قشَّة المرشد العام تقصم ظهر الإخوان المسلمين!

قشَّة المرشد العام تقصم ظهر الإخوان المسلمين!

قشَّة المرشد العام تقصم ظهر الإخوان المسلمين!


26/03/2023

زيد قطريب

تتفاقم الخلافات بين قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن قامت “كتلة لندن” بتعيين صلاح عبدالحق، قائماً بأعمال المرشد العام للجماعة، خلفاً لإبراهيم منير؛ الذي توفي في نوفمبر العام الماضي.

وتعرضت جماعة الإخوان المسلمين إلى انقسام حاد بلغ ذروته عام 2021 عندما قامت “كتلة تركيا” بعزل إبراهيم منير، قائد ما يُعرف بـ”كتلة لندن”، الذي كان يشغل منصب القائم بأعمال المرشد العام، وتعيين محمود حسين عوضاً عنه. وقد ردَّت “جماعة لندن” حينها بتشكيل مجلس شورى جديد، ليحل مكان المجلس الذي تسيطر عليه “كتلة تركيا”.

وأثار تعيين عبدالحق ردود فعل غاضبة من “كتلة تركيا” التي كانت تأمل أن تحسم وفاة إبراهيم منير الصراعَ لصالحها. فأصدرت بياناً قالت فيه: “إن تعيين عبدالحق يأتي ضمن محاولات متجددة لاستحداث كيانات موازية لمؤسسات الإخوان الرسمية، أو تسمية أشخاص بمهام ومسميات مدّعاة، بعيداً عن المؤسسات الشرعية للتنظيم تحت دعاوى مختلفة لن تفرض أمراً واقعاً ولن تجدي نفعاً”.

وفي أحدث مقابلة معه، قال محمود حسين لتليفزيون “وطن”: “إن الأزمة الأخيرة في الجماعة، لم تحدث نتيجة قصور في اللوائح؛ بل بسبب عدم التزام البعض بهذه اللوائح والقواعد”، مشيراً إلى “ضرورة الالتزام بقرارات مجلس الشورى ومكتب الإرشاد اللذين يتبعان كتلة تركيا، وقد سبق أن حلتهما كتلة لندن منذ عام 2021”.

عصام تليمة في لقاء متلفز تحدث عن رسالة بعث بها المرشد الثامن للإخوان محمد بديع، من السجن، إلى محمود حسين؛ طالبه فيها بعدم الإقدام على أمر دون استشارة صلاح عبدالحق ومدحت عاصم وحلمي الجزار. وقد سمَّاهم بديع باللجنة العاملة على وحدة الصف وجمع كلمة الإخوان؛ لكن حسين أخفى الرسالة، كما يقول تليمة.

ويقول الباحث المصري عمرو عبدالمنعم: إن رفض مجموعة تركيا اختيار جبهة لندن لصلاح عبدالحق في منصب القائم بأعمال المرشد العام، أمر متوقع نتيجة الصراع المتعمق بين قيادات “الإخوان” منذ وفاة القائم بأعمال المرشد السابق إبراهيم منير، الذي أصدر قبيل رحيله قراراً بعزل وإيقاف محمود حسين، مع خمسة من مجموعته بتهم تتعلق بالفساد.

وقال صلاح عبدالحق، في بيان أصدرته الجماعة، بعد انتخابه في العاشر من مارس الجاري، إن أهم أولوياته في المرحلة المقبلة هو “إعادة التعريف بالجماعة، وتعزيز مكانتها، ولمّ شملها، والاهتمام بملف المعتقلين وأسرهم، وتمكين الشباب لإدارة المرحلة”.

الواضح حتى الآن، أن خلافات كتلتَي لندن وتركيا، متجذرة وقوية؛ فالأولى متمسكة بمرشدها الجديد عبدالحق، ومجلس الشورى الذي شكَّلته، أما الثانية فتؤكد شرعيتها عبر مجلسها القديم ومرشدها محمود حسين.

في هذا الاتجاه، يتوقع الباحث المصري منير أديب، المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة والإرهاب الدولي، في دراسة أصدرها مركز “تريندز” للدراسات والأبحاث، ثلاثة سيناريوهات لخلافات الإخوان؛ هي “انهيار الجماعة، أو استمرار الوضع القائم، أو معالجة الخلافات وعودة الجماعة موحدة”، ويرى أن الأزمة لا يمكن أن تُحل إلا بتدخل المرشد محمد بديع، من سجنه، لتسوية الخلاف، أو عبر ضغط من دول كبرى؛ مثل بريطانيا وتركيا.

ويقول المحلل السياسي طارق الأحمد، لـ”كيوبوست”: إن الصراع على السلطة والثروة، بين الحرس القديم والجديد، قد يؤدي إلى انقسام الجماعة لعدة تنظيمات، في أخطر أزمة تواجهها منذ تأسيسها قبل أكثر من تسعين عاماً.

ولم يقتصر انقسام جماعة الإخوان المسلمين على جبهتَي لندن وتركيا؛ فقد ظهرت العام الماضي جبهة ثالثة تحت اسم “تيار التغيير” الذي دعا إلى العودة لتنفيذ تعاليم المؤسس حسن البنا، وسيد قطب. كما عقد التيار مؤتمراً عاماً في تركيا تحت شعار “على عهد الشهيد”؛ أعلن فيه عن نفسه تحت قيادة محمد كمال، مسؤول الخلايا النوعية في التنظيم.

وحول تأثير الشقاق على حضور جماعة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي، قال طارق الأحمد: بالتأكيد ستتأثر جماعة الإخوان سلبياً نتيجة الانقسامات وما رافقها من فضائح تتعلق بالفساد المالي وتهم العمالة للخارج، بالإضافة إلى فشل الجماعة سياسياً في العديد من الدول العربية؛ وآخرها مصر. فالسنوات الأخيرة تؤكد تدهور أوضاع الجماعة على مختلف الصعد، وهو ما يجعلنا نتوقع انحسار دورها بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.

واستناداً إلى مصدر من داخل جماعة الإخوان المسلمين، رفض الكشف عن اسمه، أكد أن هناك غضباً في صفوف قواعد الجماعة؛ نتيجة انتشار أخبار الفساد المالي والخلاف بين القيادات على المكاسب، وقد ظهر هذا الأمر للعلن عندما قامت جبهة لندن بحل مجلس الشورى الذي تسيطر عليه جبهة تركيا، بعد أن وجهت إلى القيادة والأعضاء تهماً تتعلق بالاختلاس والعمالة لأجهزة المخابرات الخارجية.

إضافة إلى الأزمة الداخلية، يعاني الإخوان المسلمون خارجياً؛ بسبب اقتناع العديد من الدول الغربية بحجم التهديدات التي تشكلها الجماعة، وقد وصلوا إلى قناعة بأنها جماعة غير شعبية؛ بل تمثل جزءاً من التطرف الإسلامي، فشرعت فرنسا والنمسا وألمانيا في اتخاذ إجراءات للحد من توسع الإخوان داخل حدودها وتقليص مصادر تمويلها.

حول هذه النقطة، تقول سوزان شروتر، رئيسة مركز أبحاث الإسلام العالمي في فرانكفورت الألمانية، وعضو المجلس الاستشاري العلمي للمركز النمساوي لتوثيق الإسلام السياسي، في صحيفة “فلوكس بلات”: “إن جماعة الإخوان هي أخطر تنظيم للإسلام السياسي في الغرب”، مؤكدةً أن هناك إجراءات نموذجية اتخذتها النمسا ضدها وستشهد مثلها بقية الدول الأوروبية.

تبدو أزمات الإخوان المسلمين غير مقتصرة على الأزمة الداخلية وموضوع الصراع على السلطة؛ فالقضية أيضاً قانونية وأمنية بدأت تظهر في أوروبا بشكل قوي، ما ينذر بمخاطر كبيرة تحدق بالجماعة من ناحية العمل العلني ونضوب المصادر المالية.

ويقول المحلل السياسي طارق الأحمد، لـ”كيوبوست”: إن أوروبا وأمريكا ستدفعان ثمناً باهظاً؛ لأنهما تأخرتا في تقدير خطورة الإخوان داخل حدودهما، وبالفعل بدأنا نشهد نوعاً من الصحوة التي ترافقت مع إصدار قوانين من شأنها الحد من نشاط الجماعة.

تعيين صلاح عبدالحق قائماً بأعمال المرشد العام للجماعة، قد يكون القشَّة التي تقصم ظهر الإخوان الذين يتوجون فشلهم السياسي في الدول العربية، واكتشاف مخاطرهم في الدول الأجنبية، بنزاعات داخلية على الثروة والسلطة انتشرت على العلن وراحت رائحتها تزكم الأنوف!

عن "كيوبوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية