ما خطة ألمانيا للتعامل مع خطر الإخوان في البلاد؟.. سياسي ألماني يجيب

ما خطة ألمانيا للتعامل مع خطر الإخوان في البلاد؟.. سياسي ألماني يجيب


22/05/2022

حذّر تقرير حديث لهيئة حماية الدستور في ولاية شمال الراين فيستفاليا، الذي يمثل المخابرات الداخلية في ألمانيا، من خطر انتشار تنظيم الإخوان داخل المجتمع الألماني، ورغبة التنظيم الذي يعتنق أيديولوجيا متطرفة في تحقيق أكبر قدر من النفوذ والسلطة وفق فهمه الخاص للشريعة وتطبيقها، ممّا يمثل خطراً على البلاد ومؤسساتها.

ورصد التقرير، المنشور على الموقع الرسمي للهيئة، في نحو (390) صفحة، أرقاماً حول التواجد الإخواني في الولاية التي تُعدّ أكبر الولايات الألمانية، وقدّر عدد قيادات التنظيم المتواجدين بها بنحو (350)، وفق آخر إحصائيات أجريت خلال العام 2022.

وألقى  التقرير الضوء على عدد من المنظمات الإخوانية ذات الانتشار والنفوذ داخل الأراضي الألمانية، وفي مقدمتها الجالية المسلمة في ألمانيا التي وصفها التقرير باعتبارها أكبر المنظمات الإخوانية في البلاد، وكذلك عدد من المؤسسات التي يديرها المركز الثقافي الإسلامي في مونستر، فضلاً عن مجموعة من المواقع الإلكترونية والهيئات التابعة للتنظيم بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

تقرير استخباراتي: خطر الإخوان يتنامى في ألمانيا والتنظيم يعتنق أيديولوجيا متطرفة وسلوكاً عنيفاً

 

وأشار التقرير إلى خطر الأيديولوجيا الخاصة بجماعة الإخوان مؤكداً أنّها تعتمد على فهمهم الخاص للشريعة، وتقوم على أفكار ومعتقدات متطرفة، وكذلك أوضح أنّ الجماعة تعتمد على سياسة "الأسلمة من أسفل إلى أعلى"، بمعنى أنّها تركز على الانتشار بين قطاعات الشباب والأطفال في أعمار مختلفة لتوطين أفكارهم الخاصة وصناعة توابع على المدى الطويل، وهي سياسة يصفها التقرير بأنّها "خطيرة".

مخاطر تجاوزت حدود الرصد

في تعليقه على التقرير يقول السياسي الألماني من أصل مصري، حسين خضر، وهو نائب رئيس مجلس الاندماج وعضو مجلس محلي في هيدنهاوزن، شمال الراين فيستفاليا: إنّ التقرير أورد مجموعة من المحددات لنشاط عمل التنظيم داخل الولاية الألمانية، وألقى الضوء على عدد من المخاطر الراهنة والمحتملة لنشاط الإخوان، لكنّ هذه المخاطر، في الواقع، ربما تجاوزت بشكل كبير الحدود التي أوردها التقرير، وباتت تحتاج إلى حلول عاجلة وناجزة.

حذّر تقرير لهيئة حماية الدستور في ولاية شمال الراين فيستفاليا من خطر انتشار تنظيم الإخوان داخل المجتمع الألماني

وفي تصريح لـ"حفريات"، يوضح خضر أنّ التقرير تحدث عن عدد قيادات التنظيم في ولاية واحدة، لكن في المجمل هناك حالة انتشار وتوغل لعناصر التنظيم وقياداته على مستوى كبير جداً داخل جميع الولايات، ويسعى الإخوان بشكل مستمر لتعزيز نفوذهم داخل المجتمع الألماني والمشاركة في العملية السياسية، إلى جانب استغلال الإسلام والمسلمين المتواجدين بالبلاد كوسيلة للتمكين، وهو أمر غاية في الخطورة.

إسقاط "سياسة التحايل" الإخوانية

ويقول خضر: إنّ الحكومة الألمانية قد بدأت منذ فترة في تطبيق عدد من الإجراءات من شأنها محاصرة نشاط التنظيم وتقليص مساحة انتشاره وتتبع مصادر تمويله، وكذلك وضع معظم قادته تحت المراقبة والرصد، مشيراً إلى أنّ الإجراءات اصطدمت بإشكالية التأسيس القانوني لبعض المنظمات التي تعمل تحت شعارات قانونية ولا تعلن عن علاقتها بالتنظيم، لذلك كان من الضروري تعزيز ترسانة التشريعات لمواجهة أساليب "المناورة الإخوانية" و"حيل التخفي" التي تتقنها الجماعة إلى حدٍّ كبير.

 

السياسي الألماني حسين خضر لـ"حفريات": إجراءات مواجهة الإخوان تشمل تعزيز القوانين ومراقبة النشاط وتتبع مصادر التمويل لمحاصرته

 

وحول طبيعة الإجراءات المرتقبة من جانب السلطات الألمانية لمواجهة خطر الإخوان، يرجح السياسي الألماني تعزيز المواجهة خلال الفترة المقبلة إلى مرحلة غير مسبوقة في تاريخ التعامل الألماني مع التنظيم بوجه عام، وستشمل إغلاق عدد من الجمعيات والمؤسسات التي أثبتت التحقيقات والمتابعة الأمنية صلاتها بالإخوان.

 حصار أئمة التنظيم

ويتوقع خضر أن تفرض السلطات أيضاً قيوداً على الأئمة التابعين للتنظيم، مشيراً إلى أنّهم يمثلون خطراً حقيقياً باعتبار عددهم كبيراً، ولديهم قدرة على التأثير في أبناء الجاليات المسلمة بسبب استغلالهم للشعارات الدينية وتطويعها لخدمة مصالحهم، وتجنيد أكبر عدد من الأعضاء بشكل تدريجي ودون الكشف المباشر عن أجندتهم أو انتمائهم التنظيمي.

وحول مدى نجاح تلك الآليات في مواجهة التنظيم المستشري في البلاد، يقول خضر: إنّ الأمر يتوقف على تطبيق القانون مع تكثيف الرصد والمتابعة، سواء بخصوص النشاط الحركي للتنظيم أو تتبع مصادر تمويله ومصادرتها ومنعه من استغلال تواجده في ألمانيا أو أوروبا بوجه عام لتعزيز نفوذه أو توفير مصادر تمويل بديلة لأنشطته الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، أو داخل أوروبا نفسها.

حسين خضر: الإجراءات الألمانية ستشمل فرض قيود على الأئمة التابعين للإخوان لوقف أنشطة التجنيد

ويشير خضر إلى أنّ ثبوت ضلوع الجماعة بالعمليات الإرهابية في مصر منذ عام 2013، وكشفها بشكل مباشر عن أذرعها المسلحة، يمثل عاملاً مهماً ومحورياً في تحوّل إستراتيجية التعامل معها من جانب عدد كبير من الدول الأوروبية، التي بدأت مؤخراً إعادة النظر في وضع التنظيم ومخاطر انتشاره داخل المجتمعات، وحقيقة أفكاره التي تعتمد على نهج يبرر العنف من أجل الوصول إلى السلطة، وبالتالي لم تعد الجماعة قادرة على تقديم نفسها مجدداً باعتبارها "وسطية ومعتدلة".

وقد شرعت ألمانيا منذ نهاية عام 2020 بخطة حاسمة لمواجهة تيارات التطرف، وفي القلب منها جماعة الإخوان، بعد تزايد التقارير المحذرة من خطر انتشار التنظيم، تزامناً مع خطة أوروبية شاملة لمواجهة الإسلام السياسي، في إطار الإستراتيجية الشاملة التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لمواجهة الإرهاب والتطرف، بعد هجمات استهدفت عدة مدن أوروبية، منها نيس الفرنسية والعاصمة النمساوية فيينا.

 

خضر: الإجراءات اصطدمت بإشكالية التأسيس القانوني لبعض المنظمات التي تعمل تحت شعارات قانونية ولا تعلن عن علاقتها بالتنظيم

 

وكان أحدث تلك الإجراءات مشروع القانون الذي ناقشه البرلمان الألماني في 22 نيسان (أبريل) الماضي، وكان مقدّماً من حزب البديل، بهدف تعزيز إجراءات رصد مصادر تمويل الإسلام السياسي في البلاد ومحاربة نشاط الجماعات المتطرفة.

ويستهدف القانون، المنشور على موقع البرلمان الألماني، "تجفيف مصادر تمويل الجماعات الإسلامية، وفرض رقابة مشددة حول مصادر تمويل الإسلام السياسي وأنشطته في ألمانيا، وكذلك تتبع كلّ الأنشطة المتعلقة به، ووضع كافة التمويلات الخاصة بالمنظمات الإسلامية في البلاد تحت الرقابة، وتقديم تقارير دورية عن أنشطتها للبرلمان، وإعلان كافة الجهات المانحة للتبرعات لتلك المنظمات، وبيان حقيقة صلاتها بالتنظيمات الإرهابية".

مواضيع ذات صلة:

الإسلام السياسي في ألمانيا ـ مشروع قانون لرصد تمويل الجماعة

ألمانيا.. مشروع قانون جديد لمحاصرة "تمويل الإخوان"

“الإخوان” وحزب اليسار في ألمانيا ـ تخادم وتبادل مصالح



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية