مصر تطلق هيئة حكومية لنشر السعادة... ماذا تعرف عنها؟

مصر تطلق هيئة حكومية لنشر السعادة... ماذا تعرف عنها؟

مصر تطلق هيئة حكومية لنشر السعادة... ماذا تعرف عنها؟


19/01/2023

تحت عنوان "فن إدارة الحياة"، استحدثت الحكومة المصرية، من خلال وزارة الشباب والرياضة، هيئة جديدة لدعم الصحة النفسية وتعزيز أنماط نشر الطاقة الاجتماعية في مواجهة الأفكار السلبية والمساعدة في اختيار الطريق الصحيحة للسعادة والنجاح، وتحفيز الطاقات الإيجابية للشباب نحو برامج الإنتاج والاستثمار العلمي والعملي، من أجل خدمة أنفسهم ووطنهم وذويهم. 

وتستهدف الهيئة، التي أُعلن عن تدشينها الإثنين الماضي تقديم برامج وورش تدريب للمواطنين من مختلف الفئات العمرية، بهدف تعزيز أنماط السلوك الإيجابي لديهم، لكنّها تركز بشكل خاص على قطاع الشباب، لتحويل طاقاتهم الكبيرة إلى جهود إنتاجية تسهم في تطوير حياتهم وتعزيز قدراتهم الحياتية، وحمايتهم من الأمراض النفسية التي تفرضها تحديات العصر، مثل القلق والحزن والاكتئاب، الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة أبرزها الإدمان والمخدرات. 

كيف جاءت الفكرة؟ 

تتحدث الدكتورة نيرفانا فاضل التي ترأس الهيئة بوزارة الشباب والرياضة عن كواليس تدشين الهيئة قائلة: إنّها "كانت تعمل في الشؤون القانونية بالوزارة، لكنّها لم تكن سعيدة بعملها، ودائماً كانت تشعر بالإحباط لممارسة عمل لا ترغب به، فضلاً عن محاولتها الانتحار أكثر من مرة، بسبب ظروف شخصية وانفصالها عن زوجها، ومن هنا كانت البداية". 

نيرفانا فاضل: قدّمت فكرة إدارة فن الحياة على غرار وزارة السعادة، بهدف تقديم المساعدات للناس ونشر الطاقة الإيجابية بينهم لمساعدتهم على الإنتاج، وعرضت الفكرة على وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي الذي وافق عليها ودعمها بشدة

وتضيف فاضل، بحسب حديثها مع "سكاي نيوز"، أنّها شاهدت فيلماً أجنبياً يتحدث عن الفكرة ذاتها، تسبب في تغير نظرتها إلى الحياة، وتولدت لديها طاقة كبيرة، ورغبة في تطويع تلك الطاقة لخدمة الناس، لذلك ذهبت إلى طبيب نفسي، وحصلت على دبلومات في علم النفس وكيفية التعامل مع الناس وتوجيههم للطريق الصحيحة.

وبعد ذلك قامت فاضل بكتابة فكرة إدارة فن الحياة على غرار وزارة السعادة، بهدف تقديم المساعدات للناس ونشر الطاقة الإيجابية بينهم لمساعدتهم على الإنتاج، وعرضت الفكرة على وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي الذي وافق عليها ودعمها بشدة.

ما خطة عمل الهيئة؟ 

بحسب فاضل، تقدم الهيئة المستحدثة لدى الحكومة المصرية دورات في فن الحياة للناس، تقوم على (3) مراحل؛ الأولى تحت اسم "اعرف نفسك"، والثانية "تحديد المسار"، والثالثة "بداية الطريق".

وتضيف: "من خلال الدورات التي يقدمها متخصصون، نحاول تعريف المتدربين معنا على أنفسهم، ودراسة إمكانياتهم جيداً، ليعرف كل شخص نقاط قوته ونقاط ضعفه، ويعمل على ترتيب أفكاره ومهاراته، ومن هنا ينتقل إلى المرحلة الثانية وهي تحديد المسار، حيث يعرف كل شخص ما يريده تحديداً، وما الحياة التي يحلم بها ويجتهد للوصول إليها".

الدكتورة نيرفانا فاضل التي ترأس الهيئة بوزارة الشباب والرياضة

وبحسب فاضل، تعمل الإدارة على تنوير الطريق ونشر الطاقة الإيجابية بين عائلات كاملة، من خلال تعليم أفرادها كيفية التعامل مع بعضهم البعض وتشجيع التعاون والتكاتف بينهم، وكل ذلك ينعكس على تحقيق حياة أفضل لهم.

وتسهم الدورات التي تقدمها الإدارة في تغيير نظرة الشباب والمشاركين إلى المجتمع، من خلال مخاطبة العقل الباطن للشخص، وإعادة برمجة العقول على الأشياء الإيجابية، والبعد عن الأمور السلبية، وكيفية التحول إلى أشخاص مؤثرين في المجتمع، وألّا يكون المجتمع فقط هو ما يؤثر فينا.

ما القطاعات الجغرافية التي تعمل عليها؟ 

تأمل فاضل أن يمتد عمل الهيئة إلى كافة المحافظات المصرية، وهو ما تعمل وزارة الشباب والرياضة على تنفيذه خلال الفترة المقبلة، وحتى الآن نجحت الإدارة بتنظيم تلك الدورات في محافظات القاهرة والجيزة وشمال سيناء والإسماعيلية وبورسعيد والشرقية.

أحمد موافي: المميز في هذه المبادرة أنّها حكومية، تستهدف كافة القطاعات وتركز على الشباب، وتقدّم خدماتها المجانية للجميع، وستساعد ملايين الشباب على تحديد أهدافهم في الحياة والانطلاق نحو بدايات أفضل

وقد لاقت مشاركة كبيرة من الناس، بحسب فاضل، التي تعهدت بالاستمرار في تقديم الدورات ببقية المحافظات من خلال مراكز الشباب والرياضة، وكل شخص يستطيع المشاركة فيها دون شروط، فقط يكون هدفه تغيير أسلوب حياته للأفضل.

تفاعل إيجابي من المواطنين

من جهته، قال الدكتور حسن محمود، استشاري التدريب والتطوير ومحاضر بمكتب "فن إدارة الحياة": إنّ المتدربين الذين حصلوا على التدريب طلبوا من الوزارة استمرار التدريبات بصورة مستمرة، مشيراً إلى أنّ التدريبات التي يتلقاها الممواطنون تشمل بعض الجوانب، أهمها ما يطلق عليه "العدسة النفسية"، ويقصد بها أن يغير المتدرب النظارة والعدسة التي يرى بها الأمور في حياته، لكي يبدأ بعد حصوله على التدريب في تفسير الأحداث بصورة مغايرة عن تلك التي كان يفسر بها الأحداث من قبل، وهو ما يترتب عليه تغيير السلوك.

...

وأضاف محمود، بحسب مواقع محلية، أنّ أهم الأمور التي يركز عليها التدريب أن يتعرف الشباب المصري على أنفسهم، ويتعرفون على قدراتهم، مشيراً إلى أنّ التدريب الذي يحصل عليه الشباب يتضمن أن يقوم كل شاب بتحليل لشخصيته للتعرف على نقاط القوة والضعف بشخصيته، وما المعوقات التي قد يوجهها، إضافة إلى التعرف على الفرص التي أمامه.

الدعم النفسي ليس رفاهية

من جانبه، وصف الدكتور أحمد موافي، أخصائي الطب النفسي المصري، المبادرة بأنّها جيدة للغاية، وتعمل على تحفيز أنماط السلوك السوي والإيجابي لدى المواطنين، متمنياً أن يتم تطبيقها بمختلف محافظات الجمهورية في أقرب وقت، حتى يستفيد منها أكبر عدد من المواطنين، خاصة في المناطق النائية والقرى والأرياف، نظراً لكون الثقافة السائدة في تلك المناطق تعتبر المعالجات النفسية نوعاً من الرفاعية أو العيب أحياناً. 

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول موافي: إنّ المميز في هذه المبادرة أنّها حكومية، تستهدف كافة القطاعات وتركز على الشباب، وتقدم خدماتها المجانية للجميع، وهي فرصة جيدة لكل من يريد أن يتلقى دعماً نفسياً، كما أنّها ستساعد ملايين الشباب على تحديد أهدافهم في الحياة والانطلاق نحو بدايات أفضل. 

ويرى موافي أنّه من المهم أيضاً التركيز على دعم الأسر والعائلات التي تعاني من ظروف نفسية، مثل الانفصال أو فقدان أحد أفرادها، وغيرهما من المشكلات الاجتماعية التي قد تتراكم على مدار الأعوام، وتسبب تشوهات نفسية تؤدي إلى زيادة انتشار الجريمة وارتفاع معدلات العنف، لذلك من الضروري جداً معالجة الأمر في بدايته. 

لا تخجل من حزنك 

وفي الختام، يوجه الطبيب المصري المختص بالأمراض النفسية والإدمان نصيحة إلى الجميع، بألّا يخجل أحد من حزنه، ولا يستسلم له، وأن يسلك كافة الطرق التي قد تساعده على تجاوز أزمته النفسية، أيّاً كان نوع الظروف التي يمر بها، لأنّ الامراض النفسية تمثل عاملاً محورياً لزيادة أمراض الجسد وأمراض المجتمع في الوقت ذاته. 

ويشير موافي إلى أنّه فضلاً عن مبادرة وزارة الشباب والرياضة، هناك العديد من المراكز الحكومية والمستشفيات التي تقدم خدمات طبية للأمراض النفسية والعقلية أيضاً بأسعار منخفضة، وفي سرّية تامة، ويمكن اللجوء إليها في أيّ وقت، لكن لا تستلم أبداً لحزنك الذي قد يقودك إلى الإدمان أو الجنون أو نهاية مأساوية، لا قدّر الله. 

مواضيع ذات صلة:

شريحة ذكية لعلاج الاكتئاب... كيف تعمل؟

"اكتئاب ما بعد المونديال" .. عرض عابر أم اضطراب مقلق؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية