ماذا يريد أردوغان من القرن الأفريقي؟

ماذا يريد أردوغان من القرن الأفريقي؟


18/06/2020

تطلعات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القائمة على المكتسبات والمصالح، والأطماع بثروات البلدان الأخرى، خاصة في القارة الأفريقية، برزت جليّة في الآونة الأخيرة، فمن ليبيا التي يحاول السيطرة فيها على ثرواتها من نفط وغاز إلى الصومال التي وجد فيها موطئ قدم تحت غطاء المساعدات الإنسانية، ومنها إلى جيبوتي ثم إرتيريا.
ويستند دائماً أردوغان إلى اتفاقيات تعقد في غرف مغلقة وببنود فضفاضة، لتشريع السيطرة على الثروات الطبيعية، ففي كانون الثاني (يناير) الماضي، صرّح أردوغان للصحافة العالمية أنّ حكومة الصومال قد قدّمت طلباً لتركيا للتنقيب عن الغاز والنفط قبالة سواحلها، ما يظهر الوجه الحقيقي لتركيا في دول القرن الأفريقي.  
وقد نقلت قناة NTV عن الرئيس التركي قوله: "إنّ التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية التابعة للصومال سوف يدرّ عائداً كبيراً على الاقتصاد التركي"، وفق ما أورده مركز المرجع للدراسات والأبحاث الاستشرافية حول الإسلام الحركي.

أردوغان يسعى للسيطرة على ثروات بلدان أفريقية عبر تثبيت حالة عدم الاستقرار

وقد دخلت تركيا إلى الصومال مستغلة المساعدات التي قدّمتها لها بعد مجاعة ألمّت بها في عام 2011. معتمدة على وكالة تيكا التركية وسيلة لتقوية نفوذها في البلد الذي يطل على واحد من أهم المضايق البحرية في العالم، والذي ينقل مواد الطاقة والنفط إلى أوروبا عبر البحر الأحمر.
وتعمل تركيا على زيادة نفوذها في الصومال، لهذا افتتحت أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج، ومقرّها العاصمة الصومالية مقديشو في تشرين الأول (أكتوبر) 2017، وأكد وقتها رئيس أركان الجيش التركي خلوصي آكار أن الضباط الأتراك سيتولون تدريب أكثر من 10 آلاف جندي صومالي في القاعدة.
وتُعدّ هذه القاعدة "التي تضم ثلاث مدارس عسكرية بجانب منشآت أخرى" أكبر معسكر تركي للتدريب العسكري خارج تركيا.
وتزعم تركيا أنّ القاعدة تهدف إلى مساعدة الحكومة الصومالية في مواجهة الجماعات الإرهابية، وهو الهدف الظاهري المعلن، إلا أنّ الواقع يخفي أشياء أخرى يؤكدها الكثير من الشواهد التي رصدتها تقارير دولية توضح علاقة تركيا بالجماعات المتطرفة التي تهدف إلى تثبيت حالة عدم الاستقرار في البلاد من أجل استمرار تدخلاتها، شأنها شأن التدخل التركي في ليبيا.

قاعدة عسكرية في الصومال ومنطقة تجارية حرّة في جيبوتي ومكتب رابطة مسلمي إريتريا

ولتوثيق ما ورد سابقاً كشف موقع "نورديك مونيتور"، التابع لشبكة الشمال للأبحاث والرصد المتخصصة في تتبع الحركات المتطرفة في كانون الثاني (يناير) 2019، أن الحكومة الأمريكية حصلت على معلومات تفيد أن الاستخبارات التركية على علاقة خفية بالحركات المسلحة في الصومال، وأكد الموقع أن المعلومات المستقاة من وثائق قضائية تؤكد أن الوكالة أرسلت مئات الآلاف من الدولارات إلى حركة الشباب الصومالية، عبر عميل كان سجيناً سابقاً في معتقل "غوانتانامو".    
وأوضح التقرير أن الحكومة الأمريكية أبلغت أنقرة بالأمر، وطالبتها بتحقيق لكشف الشبكة الإرهابية التي تعمل على تمويل الحركة المتطرفة؛ لكن حكومة أردوغان أوقفت التحقيقات التي انطلقت بعد الإخطار الذي أرسله مكتب مساعد وزير الخزانة الأمريكي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، ديفيد كوهين، في ذلك الوقت.

نورديك مونيتور: معلومات تؤكد علاقة الاستخبارات التركية بالحركات المسلحة في الصومال

وتشهد علاقة تركيا بما تُسمى حركة شباب المجاهدين الصومالية الموالية لتنظيم القاعدة  حالة من العلاقات والأدوار الخفية في الصومال، ربما تظهر أحياناً في شكل نوع من العداء، إلا أن الباطن يخفي أشكالاً من المصالح المشتركة، التي تتم عبر وسطاء جماعة الإخوان المصنفة في الكثر من الدول كتنظيم إرهابي، ففي شباط (فبراير) 2018 كشف خطاب لرئيس ما يُسمى "هيئة علماء الصومال" الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية بشير صلاد، عن وجود علاقات قوية ومصالح مشتركة بين نظام أردوغان وحركة شباب المجاهدين، تسمح لأنقرة بأن تكون تركيا هي الوحيدة القادرة على الوساطة بين الحركة والحكومة الصومالية، بحسب تصريحاته لوكالة الأناضول التركية، والتي قال فيها: "إن تركيا دولة كبيرة، تستطيع أن تلعب دوراً في كيفية احتواء الأزمة الصومالية وإنهائها من جذورها".    
وفي بلد آخر وقع عليه اختيار أردوغان، وقّعت تركيا اتفاقية مع جيبوتي، البلد الصغير على ساحل البحر الأحمر، لإنشاء منطقة تجارية حرّة، تبلغ 12 مليون متر مربع، مع قدرة اقتصادية متوقعة تبلغ 1 تريليون دولار في كانون الأول (ديسمبر) 2016.
وفي إرتيريا أيضاً، دشنت تركيا بداية عام 2019 مكتب رابطة مسلمي إريتريا، تحت مُسمى رابطة العلماء الإريتريين، الذي يقوم بإصدار تصريحات علنية معادية لكلٍّ من إريتريا وإثيوبيا.

وأفادت إريتريا أن تركيا تحاول منذ أواخر عام 2018 عرقلة إتمام عملية السلام والتطورات في العلاقات بين البلدين على وجه التحديد، ومنطقة القرن الأفريقي بشكل عام.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية