سلام السودان

سلام السودان


02/09/2020

صادق ناشر

الخطوة التي شهدها السودان قبل يومين، المتمثلة في توقيع الحكومة اتفاق سلام مع حركات وتحالفات مسلحة في إقليم دارفور، من شأنها أن تدفع بعملية السلام في هذا البلد إلى الأمام، وتحقق هدف المرحلة الانتقالية التي جاءت على أنقاض النظام السابق، الذي كان يرأسه عمر حسن البشير، في حل الصراعات الأهلية التي يشهدها السودان منذ عقود، ولم تتمكن الحكومات السابقة من إنهائها.
معظم الجماعات المسلحة التي وقعت الاتفاق، توافقت مع الحكومة لإنهاء الصراع، وهي: حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) وكلها تمثل مناطق ذات أهمية مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، والتي كانت مسرحاً لعنف دام عقوداً.
ولأن الاتفاق يحمل أهمية استثنائية للسودان؛ فقد حضر توقيعه في جوبا، كل من رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ووفد رفيع من القيادة الانتقالية، إضافة إلى رئيس جنوب السودان سيلفا كير، ونائبه رياك مشار، وهذا الأمر يدل على أن الجميع كانوا ينتظرون هذه اللحظة ليلتفت السودان إلى معالجة أوضاعه الاقتصاية الصعبة التي يعيشها.
يتضمن اتفاق السلام حكماً ذاتياً لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، على أن تقسم موارد ومداخيل المنطقتين بنسبة 60% للسلطة الفيدرالية و40% للمحلية، كما يمنح الاتفاق ما نسبته 25% من مقاعد مجلس الوزراء ومثلها في «التشريعي» و3 في السيادي للجبهة الثورية. إضافة إلى ذلك يتضمن الاتفاق تمديد الفترة الانتقالية في السودان 39 شهراً إضافياً تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاق، أي من الأول من سبتمبر/ أيلول الجاري.
في المحصلة العامة، يعد اتفاق السلام خطوة إيجابية ومتقدمة في اتجاه ترسيخ الاستقرار الشامل في بلد يحتاج إليه أكثر من أي وقت مضى، وعلى الرغم من غياب بعض الحركات المسلحة عن الاتفاق، إلا أن الحركات المؤثرة في الساحة تضمن نجاح الاتفاق، وستكون هناك جولات أخرى لاستيعاب من قرر أن يبقى خارج المشهد، وسيكون تطبيق الاتفاق والالتزام ببنوده أهم العوامل على التشجيع والتحفيز لهذه القوى للوصول إلى بر الأمان.
يرى الكثير من المهتمين بالشأن السوداني أن تحقيق السلام، الذي كان يعد حلماً مستحيلاً، أصبح اليوم حقيقة وواقعاً ملموساً، وأن الوقت قد حان ليبدأ السودانيون مرحلة جديدة من مسيرة التصالح، حيث ستكون البلاد قادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها، خاصة من دول لديها القدرة على المساعدة، كما هو الحال مع دولة الإمارات العربية المتحدة، التي رمت بثقلها خلف إنجاز الاتفاق.
بعد توقيع اتفاق السلام سيطوى ملف الحروب، لتتفرغ الحكومة لإعادة ترتيب أولويات البيت السوداني، لتصبح القيادة الانتقالية بكافة أطيافها، قادرة على معالجة التحديات التي وقفت لعقود طويلة أمام تطور البلد واستقراره وازدهاره.

عن "الخليج" الإماراتية

الصفحة الرئيسية