هل تشهد علاقات طهران مع موسكو وبكين تحولات بعد اتفاق نووي مع أمريكا؟

هل تشهد علاقات طهران مع موسكو وبكين تحولات بعد اتفاق نووي مع أمريكا؟

هل تشهد علاقات طهران مع موسكو وبكين تحولات بعد اتفاق نووي مع أمريكا؟


13/06/2023

تتواتر تسريبات وتقارير إعلامية حول قرب التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين أمريكا وإيران، تؤيدها شواهد وتطورات متسارعة تشهدها المنطقة؛ من بينها: الإعلان عن مفاوضات مباشرة لأول مرة في عهد الرئيس بايدن بين وفدين من واشنطن وطهران، عقدت في العاصمة العُمانية (مسقط)، وبالتزامن مع هذه التسريبات، وبعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي للرياض، أعلنت الحكومة العراقية وبصورة مفاجئة الإفراج عن (3) مليارات دولار، يفترض أنّها محتجزة في العراق بضغوط أمريكية، وهي أثمان تزويد طهران العراق بالكهرباء، وأشارت وزارة الخارجية العراقية أيضاً إلى أنّه سيتم قريباً الإفراج عن مبلغ مليار يورو مستحقات إيرانية على العراق، وبالتزامن تم الإعلان عن لقاء منتظر بين وزيري الدفاع الأمريكي والإسرائيلي، لإقناعه بعدم تعطيل إسرائيل الاتفاق مع طهران، وتم الإعلان من قبل وكالة الطاقة النووية وطهران عن التوصل إلى اتفاق بخصوص بعض مواقع مفاعلات نووية إيرانية ووضعها تحت المراقبة، وأعقبتها تصريحات للمرشد علي خامنئي حول قبول إيران باتفاق نووي مع الغرب.

من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق دائم ونهائي، فالتسريبات تشير إلى تعهد إيراني بعدم تخصيب اليورانيوم إلى مستوى (60%)، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبالمقابل تسمح الولايات المتحدة لإيران بتصدير مليون برميل نفط يومياً

ربّما لا تشكّل التطورات السابقة أدلة دامغة على التوصل إلى اتفاق نووي جديد، لكنّ ذلك لا ينفي حقيقة أنّ هناك بوادر تقدم في قرب التوصل إلى اتفاق، فإفراج الحكومة العراقية عن أموال مفترضة لإيران لا يتوقع أن يكون بلا ضوء أخضر أمريكي، لا سيّما أنّ هذه الخطوة جاءت في وقت تشدد فيه واشنطن الرقابة والضغوط على الحكومة العراقية لضبط عمليات تهريب العملات الصعبة من العراق إلى طهران، ولا يتوقع أن يكون لقاء نتنياهو مع وزير الدفاع الأمريكي معزولاً عن سياق الاتفاق الجديد، خاصة مع مقاربات إسرائيلية تعززت مع الحكومة اليمينية الإسرائيلية بقيادة نتنياهو تتضمن أنّ تقديم الحلول العسكرية على الحلول الدبلوماسية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي أصبح قاب قوسين أو أدنى، بعد نجاح إيران في رفع نسب تخصيب اليورانيوم إلى (85%)، وهي نسبة قريبة جداً من متطلبات صناعة سلاح نووي، وهي (90%).

تسريبات وتقارير إعلامية تفيد بقرب التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين أمريكا وإيران

التوصل إلى اتفاق جديد مرجح أنّه أصبح وارداً، في ظل حاجة واشنطن وطهران له في هذه المرحلة، فواشنطن بحاجة لإنجاز يسبق الانتخابات الرئاسية القادمة، ورهانات على تحولات في علاقات طهران مع الصين وروسيا، وتضغط العقوبات على طهران لدرجة أصبحت تهدد مستقبل النظام وجودياً، رغم مزاعم القيادة الإيرانية حول قدرتها على التكيف مع العقوبات، غير أنّ تفاصيل الاتفاق لا يُستبعد أن تُبنى على تجاوز أسباب إلغائه من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق (ترامب) عام 2018، بما فيها استخدام إيران الأموال المفرج عنها في تطوير برامج صاروخية ودعم ميليشيات ووكلاء في المنطقة، وهو ما سبق أن كادت طهران تتوصل إليه أواخر العام الماضي، بما فيه موافقة طهران على إعادة تعريف وأدوار الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس في الداخل الإيراني، بما في ذلك شبكاته الاقتصادية وأدواره في المنطقة، وهو الموقف الذي أثار حفيظة روسيا والصين، للدرجة التي هدد فيها وزير الخارجية الروسي بتعطيل الاتفاق، ما لم يتم ضمان حصة روسيا في الاستثمارات بالاقتصاد الإيراني.

من المتوقع أن يتم الإفراج عن مليارات جديدة من الدولارات لصالح إيران ويبدأ تصدير النفط الإيراني، وهو ما تتطلع إليه واشنطن ليكون بديلاً للنفط الروسي وتخفيضات (أوبك بلس) لإنتاج النفط

ومع ذلك، فمن غير المتوقع التوصل إلى اتفاق دائم ونهائي، فالتسريبات تشير إلى تعهد إيراني بعدم تخصيب اليورانيوم إلى مستوى (60%)، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبالمقابل تسمح الولايات المتحدة لإيران بتصدير مليون برميل نفط يومياً، والوصول إلى بعض الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية والعراق، وبالتزامن فمن غير الواضح مضامين الصفقة الإيرانية-الأمريكية حول قضايا خلافية أخرى، كالبرنامج الصاروخي والطائرات المسيّرة، وأدوار الحرس الثوري في المنطقة، وهي قضايا يرجح أنّه تم الاتفاق عليها، وباتجاهات تضمنت تنازلات إيرانية عميقة، ربما يفسرها عمليات عسكرية محدودة بالطائرات المسيّرة شرق سوريا، وتحرش إيراني بناقلات النفط في مياه الخليج، يجري تضخيمها من قبل الإعلام الإيراني، وحملات إعلامية موازية حول توحيد جبهات المقاومة، لكن من المستبعد الإعلان عن تفاصيل ما تم الاتفاق عليه بهذا الخصوص، لا سيّما من قبل طهران.

التسريبات تشير إلى تعهد إيراني بعدم تخصيب اليورانيوم إلى مستوى (60%)

وفي سياق هذا الاتفاق، يمكن قراءة الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي (بلينكن) مؤخراً إلى المملكة العربية السعودية، إذ رغم تعدد الملفات التي حملها (بلينكن) معه إلى الرياض، إلّا أنّ ملفين كانا الأبرز والأهم في هذه الزيارة؛ وهما: التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وحدود العلاقة بين الرياض وطهران، بعد اتفاق المصالحة الذي أبرم بوساطة صينية، على غير ما ترغب واشنطن، وهو ما يمكن معه التساؤل فيما إذا كان مطلب التطبيع بين الرياض وتل أبيب "رشوة" أمريكية لحكومة نتنياهو، وأنّه شرط إسرائيلي لابتزاز واشنطن مقابل تمرير الاتفاق مع طهران.

وفي الخلاصة؛ لم يعد الحديث عن اتفاق في طور الإعداد، فالتطورات التي سبقت الإشارة إليها آنفاً تشير إلى أنّ ما يجري هو ترجمة لاتفاق تم إنجازه، رغم الحملات الإعلامية المتبادلة والتي تؤكد أنّه لا اتفاق بين طهران وواشنطن، إذ من المتوقع أن يتم الإفراج عن مليارات جديدة من الدولارات لصالح إيران، ويبدأ تصدير النفط الإيراني، وهو ما تتطلع إليه واشنطن ليكون بديلاً للنفط الروسي وتخفيضات (أوبك بلس) لإنتاج النفط، وهو ما سيثير شكوكاً روسية حول حدود التحالف والتعاون بين موسكو وطهران، ومع ذلك فطريق إنفاذ الاتفاق لن تكون مفروشة بالورود، فهناك جملة من العقبات التي تجعل احتمالات انكساره واردة بأيّ لحظة، عنوانها أنّ القيادة الإيرانية تُعتبر طرفاً غير موثوق به.

مواضيع ذات صلة:

مراقبون لـ"حفريات": إيران البراغماتية تراوغ وتتفادى الضغوط وتسير إلى النووي

تلويح بوتين بالسلاح النووي: رعونة، ضعف، يأس، أم حزم؟

إيران تستعد لحرب محتملة بتسليح 51 مدينة... هل ثمة آفاق للاتفاق النووي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية