو ما أنتج تلك المشكلات التي طفت على السطح الإعلامي.

البيانات المتتابعة تكشف على مستوى المقيمين في الخارج عن حالة تربّص والاستعداد للرد والمواجهة من دون سقف

مما لا شك فيه أنّ التنظيم اختار المواجهة، وإحراج النظام، ومحاولة إسقاطه، إلا أنّ ما قام به عزز ما جرى مع الجماعة في مصر، حيث تعاظم التخوف من تكرار النموذج في دول أخرى، وأثّر هذا بالسلب على الجماعة في أقطار عديدة، وفي الآونة الأخيرة اتسعت الفجوة الأيديولوجية ما بين الجماعة والتنظيمات الحليفة لها، وكانت تصريحات عاصم عبد الماجد، القائد في الجماعة الإسلامية المصرية، المتتالية معبرة عن هذه الحالة، وسقطت المشتركات الاستراتيجية بين الإسلاميين ومعارضيهم من العلمانيين والقوميين والليبراليين واليساريين والأقباط واتسعت الفجوة بينهم، وهذه الأسباب كانت دافعاً عاجلاً لظهور المشكلات بين القادة، ومحاولة البحث عن حلول.

التنظيم الدولي يبحث عن حل

لقد باءت كل المحاولات بحل الأزمة بين فريق محمود حسين وإبراهيم منير، وعقب الإقالة التي طالت 6 من قيادات الرابطة في تركيا، ظهر الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين في إصدار مصور مؤكداً على إقالة إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد الإخوان، بحجة أنه خرج على اللائحة الداخلية، مشيراً إلى أنه رفض تطبيق المادة الخامسة التي تجيز له باعتباره أكبر الأعضاء سناً تولي قيادة الجماعة، مقرراً تشكيل لجنة لإدارة شؤون التنظيم، مؤكداً على عدم جواز فصل أو تجميد المجالس المنتخبة في إشارة إلى "شورى الإخوان"،  وهو تأكيد على الانقسام وتطوره بصورة لافتة.

عقب ظهور حسين وكلمته بان أن الجماعة تحولت إلى اثنتين لكل منهما مجلس شورى وموقع إلكتروني ومتحدث إعلامي وعدد من المكاتب الإدارية تابع لها، لكن بعد ذلك بأيام توقفت الحملات الإعلامية بين الطرفين في إشارة إلى تدخل وسطاء بوقف المعركة الكلامية لإعطاء فرصة من أجل الحل الوسط ولم الشمل.

اقرأ أيضاً: قراءة في سجال "الخطابات والرسائل" بين جبهتي الإخوان: لمن الحكم اليوم؟

طالب الوسطاء وفق صفحة الكاتب منير أديب بـ"الفيسبوك" كل طرف بالتنازل عن بعض قراراته، تمهيداً لإلغاء القرارات الصادرة من كل منهما والاجتماع على ما أطلقوا عليه كلمة سواء تمهيداً لتحقيق التقارب، ذاهباً أنّ أطراف الوساطة لم يأخذوا وعداً بلقاء يجمع بين إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد الإخوان ومحمود حسين، أمين عام التنظيم سابقاً، غير أنّهما لم يرفضا مبدأ الوساطة رغم تمسك كل طرف بقراراته، مدعياً أنه الأحق بقيادة التنظيم.

يحاول التنظيم الدولي المسؤول عن كل فروع الإخوان المسلمين بكافة الطرق رأب الصدع بين الفريقين المتخاصمين داخل التنظيم المصري

وضع الوسطاء ومنهم الشيخ يوسف القرضاوي شروطاً لإنهاء الخلاف أو تقريب وجهات النظر منها: تقليل حدة الانتقاد ووقف الحملات الإعلامية فوراً، والقبول بلقاء مباشر بين أطراف الصراع يبدأ بلقاء منفرد بين منير وحسين ويتبعه لقاءات أخرى على مستوى المساعدين والمستشارين، وإلغاء كافة القرارات الصادرة من إبراهيم منير في لندن ومجلس شورى التنظيم في إسطنبول.

اقرأ أيضاً: موسم الأفول.. حرب البيانات تشعل أجنحة الإخوان

هذه الشروط ربما تساعد في تقريب وجهات النظر وتجاوز بعض الخلافات التي تعيق التقارب ولكنها غير كفيلة بحل هذه الخلافات..

هل تنتهي أزمة الإخوان؟

ما يكشفه الصراع بين القادة الإخوان خلال الفترة الماضية أنّ الأزمة مستعصية على الحل، وأنّه حتى لو تم رأب الصدع مؤقتاً فإنّ أسباب الخلافات كامنة ويمكن أن تنفجر في أي وقت مقبل لجملة من الأسباب أهمها:

استمرار الصراع مع النظام المصري والهزيمة الكبيرة التي لحقت بالتنظيم، وتأثيرها على قادة السجون وعناصر الجماعة وأهلهم.

وفق ما كتبه الكاتب خيري عمر بصفحته على "فيسبوك" فإنّ البيانات المتتابعة تكشف على مستوى المقيمين في الخارج، أن هناك حالة تربّص والاستعداد للرد والمواجهة من دون سقف، وبالنظر إلى مكونات النزاع الحالي، يتضح أنه ينتشر بين المقيمين في الخارج من دون وضوح ملامح لتداعياته على مكوّنات الحركة في مصر.

اقرأ أيضاً: البرلمان الأوروبي يصدر تقريراً عن الخريطة الإخوانية في أوروبا الغربية

يقول عمر: يمكن فهم هذه السياقات مؤشّراً على انهيار القيادة وما تسمى تقاليد في إدارة النزاع الداخلي، وقد ظهرت مطالب بضرورة الانتهاء من ازدواج الوضع المصري باستعادة مكتب مصر ومراقبه العام لسد فجوة التحول المحتمل في نقل وظيفة الإرشاد إلى خارج مصر وتضاؤل فرص عودتها.

اقرأ أيضاً: قراءة في تطورات الصراع داخل الإخوان ومآلاته بعد فشل مبادرات الصلح

تساهم لائحة الجماعة المعيبة، التي لم تتطور منذ حسن البنا، في ظهور المشكلات دائماً، وليس من المرجح تغييرها خلال الفترة المقبلة ما يشير إلى أن المشكلات يمكن أن تنفجر دون سابق إنذار.

ترتبط محاولة حل مشكلة الانقسام مؤخراً بسعي أجهزة استخبارات إقليمية لوأد المشكلة مؤقتاً لصالح إبراهيم منير لتدجين الجماعة من أجل تقديمها للنظام المصري بشكل مستجد، حتى يسهل حل إشكالية السماح بتواجدها مرة أخرى في الشارع المصري.

اقرأ أيضاً: صراعات الأجنحة تعمق انقسامات "الإخوان" المصريين

من هنا يلاحظ أنه وبرغم وجود وساطة إلا أنها ليست ذات أثر ولا تظهر أي انفراجة قريبة لها في الأفق، وسواء تمّ لم الشمل مؤقتاً فإنّه لن يكون بشكل دائم لاستمرار أسباب وجود الانشقاق.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية