حقائق ورسائل خادعة.. هذا ما كشفته تصريحات إبراهيم منير الأخيرة

حقائق ورسائل خادعة.. هذا ما كشفته تصريحات إبراهيم منير الأخيرة


01/08/2022

كشف إبراهيم منير، خلال حواره الأخير مع وكالة "رويترز"، مجموعة من الحقائق والرسائل الخادعة، في الوقت نفسه، وهو ديدن الإخوان في التلوّن والمراوغة لتحقيق أهدافهم؛ حيث حاول منير بتصريحاته إيهام النظام السياسي في مصر بأنّه سيتخلى عن العمل السياسي ولن ينخرط في أي نشاط عنيف ضد مؤسسات الدولة.

إبراهيم منير، الذي يتولى في الوقت الراهن مسؤولية القائم بأعمال المرشد، وسط خلاف محتدم على القيادة المركزية في الجماعة بينه وبين محمود حسين، تطرق خلال حواره مع وكالة "رويترز"، إلى "الحوار الوطني" في مصر الذي دعا له الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحاول منير جاهداً التشكيك في آليته ونتائجه، بالرغم من مطالبات إخوانية سابقة بتوسط بعض الدول لإقناع السلطات المصرية للسماح للإخوان بالمشاركة فيه.

كما تحدث منير عن عدم خوض الإخوان لأيّ صراع على السلطة في مصر، وهو قرار نوقش داخل جماعة الإخوان على مدار الأعوام الماضية، وهو مقترح من جبهة التنظيم الدولي، وتدعمه بعض القيادات من إخوان مصر، ويرفضه القطاع العريض من إخوان الداخل المصري، ويتزعم هذا التوجه محمود حسين ومجموعته. 

رسائل خادعة

الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي عمرو فاروق يقول لـ"حفريات": إنّ التصريحات التي جاءت على لسان إبراهيم منير مؤخراً تُعدّ كاشفة لمجموعة من الحقائق، وفيها عدد من الرسائل الخادعة. 

عمرو فاروق: التصريحات التي جاءت على لسان إبراهيم منير مؤخراً تُعدّ كاشفة لمجموعة من الحقائق، وفيها عدد من الرسائل الخادعة

ويوضح فاروق أنّ "الرسائل تتعلق بما تم الحديث عنه مؤخراً حول وثيقة لندن، وما جاء فيها من قرارات إغلاق التنظيم، وتحويل الجماعة إلى تيار فكري، ووقف النشاط السياسي للتنظيم مؤقتاً إلى حين تغير المشهد السياسي الراهن، وهو ما يطلق عليه "فكر الاستضعاف"، بمعنى أنّ الجماعة في هذه المرحلة تتجه للتربية الداخلية، وترتيب الهيكل التنظيمي من الداخل، وتهدئة حدة الاستقطاب التنظيمي".

 فاروق: هناك انقسام وصراع بين قيادات مكتب الإرشاد المحبوسين في مصر حول دعم الجبهتين؛ فثمة جبهة تدعم إبراهيم منير ويمثلها محمد بديع، وجبهة أخرى تدعم محمود حسين ويمثلها خيرت الشاطر

تحوّل الجماعة إلى تيار فكري، لا يعني، وفق فاروق، أنّه سيتم إغلاق التنظيم أو حلّه، لكنّه سيبقي على الهيكل الموجود دون التوسع في الإطار التنظيمي والتجنيد، وسيبدأ بصناعة ما يُسمّى الحواضن الفكرية في إطار التيار الدعوي العام، وهو ما بدأت الجماعة تنتبه إليه مؤخراً بعد أن أدركت أنّ مشروعها قد سقط خلال الأعوام الماضية، وتحوّل التنظيم إلى ثقل غير مرغوب فيه، وحائل بين الجماعة والتيارات الشعبية التي باتت ترفضها بشكل كامل. 

ويرى فاروق أنّ إبراهيم منير حاول تمرير رسائل خادعة للنظام السياسي في مصر تتعلق بتراجع التنظيم عن ممارسة أيّ نشاط، مشيراً إلى أنّ ما تحاول الجماعة فعله في الوقت الراهن هو الاعتماد على وسائل بديلة لتحقيق أهدافها، وليس وقف نشاطها بالكامل.

غسل سمعة التنظيم

حاول إبراهيم منير، خلال حواره الأخير ومجمل بياناته السابقة، محو صفة الإرهاب والعنف عن التنظيم بكافة الصور، واستدعى أحياناً بعض المقولات لمؤسس التنظيم حسن البنا، في محاولة لغسل سمعة الجماعة المصنفة إرهابية في مصر وعدد من الدول.

ووفق الباحث المصري المختص بالإرهاب، يحاول منير في الوقت الراهن "إعادة تدوير" التنظيم الإخواني، من خلال التأكيد على "سلميّته"، والعودة إلى مشروع حسن البنا الأول، بقصد التأكيد على فكرة أنّ الجماعة "دعوية في المقام الأول"، وهي "حيلة مخادعة وذكية من منير لتجاوز فكرة الغضب الشعبي الجارف ضد جماعة الإخوان جرّاء ممارستها الإرهابية على مدار الأعوام الماضية"، وفق فاروق. 

فاروق: لا يعني تحوّل الجماعة إلى تيار فكري أنّه سيتم إغلاق التنظيم أو حلّه، لكنّه سيبقي على الهيكل الموجود وسيبدأ بصناعة ما يُسمّى الحواضن الفكرية في إطار التيار الدعوي العام

وقد حاول منير أيضاً، من خلال حديثه عن السلمية ونبذ العنف، تمرير رسالة للنظام السياسي في مصر، توحي بأنّ الجماعة لن تدخل في صراع عنيف مرة أخرى، ولكنّها فكرة "ملتوية ومتناقضة مع الواقع؛ لأنّ الجماعة التي يتحدث عنها منير قد نفذت بالفعل على مدار الأعوام الـ (10) الماضية عشرات، إن لم يكن مئات، العمليات التي راح ضحيتها مئات الأبرياء، فضلاً عن استهداف مؤسسات الدولة، وإعلان الأذرع المسلحة للتنظيم (حسم ولواء الثورة وغيرهما) مسؤوليتها عن ذلك". 

إستراتيجية جديدة للإخوان... ما أبرز ملامحها؟

بحسب فاروق، لم يتجاوز إبراهيم منير خلال حديثه التلميح إلى الإستراتيجية الجديدة التي يسير الإخوان وفقاً لها في الوقت الراهن، والمرحلة المقبلة، وهي أحد أهم الأسباب الجوهرية في الصراع المحتدم بين القيادات؛ لأنّه تم طرحها والموافقة عليها من جانب مجموعة لندن وقيادات التنظيم الدولي، في حين يرفضها حسين ومجموعة قيادات مصر. 

وتتبلور أهم ملامح هذه الإستراتيجية، وفق فاروق، في وقف نشاط الجماعة السياسي والتجنيدي في مصر خلال الفترة المقبلة، والاعتماد على الحواضن الفكرية البديلة، مثل مراكز التدريب وبعض الكتّاب، في عملية نشر فكر الإخوان وتنفيذ أهدافهم على الأرض، ولكن بشكل غير مباشر. 

ماذا نفهم من حديث منير عن صراع الإخوان؟ 

يقول فاروق: "نحن أمام جبهتين في صراع محتدم، كلّ جبهة لديها مواردها الخاصة وأفكارها ومؤيدوها، وكلتاهما تسعى لتشكيل مجلس شورى عام يتبع لها حتى تستمد منه شرعيتها، وهذا الصراع قائم، وسيمتدّ لأعوام، ولا يبدو أنّ نهايته قريبة".

وبحسب فاروق، هناك انقسام أيضاً وصراع بين قيادات مكتب الإرشاد المحبوسين في مصر حول دعم الجبهتين، مشيراً، وفق معلوماته، إلى أنّ "هناك جبهة تدعم إبراهيم منير ويمثلها محمد بديع، وجبهة أخرى تدعم محمود حسين ويمثلها خيرت الشاطر".

وينوه فاروق إلى أنّ الشاهد في قراءة هذه الرسائل "أنّ الجماعة تمرّ بحالة انحسار تنظيمي وانحسار فكري، وهذا الأمر يدفعها لوقف بعض الأنشطة أو تحويل مسارها، كما أنّها لا تملك أيّ قدرة على خوض أيّ صراع سياسي أو مسلح مع النظام؛ لأنّها مفتتة من الداخل، وليس لديها أيّ قوة للسير خطوة إلى الأمام، لذلك يمكن القول: إنّ إبراهيم منير حاول من خلال هذا الحوار تمرير رسائل ترسم الواقع الفعلي الذي تمرّ به الجماعة، والذي يغلب عليه الارتباك والتخبط".

 

مواضيع ذات صلة:

إبراهيم منير يواصل الطرق على باب "الحوار الوطني" بالخطة "ب"... ماذا قال؟

إبراهيم منير: لن نخوض صراعاً على السلطة... هل تخلى الإخوان عن العمل السياسي؟

انقسامات الإخوان.. التأثيرات والسيناريوهات المتوقعة

الصفحة الرئيسية