وسط سعي المعارضة لتعبئته.... الغنوشي يلوح بإشعال الشارع التونسي

وسط سعي المعارضة لتعبئته.... الغنوشي يلوح بإشعال الشارع التونسي

وسط سعي المعارضة لتعبئته.... الغنوشي يلوح بإشعال الشارع التونسي


31/10/2022

مع إغلاق باب قبول الترشحات للانتخابات البرلمانية المقبلة، ومع استحالة كل آمالها بالمشاركة في الحياة السياسية التي ستفرزها انتخابات 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، برغم مناورات المقاطعة التي قادتها، استنفرت المعارضة التونسية، وبمقدمتها حركة النهضة، لتحشيد الشارع التونسي والدفع به للتظاهر ضدّ الانتخابات والمسار كاملاً.

المعارضة التي لم تنجح في تقديم مشروع بديل لما يطرحه الرئيس قيس سعيّد في مشروعه السياسي، ظلت تستغل في دعواتها للخروج إلى الشارع الأوضاع الاجتماعية الصعبة والأزمات الاقتصادية المستمرة نتاج سياسة الحكومات المتعاقبة خلال الأعوام الـ (10) الماضية.

الغنوشي يسعى لتحريك الشارع

زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي كان إلى فترة وجيزة المتحكم الرئيسي في المشهد السياسي، وإليه توكل مهمة تقسيم الأدوار، استُبعد عن كل دوائر القرار، وخرج من حكم الحركة ومن حكم البلاد من بابه الصغير، لم يستسلم بعد، وما يزال يبحث عن طريقة يلفت بها انتباه الأطراف السياسية، ويستعيد بها بعضاً من نفوذه.

الغنوشي، في تصريحات غير مفاجئة دأبت عليها جماعة الإسلام السياسي بتونس، قال إنّه يعوّل على الشارع وعلى حركة الشارع، لإسقاط مسار الرئيس قيس سعيّد، مشدّداً على أنّه سيقاوم المسار من أجل عودة "الديمقراطية".

وأشار الغنوشي خلال خطاب ألقاه في محافظة بنزرت الشمالية إلى التحركات الاحتجاجية التي حصلت في مدينة جرجيس (جنوب شرق) وحي التضامن (أحد أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة)، ووصفها بأنّها التقاء بين ما هو سياسي وما هو اجتماعي.

رئيس البرلمان المنحل قال: إنّ الجهات الأجنبية تضغط على سعيّد للعودة إلى الديمقراطية ومجلس النواب، لكنّها لم تصل بعدُ إلى حدّ وصف ما حصل بالانقلاب، واصفاً الرئيس التونسي المنتخب بـ "المنقلب"، يأتي ذلك في وقت يتهم فيه التونسيون أطرافاً سياسية بالالتجاء إلى الجهات الأجنبية ومطالبتها بفرض عقوبات على تونس، معتبرين ذلك سلوكاً انتهازياً وغير وطني.

 

المعارضة التونسية، وفي مقدمتها حركة النهضة، تستنفر لتحشيد الشارع التونسي والدفع به للتظاهر ضدّ الانتخابات والمسار كاملاً

 

هذا، وادّعى الغنوشي أنّه جنّب البلاد حرباً أهلية عام 2013، إثر لقاء عقده مع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي تمهيداً للحوار الوطني الذي "فشل عندما عمد الاتحاد العام التونسي للشغل إلى إقصاء حركة النهضة في حوار مماثل في شهر كانون الثاني (يناير) من العام نفسه"، وفق قوله.

وتابع أنّ حزبه "ضحّى بالسلطة من أجل الدستور والسلم الاجتماعي"، وفق تعبيره، مقراً بأنّ الأعوام الـ (10) الماضية لم تكن أعوام الازدهار الاقتصادي، إلا أنّه في المقابل لم يتم خلالها تسجيل أيّ فقدان "للزيت والسكّر"، وفق تعبيره، منتقداً وصف تلك الفترة "بالعشرية السوداء".

تخويف وترهيب

واعتبر الغنوشي أنّ الوضع في البلاد غير قابل للاستمرار لأنّه ينذر بالخطر، مؤكداً أنّ هدف حركة النهضة هو إسقاط الانقلاب، على حدّ تعبيره، مشيراً إلى أنّ هناك حالة من التخبط تعيشها تونس بسبب غياب التعقل وهيمنة النزوات الفردية، وفق تصريحه.

وقال: إنّ برنامج الرئيس التونسي قيس سعيّد يخلو من الأحزاب والنقابات والحريات والانتخابات الحرة، مؤكداً أنّ ذلك ما يدل عليه الدستور الذي أقرّ بعد استفتاء 25 تموز (يوليو) الماضي.

وكان المستشار السياسي للغنوشي رياض الشعيبي قد ندد في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك بما سمّاه الاستهداف البوليسي لأعضاء جبهة الخلاص، موضحاً أنّه بعد متابعة سيارته عدّة المرات، يقوم البوليس السياسي العائد بقوة بمضايقتي حيث أسكن من خلال التواصل مع جيراني من أجل جمع كل المعطيات التي تخصني.

جبهة الخلاص تحاول التعبئة

من جانبها، أعلنت جبهة الخلاص الوطني في تونس الأحد تحركها في جميع البلاد، لتحقيق ما سمّته "التعبئة السياسية" من أجل العودة إلى الديمقراطية وحماية الحريات، وقال رئيس حزب العمل والإنجاز والقيادي في جبهة الخلاص عبد اللطيف المكي: إنّ الجبهة تسعى لإصلاح المسار الديمقراطي من مشاكله التي كان يعاني منها قبل ما سمّاه "انقلاب 25 تموز (يوليو).

بدوره، قال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي، الخصم التاريخي لحركة النهضة الإخوانية قبل قرارات 25 تموز (يوليو): إنّ تونس تعيش أزمة عميقة وتحتاج لقيادة متبصرة، مضيفاً أنّ أعضاء الجبهة انطلقوا في سلسلة من التحركات في كامل الولايات التونسية "بهدف التعبئة السياسية من أجل العودة إلى الديمقراطية ولحماية الحريات والمؤسسات".

وأوضح الشابي، خلال تجمع لأنصار الجبهة في محافظة قبلي (جنوبي تونس)، أنّ الهدف من التعبئة السياسية هو "الوقوف مع الشعب التونسي لنقول لا لغلاء الأسعار، وفقدان المواد الأساسية والأدوية من الأسواق، ولنقول كفى لتفكك الزراعة والموت البطيء للصناعة".

وجبهة الخلاص الوطني، التي أُعلن عنها في 31 أيار (مايو) الماضي، تضم (5) أحزاب هي: حركة النهضة و"قلب تونس" وائتلاف الكرامة وحراك تونس الإرادة والأمل، إضافة إلى حملة "مواطنون ضد الانقلاب"، وبعض البرلمانيين السابقين.

حركة النهضة المبتورة تحاول الصمود

وكانت حركة النهضة قد دعت في 27 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، قوى المعارضة لبذل الجهد المستحق في سبيل توحيد الرؤى وتأسيس البديل الديمقراطي، من أجل إنقاذ البلاد ممّا وصفته بـ "الاستبداد والانهيار الاقتصادي والمالي، ومن شبح الفوضى والمجهول، وفتح الآفاق للعودة إلى المسار الديمقراطي".

حركة النهضة استنكرت أيضاً ما تعتبره "تعمُّد قيس سعيد تعطيل الحركة القضائية في سابقة خطيرة في تاريخ البلاد"، منددة بـ "الحملات الموجهة ضد حرية التعبير وحقوق الإنسان"، و"بمحاكمة المحتجين سلمياً وملاحقتهم أمنياً على خلفية احتجاجهم على تردّي الأوضاع الاجتماعية والمعيشية".

المعارضة ظلت تستغل في دعواتها للخروج إلى الشارع الأزمات الاقتصادية المستمرة نتاج سياسة الحكومات المتعاقبة خلال الأعوام الـ (10) الماضية

 

إلى ذلك، أدانت حركة النهضة ما وصفته في بيانها بأنّه "تعتيم إعلامي مقصود رافق اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي"، داعية إلى مصارحة التونسيين والتونسيات "بالشروط التي رافقت هذا الاتفاق، وبحقيقة الأوضاع المالية والاقتصادية بكل شفافية، وبتداعيات كل ذلك على المقدرة الشرائية للتونسيين والتونسيات، وخاصة الطبقات الهشة والفقيرة".

سعيّد ماضٍ في مساره

وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس قد قالت نهاية الأسبوع الماضي: إنّ (1427) مترشحاً، بينهم (214) من النساء، قدّموا ملفات ترشحهم للانتخابات البرلمانية المبكرة، وذلك بعد انتهاء مهلة تقديم الترشيحات.

وتمثل الانتخابات البرلمانية المحطة الأخيرة لخريطة الطريق التي وضعها الرئيس التونسي قيس سعيد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية يوم 25 تموز (يوليو)2021.

وتُجرى الانتخابات لهذا العام بنظام الاقتراع على الأفراد بدل الاقتراع على القوائم، وفق القانون الانتخابي الجديد الذي وضعه الرئيس التونسي، والذي قلص عدد المقاعد في البرلمان من (217 إلى 161).



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية