صُدِمت اليابان بتقاريرٍ تفيد أن عددًا قليلًا من النساء اليابانيات احتجزن في العراق بعد سفرهن إلى المنطقة للزواج من مقاتلين من تنظيم داعش الإرهابي، مما أثار الدهشة والقليل من التعاطفِ مع محنتهن.
التقارير، التي وردت مؤخراً من العراق، تفيدُ بوجودِ أكثر من 1,330 أجنبي ما بين نساء وأطفال محتجزون حاليًا في معسكر للنازحين شمال العراق، ويعدون، بحسب وكالة "أسوشيتد برس"، من الرعايا الأجانب من أسر مقاتلي "داعش"؛ حيث استسلموا إلى القوات الكردية في أواخر آب (أغسطس) بعد أن تم تطويق معقل "داعش" في تلعفر بالقرب من الموصل. ويُعتَقد أنّهم ينتمون إلى 14 دولة، وذكرت مجلّة "شوكان بانشون" اليابانية أنّ من بينهم خمسة مواطنين يابانيين.
ولم تقدِّم السلطات اليابانية أي معلومات إضافية، من قبيل أسماء الأشخاص الخمسة أو جنسهم أو أعمارهم. غير أن هناك تكهناتٍ أن امرأةً واحدةً على الأقل سافرت إلى العراق لتتزوج من مقاتل داعشي، ومن الممكن أيضًا أن يكون هناك أطفال من بين المحتجزين الخمسة.
المعلومات في التقارير، فاجأت اليابان كون التلميح الوحيد السابق بأنّ أحدهم يحاول الانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي جاء عندما تم احتجاز طالب من جامعة في هوكايدو بعد الادعاء أنه كان يُخطط للانضمام إلى "الثورة".
تم احتجاز طالب من جامعة في هوكايدو بعد الادعاء أنه كان يُخطط للانضمام إلى "الثورة"
اليابانيات عرضة للتأثر بـ "داعش"
التقارير حول النساء اليابانيات اللواتي يسافرن للعيش مع مقاتلي داعش تأتي مُشابهة لما يحصل في أوروبا منذ بضع سنوات؛ حيث جذبت حالات سفر شابّات إلى العراق للزواج من مقاتلي داعش الكثير من الاهتمام.
ويركز السَرْد على كيفية تدجين الشابات اللواتي يسهل التأثير عليهن عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وإقناعهن بترك حياة هادئة ومستقرة للعيش في منطقة حرب.
الأستاذ المساعد في وسائل الاتصال والإعلام في جامعة هوكايدو بونكيو ماكوتو واتانابي، أخبرَ "دويتشه فيله" أنّ نهجًا مماثلًا يمكن أن يكون استخدم بحق النساء اليابانيات، وأنهن كن عُرْضَة للتأثر به بشكل مماثل "للأوروبيات".
ويقول واتانابي: "أصبح الشباب والشابات في اليابان منفصلين بشكل عميق عن المجتمع نتيجة للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كما أنّهم يملكون شبكة من الأصدقاء على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنهم لا يزالون غائبين عن جزء كبير من المجتمع، وهم وحيدون وغالبًا ما يحاولون العثور على هوية لأنفسهم".
وبرأي واتانبي، هذا هو السبب في أنهم غالبًا ما يصدّقون كل ما يُقال لهم عندما يكونون على اتصالٍ مباشر على سبيل المثال مع "شخص من تنظيم داعش الإرهابي على موقع دردشة أو من خلال بعض الصفحات الأخرى على الانترنت".
ويضيف واتانابي: "لقد أصبحوا بعيدين عن المجتمع ولديهم أسئلة يمكن أن تشمل الدين والإله، والأجوبة التي يحصلون عليها عبر الانترنت يمكن أن تكون جذابة بالفعل".
ويشير الأستاذ إلى أنّ ازدهاراً طفيفاً طرأ على اهتمام بعض الشباب اليابانيين بالثقافة والفنون والتاريخ والمطبخ والدين في الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة؛ حيث كان عدد من الشباب -معظمهم من النساء- مهتمين بما يكفي للمشاركة في فعاليات "المسجد الكبير" بمنطقة شيبويا في طوكيو.
وقال متحدث باسم الجمعية اليابانية للمسلمين إنه لا علم لديه بالتقارير التي تتناول توجه نساء يابانيات إلى العراق للانضمام إلى داعش ورفض التعليق على أسبابهن المحتملة.
يعتقدُ واتانابي أنه ربما هناك تشابهاتٌ بين من ينضمون إلى تنظيم داعش الإرهابي ومن انضموا إلى طائفة أوم الإرهابية
تشابهات مع "طائفة أوم"
يعتقدُ واتانابي أنه ربما هناك تشابهاتٌ بين من ينضمون إلى تنظيم داعش الإرهابي ومن انضموا إلى أوم شنريكيو، الطائفة اليابانية القيامية التي خطّطت للإطاحة بالحكومة وإقامة دولتها الخاصة، وقد أُحبِطت أهدافها بعد أن أطلق بعض أتباعها غاز السارين الذي يؤثر على الأعصاب داخل شبكة مترو أنفاق طوكيو عام 1995، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا وإصابة أربعة آلاف آخرين.
ويوضح واتانبي التشابه بقوله: "إن الذين انضموا إلى هذه الطائفة كانوا يحاولون إيجاد مكان ومعنى لحياتهم، وكانوا مَجْذُوبين من قِبل منظمة ذات عقيدة قوية استفحلت في نهاية المطاف حتى صارت طائفة أوم، لذلك هناك أوجه تشابه محددة مع الشباب والشابات اليابانيين الذين يشعرون بالانتماء إلى داعش".
ويضيف: "مهما كانت دوافعهن، فإن النساء اللواتي تزوجن من مقاتلي داعش، وجرى اللقاء بينهن وبين هؤلاء الرجال فقط عبر الانترنت، لا يمكن أن يتوقعن ترحيبًا حارًا لدى عودتهن إلى اليابان، رغم أن السلطات من المستبعد أن تلاحقهن".
تجاهلٌ في وسائل الإعلام اليابانية
"حسب علمي، لم يتم الحديث حول هذا الموضوع في المجتمع أو وسائل الإعلام على الإطلاق حتى الآن"، هذا ما علق به واتانابي الذي يعتقد أن وسائل الإعلام المحلية تجاهلت التقارير السابقة حول توجه نساء يابانيات إلى الشرق الأوسط للزواج من مقاتلين لدى داعش، وأضاف أن هذا يرجع ربما إلى أنهم قد فرضوا رقابة ذاتية في تقاريرهم على أساس أن ذلك قد ينعكس بشكل سيئ على اليابان.
وهذا النهج برأيه، يتناقض بشكل كبير مع التغطية الإعلامية في أوروبا، حيث كُتبت تقارير موسّعة حول حالات الشابات اللواتي يذهبن إلى الشرق الأوسط للانضمام إلى مقاتلي داعش بعد اللقاء بهم على الانترنت.
ويفسر واتانابي هذا بأن وسائل الاعلام اليابانية مهتمّة بشكل أكبر بالفضائح المحلية التي تتضمن سياسيًا يابانيًا أو نجمًا تليفزيونيًا، مضيفًا أن هناك أيضًا إمكانية قوية لأن تكون الحكومة تدخّلت وأصدرت أوامر لشركات الإعلام بعدم بث هذه الأخبار.
جوليان ريال - دويتشه فيله