مصر تلغي حالة الطوارئ.. الانعكاسات والدلائل

مصر تلغي حالة الطوارئ.. الانعكاسات والدلائل


27/10/2021

فاجأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي المصريين بإعلانه الاثنين الماضي إلغاء حالة الطوارئ، وقال على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "يسعدني أن نتشارك معا تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد، فقد باتت مصر بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة؛ ومن هنا فقد قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد".

وأضاف السيسي وفق ما نشرته صحيفة الوطن المصرية: "معا نمضي بثبات نحو بناء الجمهورية الجديدة مستعينين بعون الله ودعمه.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر".

ماذا يعني الطوارئ والإلغاء؟

حالة الطوارئ هي التي تفرض وفق قانون لمساعدة أجهزة الأمن بإجراءات استثنائية في مواجهة مخاطر محددة تهدد الأمن والسلم، لكن وفقاً للقرار الحالي فلا توجد حالة استثنائية تستوجب وجود القانون وفقاً لتقديرات القيادة السياسية المصرية، وقد مرت 7 عقود على تطبيق حالة الطوارئ بمصر، وفق الخبير شريف يونس بصفحته بالفيس بوك، إذ تم تطبيقه لأول مرة العام 1952 عقب حريق القاهرة، واستمر حتى تم إلغاؤه بالستينيات، وعاد عقب هزيمة العام 1967، ثم ألغاه السادات ليعود عقب اغتياله العام 1981، ويستمر حتى ألغاه السيسي.

ووفقاً لوسائل الإعلام ومنها قناة روسيا اليوم، التي استندت لخبراء أمن مصريين، فهناك 10 فوائد لإلغاء حالة الطوارئ تتمثل في: إلغاء جميع الإجراءات الاستثنائية أمام محاكم أمن دولة طوارئ، وإلغاء الأحكام التي كانت تخضع للتصديق من مكتب شؤون أمن الدولة، وإلغاء المحاكمات الاستثنائية، مثل محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، وإلغاء نيابة أمن الدولة العليا للطوارئ، وعودة المحاكمات إلى طبيعتها، وفقا لقانون الإجراءات الجنائية والعقوبات، ورفع القيود عن حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال، وإلغاء مراقبة الرسائل أياً كان نوعها، وإلغاء الرقابة على الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات.

ويرى اقتصاديون ومنهم هشام كمال، رئيس جمعية دعم وتنمية المشروعات الصغيرة، في تصريح تلفزيوني رسمي، أنّ قرار الرئيس السيسي، يرسم صورة إيجابية لدى الأجانب والعالم الخارجي نحو مصر، موضحاً أنّ ذلك يؤكد للمستثمرين أنّ مصر لا تعاني من أي اضطرابات سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، ما يعزز من ضخ الاستثمارات الجديدة.

 مرت 7 عقود على تطبيق حالة الطوارئ بمصر أول مرة

وقال إن "المصدرين والمستوردين سيشعرون بالأصداء الإيجابية لهذا القرار ونظرة العالم الخارجي المختلفة والإيجابية تجاه التعامل مع السوق المصرية، ومن ثم القرار يرفع معدلات الاستثمار، لأنّ رفع الطوارئ يعد أحد الاختيارات التي ينظر إليها بعض المستثمرين لضخ استثمارات جديدة".

و"يعني هذا كله أن هناك استقراراً أمنياً مصرياً كبيراً، ما سيعود بالنفع سياسياً واقتصادياً، خاصة في ملف الاستثمار، أو حقوقياً لدى المنظمات الدولية المعنية".

الإخوان بين الرفض والاستبشار

بالنظر إلى حالة الجماعات الإسلاموية، وفي القلب منها جماعة الإخوان، فقد فاجأهم إلغاء حالة الطوارئ، ولم يبد أي جديد ومؤثر في تناول العناصر بمواقع التواصل الاجتماعي لهذه المسألة عن المعتاد، وفي المقابل ظل التناول الإعلامي الإخواني كما هو، حيث طرحت قناة الشرق الموالية للجماعة الخبر في أخبار عاجلة، إلا أنها أصبحت مثار نقاشٍ طويلٍ وعريضٍ على جميع المستويات، ومنها مواقع التواصل.

رأى بعض عناصر جماعة الإخوان أنّ إلغاء حالة الطوارئ قد تكون مقدمة لموضوع المصالحة، خاصة عقب وثيقة لندن، التي أطلقتها مجموعة إبراهيم منير، وتطلب فيها المصالحة، وتحدث آخرون عن أنها يمكن أن تكون مقدمة للإفراج عن كثير من المسجونين.

مثال على ما سبق، هو سليم عزوز، المقيم في قطر، الذي رأى أنّ "النظام في مصر ليس في حاجة لحالة الطوارئ، وأنّ لديه ما يكفيه من القوانين، وأنّ هناك تفاهمات كثيرة في الداخل مع مجموعة محمود حسين".

بعض العناصر الإخوانية تحدثت عن أن حالة الطوارئ ستنتهي بعد أسابيع وتعود مرة أخرى بعمليات إرهابية، وآخرون تساءلوا في سخرية إن كان ذلك سيمنحهم الفرصة للذهاب لميدان التحرير.

إلغاء جميع الإجراءات الاستثنائية أمام محاكم أمن دولة طوارئ والأحكام التي كانت تخضع للتصديق من مكتب شؤون أمن الدولة

وانتقد الإخواني ياسر العمدة التناول الإعلامي المصري للطوارئ، وتحدث أيضاً عن المصالحة، وأن ما جرى ضمن المطالب الإخوانية هي التي أطلقوا عليها فيما بعد اسم (المطالب العَشرة) التي تدور جميعها في إطار تحقيق الإصلاحات و(إلغاء حالة الطوارئ) والإفراج عن (المسجونين).

من جهة أخرى، رحّب النائب محمود تركي، عن حزب النور بمجلس الشورى، بهذه الخطوة.

وأصدر الحزب في وقت لاحق بياناً على لسان رئيسه يونس مخيون قال فيه: إن مصر عاشت في ظل قانون الطوارئ عقوداً طويلة، ويأتي قرار الرئيس لينهي هذه الحالة وما يتبعه من إلغاء جميع الإجراءات الاستثنائية، وأن الإجراءات القانونية أمام المحاكم العادية ستكون السائدة، مضيفاً أن هذ القرار يدلل على أن الحالة الأمنية للبلاد لم تعد في حاجة لأي إجراء استثنائي، وأن مصر- بفضل الله ثم بوعي شعبها وجهود مؤسساتها - تتمتع بنعمة الأمن والاستقرار في وسط منطقة تموج بالاضطراب والقلاقل.

فيما صمتت الجماعة الإسلامية الموالية للإخوان كالمعتاد في الداخل، إلا أنّ عاصم عبد الماجد خالف ذلك بفيديو للتعقيب على الأمر، ذكر فيه أن إلغاء حالة الطوارئ لا يعني المصالحة والإفراج عن المسجونين، وأنه لا مصالحة في عهد النظام المصري الحالي، داعياً الجماعات بالخارج والداخل للتوحّد.

وفي الوقت الذي تشعر فيه الدولة المصرية بسيطرتها على الحالة الأمنية ففي المقابل تعاني جماعة الإخوان من فراغ قيادي كبير، نتيجة الصراع الحالي بين إبراهيم منير ومحمود حسين.

 بعض العناصر الإخوانية قالت إنّ حالة الطوارئ ستنتهي بعد أسابيع وتعود مرة أخرى بعمليات إرهابية

كما تعاني الجماعة خللاً بنيوياً الآن في المؤسسية، والهيكل، والوحدة.

في نفس السياق يعاني أعضاء الجماعة من حالة إحباط وترهل، وهناك أزمة في العلاقة بين القيادة والأفراد، وغياب الثقة المتبادلة، وتعرّض الصورة الذهنية للتنظيم من عدم القبول المجتمعي، ولعل ذلك كله كان سبباً في إلغاء حالة الطوارئ.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية