مدفع الإفطار.. كيف قادت المصادفة إلى أبرز عادات شهر رمضان؟

مدفع الإفطار.. كيف قادت المصادفة إلى أبرز عادات شهر رمضان؟

مدفع الإفطار.. كيف قادت المصادفة إلى أبرز عادات شهر رمضان؟


11/06/2022

تتميز التقاليد الرمضانية في مصر بأنّ لها خلفية تاريخية ارتبطت بحادثة ما، وتم اعتمادها لنشر البهجة في الشهر الكريم. ومن أبرز هذه التقاليد إطلاق المدفع  عند غروب شمس كل يوم خلال الشهر الفضيل، للإعلان عن موعد الإفطار.

وبعد توقف دام قرابة (30) عاماً، أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية في العام 2021 عن إطلاق المدفع الرمضاني مجدداً من ميدان متحف الشرطة، بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة كما كان في السابق. هذا وقد تمّ نقل (2) من المدافع الـ (3) المتبقية لعائلة محمد علي إلى المقطم، وتمّ الحفاظ على المدفع الثالث كعامل جذب سياحي في ساحة متحف الشرطة، بقلعة صلاح الدين المطلة على القاهرة من تل مرتفع، ويعود تاريخ هذه القطعة المعروضة إلى عام 1871.

وعلى الرغم من تعليق العمل بإطلاق مدفع الإفطار من محيط قلعة صلاح الدين في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، إلّا أنّ الحنين إلى هذه العادة ظلّت تراود المصريين، بل إنّها استمرت في العديد من المحافظات الإقليمية، حيث أصبح إطلاق المدفع تقليداً راسخاً من تقاليد الشهر الفضيل. بينما ظلّت عبارة: "مدفع الإفطار، إضراب"، هي أكثر عبارة ينتظرها المصريون عبر الإذاعة وقنوات التلفزة.

وكانت هيئة الآثار المصرية قد طلبت من وزارة الداخلية التوقف عن ضرب مدفع الإفطار من محيط القلعة، خوفاً على المنطقة التي تضم متحفاً مفتوحاً للآثار الإسلامية، حيث تضم متحف قلعة صلاح الدين الأيوبي التي شيدها عام 1183، والمسجد الذي بناه محمد علي على الطراز المعماري العثماني عام 1830، بالإضافة إلى جامع السلطان حسن، وجامع الرفاعي، ومتاحف القلاع الـ (4)، ولفتت الهيئة إلى أنّ إطلاق المدفع (60) مرة خلال السحور والإفطار في شهر رمضان، بالإضافة إلى (21) طلقة في أيام عيد الفطر الـ (3)، سيؤثر سلباً على العمر الافتراضي لهذه الآثار؛ بسبب الاهتزازات القوية التي يسببها دوي المدفع.

بعد توقف دام قرابة (30) عاماً أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية عام 2021 إطلاق المدفع الرمضاني مجدداً من ميدان متحف الشرطة

ومع الوقت، انتقلت عادة إطلاق مدفع رمضان عند غروب الشمس من مصر إلى العديد من البلدان الإسلامية والعربية المجاورة لمصر، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت وبنغلاديش.

مدفع رمضان قاهري النشأة

بحسب تصريحات صحفية لرئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بوزارة السياحة والآثار المصرية، فإنّ هناك العديد من الروايات المحيطة بمدفع رمضان، وكلها تؤكد أنّ عادة مدفع رمضان نشأت في مدينة القاهرة، وتحديداً في قلعة صلاح الدين في القاهرة.

تروي إحدى القصص أنّ تقليد مدفع رمضان يعود إلى عهد السلطان المملوكي سيف الدين خشقدم، الذي أراد تجربة مدفع جديد، وانتهى به الأمر إلى تجربة إطلاقه عند غروب الشمس في أول يوم من شهر رمضان عام 1467؛ الأمر الذي جعل الناس يعتقدون أنّ السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أنّ وقت الإفطار قد حان؛ فخرجت جماهير الشعب إلى مقر الحاكم لشكره على هذا الابتكار، وعندما رأى السلطان سعادتهم، قرّر الاستمرار في إطلاق المدفع كل يوم للاحتفال بوقت الإفطار.

تمّ تغيير موقع المدفع أكثر من مرة، إلى أن استقر حالياً في ساحة متحف الشرطة، بقلعة صلاح الدين الأيوبي في القاهرة

وتقول رواية إنّه في منتصف القرن التاسع عشر، وبالتحديد في عهد الخديوي عباس الأول عام 1853، استُخدم مدفعان للإفطار في القاهرة: الأول في القلعة، والثاني من سراي عباس باشا الأول بضاحية العباسية.

بينما هناك رواية أخرى تحكي أنّ بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل كانوا يختبرون أحد المدافع؛ فانطلقت منه قذيفة، وتصادف ذلك مع وقت آذان المغرب في أول يوم من شهر رمضان، ممّا جعل الناس يعتقدون أنّ الخديوي كان يتبع تقليداً جديداً لإعلان وقت الإفطار، ولمّا علمت الحاجة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل بما حدث، أعجبت بالفكرة، وطلبت من الخديوي إصدار قرار بجعل إطلاق المدفع عادة رمضانية دائمة، وفي ذلك الوقت كانت تعرف باسم الحجة فاطمة. وبعد ذلك أضيف إطلاقه إلى أعياد السحور والعطلات الرسمية.

هذا، وقد تمّ تغيير موقع المدفع أكثر من مرة، إلى أن استقر حالياً في ساحة متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين الأيوبي في القاهرة.

تطوير وظيفة المدفع

تمّ تطوير وظيفة مدفع الإفطار بشكل أكبر كأداة للإعلان عن رؤية هلال رمضان بمجرد رؤية الهلال، حيث كانت المدافع تطلق أعيرتها من القلعة لتعلن بفرحة بداية شهر الصوم، كما كانت تطلق (21) طلقة طيلة أيام عيد الفطر الـ (3).  

تروي إحدى القصص أنّ تقليد مدفع رمضان يعود إلى عهد السلطان المملوكي سيف الدين خشقدم

ومع الزمن، أصبح صوت مدفع الإفطار عنصراً أساسياً في حياة المصريين، خاصّة في شهر رمضان، من خلال أحد المدافع القديمة التي تعود إلى عهد محمد علي.  وعندما تم إنشاء الإذاعة المصرية، توقف ضرب مدفع الإفطار من القلعة، واستبدل ذلك بالتسجيل الصوتي الذي كان يذاع يومياً في الإذاعة ومن بعد ذلك التلفزيون، حتى قرر المسؤولون إعادة عملية الإطلاق على الهواء أثناء آذان المغرب من القلعة، حيث قرّر وزير الداخلية المصري أحمد رشدي في عام 1983 إعادة إطلاق المدفع من قلعة صلاح الدين، طوال شهر رمضان عند السحور والإفطار.

تقوم وزارة الآثار بترميم المدفع وصيانته بدقة، حيث يقوم الفنيون بإزالة طبقات الصدأ من الخارج، وتنظيف البرميل من الداخل

هذا، وتقوم وزارة الآثار بترميم المدفع وصيانته بدقة، حيث يقوم الفنيون بإزالة طبقات الصدأ من الخارج، وتنظيف البرميل من الداخل، وقبيل اعتماد قرار عودة مدفع الإفطار جرت صيانة المدفع الأثري، وقد أكدت إيمان زيدان، مساعدة وزير السياحة والآثار، في تصريحات صحفية، أنّ ترميم المدفع الأثري كان جزءاً من خطة لتطوير المتاحف والمواقع الأثرية، بما في ذلك قلعة صلاح الدين الأيوبي. ولفت أسامة طلعت، رئيس قسم الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في الوزارة، لصحيفة The National، إلى أنّ عملية ترميم المدفع القديم استغرقت حوالي شهر.

مواضيع ذات صلة:

ليالي رمضان تضيء سيناء...عودة الأنشطة الثقافية رغم أنف الإرهاب

حلويات رمضان.. من قصص تاريخية إلى أطباق تبهج الصائم

فانوس رمضان في مصر: حكاية خالدة عبر الزمان



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية