من هو برنار أرنو أغنى رجل في العالم؟

من هو برنار أرنو أغنى رجل في العالم؟

من هو برنار أرنو أغنى رجل في العالم؟


21/12/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

بسبب اضطراب أسعار أسهم شركة «تسلا»، لم يعد إيلون ماسك أغنى رجل على وجه الأرض. الحامل الجديد للّقب الشّائن لأثرى رجل في العالم هو برنارد أرنو، الرّئيس التّنفيذيّ لشركة «إل في إم إتش».

قادت أنباء انزلاق التّدفّقات النّقديّة لماسك بعض الليبراليّين واليّساريّين للاحتفال، ممّا أدّى إلى جولة من المُباركات على وسائل التّواصل الاجتماعيّ. ووفقاً لتغريدةٍ لكبير باحثين في «أتلانتيك كاونسل»، فإنّ «الحنكة الفرنسيّة تفوّقت على التّكنولوجيا العالية ولكن الجاهلة للولايات المتّحدة».

إنّ الإذلال العلنيّ لماسك مفهوم إلى حدّ ما. فمنذ تولّيه منصب الرّئيس التّنفيذيّ لـ«تويتر»، في تشرين الأوّل (أكتوبر)، تصرّف الأمير المهرّج لشركات التّكنولوجيا العملاقة مثل نسخة في الخمسينيّات من عمرها من دونالد ترامب: ملياردير يسيء التّصرّف عن عمد ويتّخذ قرارات تخصّ أعماله وموظّفيه بناءً على أهواء أو جروح اعتباطيّة لأناه مَرّيخيّة الحجم. في المقابل، «يعيش برنار أرنو حياته كما قد يفعل معظمنا لو كان بحوزتنا هذه المليارات: يشتري أعمالاً فنّيّة، ويُقيم حفلات، ويُساعد في إعادة بناء كنيسة «نوتردام»، ولا يتصيّد النّاس على الإنترنت»، كما غرّد موظّف سابق في إدارة أوباما تحوّل إلى محلّل في «سي إن إن».

أوقف تصفيقك لأرنو

لكن أوقف تصفيقك لأرنو. تماماً كما أدّت كراهية الليبراليّين الشّديدة لترامب إلى إعجابٍ في غير محلّه بـ«المحافظين العاديّين» من أمثال جورج دبليو بوش، فمن الخطأ أن تُفضّل الأوليغارشية الأوروبيّة القديمة «الخالية من الدّراما» حتى تتمكّن من العودة لتناول فطورك المتأخّر.

السّيرة الذّاتية لأرنو تبدو كما لو أنّها جُمّعت عن طريق كتابة عبارتي «رجل فرنسيّ غنيّ» و«شخصيّة شريرة في إحدى روايات جيمس بوند» في برنامج محادثة روبوتيّ من إنتاج «أوبن أي آي».

تستمرّ ثروة أرنو في الارتفاع فيما يعزّز احتكاره لبضائع يشتريها الأغنياء

نشأ ثريّاً في شمال فرنسا، لكنّه أصيب بالذّعر بعد انتخاب فرانسوا ميتران، أوّل رئيس اشتراكيّ، في عام 1981، وهرب إلى أمريكا رونالد ريغان الصديقة لرجال الأعمال في سنّ الثّانية والثّلاثين. هذا المنفى، الذي فرضه على نفسه، استمرّ لعامين فقط عاد بعدهما إلى موطنه، في عام 1983، لشراء إمبراطوريّة «بوساك»، وهي مجموعة من شركات المنسوجات وتجارة التّجزئة امتلكت دار أزياء «ديور».

خلال جائحة كوفيد، ازداد الأثرياء ثراءً، كان أرنو واحداً من أغنى عشرة رجال في العالم ضاعفوا ثرواتهم مجتمعة من 700 مليار دولار إلى 1.5 تريليون دولار

في عام 2012، خطّط أرنو لمغادرة موطنه مرّة أخرى اعتراضاً على ارتفاع الضّرائب، ولكن يبدو أنّه بقي في البلاد بعد أنّ كلّلته الصّحافة المحليّة بالعار، وهي التي كانت قد أطلقت عليه لقب «المُنهي» لممارساته التّجارية القاسية، بما في ذلك تسريح تسعة آلاف عامل. هذه المرّة وصفوه بالخائن لأنّه سعى للحصول على الجنسيّة البلجيكيّة لتجنّب الضّرائب.

زجاجة شمبانيا بألف دولار

اليوم، يشرف الباريسيّ البالغ من العمر ثلاثة وسبعين عاماً وأولاده الخمسة المدلّلون على «موي هينيسي لوي فويتو»، أو باختصار «إل في إم إتش». هذه الشّركة التّفاخريّة متعدّدة الجنسيّات تُنتج عدداً من ماركات الأزياء ومستحضرات التّجميل التّرفيّة باهظة الثّمن، بما في ذلك «كريستيان ديور»، و«مارك جاكوبس»، و«سيفورا». ومن بين الشّركات السّبعين التي تمتلكها  «إل في إم إتش» شركة بريطانيّة لصناعة اليخوت تسوّق قوارب تصل قيمة القارب الواحد منها إلى 3 ملايين دولار وشركة شمبانيا تبيع زجاجات فوّارة مغطاة بالذّهب الأبيض تصل قيمة الزّجاجة الواحدة منها إلى ألف دولار.

تستمرّ ثروة أرنو في الارتفاع فيما يعزّز احتكاره لبضائع يشتريها الأغنياء. انخفضت «إل في إم إتش» 3.2 مليار دولار في عام 2019 لصالح شركة الفنادق الفاخرة «بلموند»، التي تمتلك أو تدير ستة وأربعين فندقاً - بما في ذلك الفندق الوحيد داخل قلعة «ماتشو بيتشو» في جنوب بيرو. ثمّ في كانون الثّاني (يناير) الماضي، استحوذت «إل في إم إتش» على شركة المجوهرات الأمريكيّة «تيفاني آند كو» مقابل 15.8 مليار دولار، ويُعتقد أنّ هذه أكبر عمليّة استحواذ على علامة تجاريّة فاخرة على الإطلاق.

الإذلال العلنيّ لماسك مفهوم إلى حدّ ما. فمنذ تولّيه منصب الرّئيس التّنفيذيّ لـ«تويتر»، تصرّف الأمير المهرّج لشركات التّكنولوجيا العملاقة مثل نسخة في الخمسينيّات من عمرها من ترامب

خلال جائحة كوفيد، ازداد الأثرياء ثراءً أكثر من أي وقت مضى، وفقاً لـ«البنك الدّوليّ». كان أرنو واحداً من أغنى عشرة رجال في العالم ضاعفوا ثرواتهم مجتمعة من 700 مليار دولار إلى 1.5 تريليون دولار - بمعدّل 15,000 دولار في الثّانية أو 1.3 مليار دولار في اليوم. نما يخت أرنو النّقديّ من 76 مليار دولار في عام 2020 إلى 188 مليار دولار بعد عامين فقط.

طبقة الواحد في المائة في العالم

على نطاق أوسع، فإنّ طبقة الواحد في المائة في العالم - أولئك الذين لديهم أكثر من مليون دولار - يمتلكون الآن ما يقرب من نصف (45.8 في المائة) ثروة العالم.

لم يعد إيلون ماسك أغنى رجل على وجه الأرض

إذاً، ما الذي يفعله هؤلاء المليونيرات بكلّ أموالهم التي حصلوا عليها بطرق غير مشروعة؟ إلى جانب السّفر إلى الفضاء، وشراء قوّات شرطة خاصّة بهم، والاستعداد للـ«ديستوبيا» التي ساعدوا في خلقها، فإنّهم يقومون، أيضاً، بشراء العلامات المادّيّة القديمة للثّروة التي تبيعها شركات أرنو، مثل عقد من الألماس بقيمة 20 مليون دولار.

بأخذ كلّ ذلك في الاعتبار، فإنّ صعود أرنو ليس مدعاة للاحتفال. بالتّأكيد، لديه ذوق أكثر أناقة من إيلون ماسك ولا يسخر من اليسار على «تويتر»، لكنّ صعوده إلى العرش هو علامة أخرى على أنّ «العصر المذهَّب: الجزء الثّاني» اليوم قد يتجاوز حتّى الآن الجزء الأوّل الأصليّ للقرن التّاسع عشر.

يروق لأرنو نفسه الاستشهاد بتاريخ القرن الثّامن عشر. في ملفّ عنه في «فوربس»، ينُقل عنه قوله إنّه يرى نفسه مرتبطاً بالتّراث الفرنسيّ لـ«فرساي، وماري أنطوانيت». في هذه الحالة، ربما حان الوقت لإعادة لم شمل فرقة «اليعاقبة» القديمة من عصر الثّورة. أو، على الأقلّ، ترديد صدى صحيفة «ليبراسيو» الفرنسيّة، التي أخبرت أرنو ذات مرّة في عنوان على الصّفحة الأولى: «اغرب عن وجهي أيّها الغبي الغني».

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

ريان زيكغراف، ذي جاكوبن، 14 كانون الأوّل (ديسمبر) 2022




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية