لم ينجُ الاقتصاد البريطاني، ثاني أكبر اقتصاد أوروبي والسادس عالمياً، من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، التي أوشكت على إتمام نصف العام، فقد أظهرت بيانات مكتب الإحصاء البريطاني انكماش اقتصاد المملكة المتحدة بين نيسان (أبريل) وحزيران (يونيو)، وسط تراجع في جميع القطاعات عزز المخاوف من ركود تضخمي.
ونقل موقع "ياهو فاينيس" عن المكتب الإحصائي البريطاني قوله: إنّ الناتج المحلي الإجمالي تقلص بنسبة 0.1% في الفترة المذكورة، مقارنة بنمو 0.8% في الربع الأول. وعلى أساس ربع سنوي، انخفض الإنتاج للمرة الأولى منذ العام الماضي عندما أدى الإغلاق المصاحب لفيروس كورونا إلى إغلاق الصناعات، لكنّه ما يزال أقل من التوقعات، فقد توقع الاقتصاديون الذين استطلعت رويترز آراءهم انخفاضاً بنسبة 1.3%.
أظهرت بيانات رسمية انكماش اقتصاد بريطانيا بين نيسان وحزيران، وسط تراجع في جميع القطاعات عزّز المخاوف من ركود تضخمي
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6% في حزيران (يونيو)، من 0.4% في أيار (مايو)، مخالفاً التوقعات بـ0.5%، في أسوأ انخفاض شهري منذ كانون الثاني (يناير) 2021.
توقعات أسوأ
أشارت يائيل سيلفين، كبيرة الاقتصاديين فيKPMG ، إلى "علامات متزايدة على ضعف أساسي في الاقتصاد"، متوقعة "حدوث تباطؤ أكثر حدة في نهاية هذا العام فقط".
إلى ذلك، عبّر محللون في المعهد البريطاني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية عن اعتقادهم أنّ "الاقتصاد قد دخل بالفعل في حالة ركود"، فقد قال ستيفن ميلارد، نائب مدير نمذجة الاقتصاد الكلي بالمعهد: "يبدو الآن أنّ اقتصاد المملكة المتحدة دخل في حالة ركود في الربع الثاني من هذا العام، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1%، ونتوقع استمرار انخفاض الإنتاج خلال الأرباع الـ3 المقبلة".
عبّر محللون في المعهد البريطاني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية عن اعتقادهم أنّ "الاقتصاد قد دخل بالفعل في حالة ركود".
وتوقع المعهد أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث بنسبة 0.1% أخرى، وسط ترجيحات بأن يتباطأ النمو أكثر مع تأثير التضخم على طلب المستهلكين.
وقال وزير الخزانة نديم الزهاوي: "لقد أظهر اقتصادنا مرونة لا تُصدّق في أعقاب الوباء وأنا واثق من أنّه يمكننا تجاوز هذه التحديات العالمية مرة أخرى. أعلم أنّ الأوقات عصيبة، وسيشعر الناس بالقلق إزاء ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو؛ ولهذا السبب أنا مصمم على العمل مع بنك إنجلترا للسيطرة على التضخم وتنمية الاقتصاد."
وحذّر بعض الخبراء من أنّ البيانات الجديدة حول الاقتصاد البريطاني عززت "التوقعات القاتمة" للاقتصاد، وأنّ الشاغل الجديد لداوننغ ستريت يجب أن "يقدّم الدعم المستهدف".
وقال جيمس سميث، مدير الأبحاث في مؤسسة ريزوليوشن: "ستتمثل الأولوية الأولى لرئيس الوزراء الجديد في توفير المزيد من الدعم المستهدف للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي ستكون الأكثر تضرراً من الركود التضخمي الذي يبدو أنّه بدأ بالفعل".
وفي نهاية تموز (يوليو) الماضي، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لعامي 2022 و2023، واصفاً التوقعات الاقتصادية العالمية بأنّها "قاتمة وغير مؤكدة بدرجة أكبر".
وتوقع الصندوق، في تقرير آفاق الاقتصاد الذي يصدره الصندوق بشكل دوري، أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2% هذا العام، قبل أن يتباطأ أكثر إلى 2.9% في عام 2023، وتشير المراجعات إلى خفض التصنيف بنسبة 0.4 و0.7 نقطة مئوية، على التوالي، من توقعات نيسان (أبريل) الماضي.
ووفقاً للصندوق، فإنّ التوقعات المعدلة تشير إلى أنّ المخاطر السلبية الموضحة في تقرير نيسان (أبريل) تتحقق الآن، ومنها ارتفاع التضخم العالمي، وتباطؤ أسوأ من المتوقع في الصين، والتداعيات المستمرة للحرب في أوكرانيا.