هل قتلت سياسة أردوغان عائلة أوغلاري الكردية؟

هل قتلت سياسة أردوغان عائلة أوغلاري الكردية؟


01/08/2021

اندلعت التظاهرات في تركيا تنديداً بالمجزرة التي وقعت في حق عائلة دادا أوغلاري الكردية، التي فقدت 7 من أبنائها دفعة واحدة بعد الهجوم عليهم من قبل أحد جيرانهم، وهي خلافات ممتدة منذ أعوام، وقد صرّح أحد أفراد العائلة من قبل بأنها بسبب عرقيتهم الكردية.

ويحمّل ناشطون الرئيس التركي المسؤولية عن الحادثة في ظل سياسته القمعية ضد الأكراد، والتي مهدت لآخرين الهجوم عليهم على اعتبارهم العنصر الأضعف والأقلية المضطهدة التي لن يخالف النيل منها هوى الحكومة.

اقرأ أيضاً: تركيا تستفز الأكراد بهذه الزيارة... تفاصيل

ترسخ ذلك الشعور لدى العائلة المنكوبة نفسها، فقد سبق أن صرّح رب الأسرة، وهو أحد الضحايا، بأنّ عناصر جهازي الشرطة والقضاء يحابون المهاجمين عليهم من الجيران (غير الأكراد)، مؤكّداً أنّ جميع أفراد الأسرة يخشون على حياتهم. ووفقاً لوكيل الدفاع عن الضحايا المحامي عبد الرحمن كارابولوت، فإنّ إطلاق سراح مرتكبي الهجوم الأول منحهم شعوراً بالإفلات من العقاب.

ويعود الهجوم المشار إليه إلى الأول من أيار (مايو) الماضي، عندما شنّ عدد من جيرانهم هجوماً عليهم بسبب قوميتهم الكردية قائلين لهم: "ليس مسموحاً للأكراد العيش هنا"، بحسب ما نقل موقع "غازيت دوفار" الإخباري في منتصف تموز (يوليو) عن أحد أفراد هذه العائلة الذي قُتل الجمعة.

وقائع المذبحة

أمّا الواقعة الأخيرة، فقد اتضح أنّ العائلة الكردية التي نُفذت بحقها جريمة دموية في قونية وسط تركيا استضافت مرتكب المجزرة في منزلها، وذلك بحسب المؤتمر الصحفي الذي عقده 5 مدعين عامين، بمن فيهم رئيس النيابة العامة، والمدعي العام الذي شارك في تشريح الجثث، و3 مدعين عامين آخرين، إضافة إلى عدد من المحامين، بعد الكشف عن مقطع فيديو يوثق المجزرة التي تعرضت لها عائلة دادا أوغلاري الكردية في ولاية قونية التركية.

وأوضح المحامون، بحسب ما أوردته صحيفة "زمان" التركية، أنّ المهاجم جاء إلى منزل الأسرة قبل المجزرة مباشرة، وجلس لمدة 20 دقيقة وتحدث إلى الأب الذي يدعى ياشار دادا أوغلاري.

ويسرد المحامون تفاصيل الجريمة فيقولون: أحضر الجاني سيارته إلى بوابة حديقة المنزل حوالي الساعة 17.50، في تلك اللحظة تبين أنّ الابنة الصغرى وأختها الأخرى كانتا قادمتين من عند الجوار، تجاذب معهما الجاني أطراف الحديث سيراً على الأقدام.

الأب المقتول صرّح قبل شهور أنّ عناصر جهازي الشرطة والقضاء يحابون المهاجمين عليهم من الجيران (غير الأكراد)، مؤكّداً أنّ جميع أفراد الأسرة يخشون على حياتهم

ثم جلس الجاني والأب مقابل بعضهما بعضاً على الكرسي، في هذه الأثناء كانت نساء المنزل جالسات على الحجارة المجاورة لهما، 5 أشخاص أو ما شابه، يتحدثون قليلاً، مدة تلك المقابلة حوالي 20 دقيقة، ثم ودّعوا الجاني.

بعد 18 دقيقة عاد الجاني، فتحت الأسرة الباب لمرتكب الجريمة، دخل الرجل وجلس، وكانت معه حقيبة زرقاء في يده، أخرج منها بندقية، عندما أطلق الجاني النار قفزت فتاة صغيرة على الجاني للحصول على البندقية، ثم قفزت امرأة أخرى على الرجل وحاولتا الحصول على البندقية، ثم انضم إليهما آخرون، لكنّ الجاني خلص نفسه منهم جميعاً، ثم تحرك بعيداً عنهم، واستدار وبدأ يطلق النار عليهم.

محاكمة سياسة أردوغان

أتاحت الواقعة للمرّة الأولى الفرصة للجماهير والمعارضين لمحاكمة سياسة الرئيس التركي  رجب طيب أردوغان نحو الأكراد، التي تعمد إلى تتبعهم في سورية والعراق والتضييق عليهم في تركيا، ومنعم من استخدام لغتهم الكردية، واعتقال قياداتهم السياسية، والتوجه من قبل حزب أردوغان لإغلاق حزب الشعوب الكردي، بدعوى ارتباطه بحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابياً في تركيا.

لا يكاد يخلو خطاب للرئيس التركي من الهجوم على الأكراد، ورغم أنّ هجومه موجّه بالأساس للأكراد المنتمين إلى حزب العمال الكردستاني، غير أنّ سياسته لا تفرق، وتعتبر كل كردي هو جزء من ذلك الحزب أو هو مشروع انفصالي، وإن لم يصرّح بذلك علناً.

وقد ساهمت تلك الأجواء في زيادة العداء للأكراد لدى اليمين المتطرف التركي، وظهور مثل تلك الحوادث التي تحاول السلطة التنصل منها، والتأكيد على أنها خلافات بين عائلتين لا دخل للسياسة بها.

ونقلت وسائل إعلام كردية أنّ وزير الداخلية سليمان صويلو قال رداً على الادعاءات التي وردت بعد الحادثة: إنّ الجريمة لا علاقة لها بالمسألة الكردية التركية، وقال: إنّ العداء كان بين العائلتين منذ عام 2010.

في غضون ذلك، أكد حزب الشعوب الكردي أنّ ما شهدته قونيا من جرائم راح ضحيتها مواطنون أكراد، تندرج في إطار الهجمات التي تستهدف الأكراد والتي تزايدت وتيرتها في الأعوام الأخيرة.

اقرأ أيضاً: هل تورط تركيا روسيا في مواجهة ضد الأكراد؟ ما علاقة الولايات المتحدة؟

وقال الرئيس المشارك للحزب مدحت سنجار في تصريح مساء الجمعة: "لقد شهدنا في قونية مثالاً مروعاً للهجمات العنصرية المستمرة منذ فترة، إنّ خطاب السلطة الذي ينطوي على الكراهية والاستفزاز هو المسؤول الرئيسي عن هذه المذبحة"، بحسب ما أورده موقع "أحوال تركيا".

وأضاف في بيان: "نحن، بصفتنا حزب الشعب الجمهوري، نعتقد أنّ تعزيز إرادة شعبنا للعيش معاً هو قبل كل شيء، قد يكون هناك أشخاص يفكرون بشكل مختلف في هذا البلد، وقد تكون هناك أحزاب سياسية مختلفة، وبالمثل، قد يكون هناك عرقيون مختلفون، ولكن يجب أن يسعد جميع مواطنينا بالعيش معاً كمواطنين في هذا البلد، فمن الأولويات الأساسية لنا أن يحوّلوا طاقاتهم إلى تآزر من خلال العيش معاً، أي تعزيز إرادة 84 مليون شخص في بلدنا للعيش معاً هو المبدأ والجهد الأساسي لحزب الشعب الجمهوري".

من جانبه، قال المحلل ج. فرانتزمان في صحيفة جيروزاليم بوست: إنّ صعود اليمين التركي المتطرف في الأعوام الأخيرة أدى إلى "تحريض هائل" ضد الأكراد والأقليات، كما يتضح من الهجمات الأخيرة في غرب إزمير ومحافظات قونية الوسطى.

وكتب فرانتزمان أنّ الكراهية ضد الأقليات في تركيا، التي أحياها القوميون المتطرفون، تلقت في بعض الأحيان دعماً رسمياً من حزب أردوغان الحاكم، على الرغم من محاولات الحزب حشد الناخبين الأكراد في بعض الأحيان.

 

أتاحت الواقعة للمرّة الأولى الفرصة للجماهير والمعارضين لمحاكمة سياسة الرئيس التركي  نحو الأكراد، التي تعمد إلى تتبعهم في سوريا والعراق، والتضييق عليهم في تركيا

 

وأشار فرانتزمان، بحسب ما نقلته صحيفة "أحوال تركيا"، إلى الهجوم على مقر حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد في إزمير في حزيران (يونيو)، والذي أسفر عن مقتل متطوعة واحدة من الحزب الموالي للأكراد، ونفذ الهجوم عضو في الحركة اليمينية المتطرفة في تركيا.

في 17 حزيران (يونيو) قُتلت دنيز بويراز، العضو في حزب الشعوب الديمقراطي، برصاص مهاجم داخل مقر الحزب في مقاطعة إزمير الغربية، وأوضح أونور جينسر، القومي المتطرف الذي قاتل إلى جانب وكلاء أتراك في سورية، أوضح تصرفاته بالقول إنه يكره حزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمرداً منذ عقود ضد تركيا.

وقال فرانتزمان: إنّ وسائل الإعلام التركية تزعم أنّ حوالي 40 ألف شخص قتلوا في تركيا على مدى العقود الماضية في الحرب مع حزب العمال الكردستاني، لكنه أشار إلى أنّ معظم الضحايا كانوا من المدنيين الأكراد على الأرجح بسبب العمليات العسكرية التركية.

وكتب المحلل أنه من غير الواضح إلى أي مدى أعطى التحريض ضد "الإرهابيين" والخطاب المناهض لحزب الشعوب الديمقراطي شعوراً بالحق في الانخراط في هجمات على المواطنين الأكراد، وقد تكون الهجمات الأخيرة مرتبطة بـ"التحريض المتزايد وأنواع خطاب الإبادة الجماعية التي يستخدمها اليمين المتطرف''.

التظاهرات

في السياق ذاته، انطلقت مظاهرات غاضبة في عدد من المدن التركية للتنديد بمجزرة قونية الدموية، بحسب صحيفة "زمان" التركية.

وتجمع أمس حشد في ميدان نفق إسطنبول، ورفعوا لافتات تندد بالاعتداء العنصري على العائلة الكردية، ووصفوا الحكومة بـ"القاتلة"، وقد واجهت الشرطة تلك المسيرة بالقوة.

وانطلقت مظاهرة في العاصمة أنقرة، ورفع المتظاهرون شعارات "الدولة القاتلة ستحاسب"، وهاجمتهم الشرطة بالغازات المسيلة للدموع.

وكذلك في محافظة وان، انطلقت مظاهرات منددة بالهجوم المسلح على الأكراد، وبالمثل تم فضها بالقوة من قبل الشرطة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية