روسيا وأوكرانيا: تاريخ حافل بالصراعات.. وأوروبا تدخل على خط الأزمة

روسيا وأوكرانيا: تاريخ حافل بالصراعات.. وأوروبا تدخل على خط الأزمة


30/01/2022

حلقة جديدة من حلقات الصراع الروسي الأوكراني الممتد منذ أعوام على وشك أن تبدأ، خاصة مع زيارة وفد من البرلمان الأوروبي لأوكرانيا اليوم الأحد في مهمّة لـ"تقصّي الحقائق".

وتصرّ روسيا على أن تجعل عقارب الساعة تعمل عكس الاتجاه، حتى تعود بالكامل إلى حقبة التسعينيات عندما تفككت آخر كتل الاتحاد السوفييتي، واستقلت أوكرانيا وبيلاروسيا عن الإمبراطورية الروسية، ويحاول الغرب وتحديداً الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، الخصم الأكبر لروسيا، السيطرة "سياسياً" على الدول المجاورة لموسكو، ضمن سلسلة من المناورات السياسية التي لم تفلح على مرّ الأعوام الماضية لعدة أسباب، منها المخاوف الأوروبية، من أن تقدم روسيا على قطع إمدادات الغاز الطبيعي.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

جذور الصراع بين روسيا وأوكرانيا عميقة، وقد فسّر بعض المراقبين أساسها بأنّ موسكو لا تتقبل استقلالية أوكرانيا، غير أنّ آخرين ذهبوا إلى أنّ روسيا لا تريد حلفاء للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على حدودها، خاصة أوكرانيا التي تعتبرها موسكو "جزءاً من مجال تأثيرها"،  وتضغط روسيا بشدة لمنع أوكرانيا من الانضمام إلى المؤسسات الأوروبية وحلف شمال الأطلسي "الناتو".

جذور الصراع بين روسيا وأوكرانيا عميقة، وقد فسّر بعض المراقبين أساسها بأنّ موسكو لا تتقبل استقلالية أوكرانيا، وذهب آخرون إلى أنّ روسيا لا تريد حلفاء لأمريكا والاتحاد الأوروبي على حدودها

في كانون الأول (ديسمبر) عام 1991، كانت أوكرانيا، بالإضافة إلى روسيا وبيلاروسيا، من بين الجمهوريات التي دقت المسمار الأخير في نعش الاتحاد السوفييتي، غير أنّ موسكو أرادت الاحتفاظ بنفوذها عن طريق تأسيس رابطة الدول المستقلة (جي يو إس)، وكان الكرملين يظنّ وقتها أنّ بإمكانه السيطرة على أوكرانيا من خلال شحنات الغاز الرخيص، لكنّ ذلك لم يحدث، وتمكنت روسيا من بناء تحالف وثيق مع بيلاروسيا، وكانت عيون أوكرانيا مسلّطة دائماً على الغرب.

هذا أزعج الكرملين، ولكنّه لم يصل إلى صراع طوال فترة التسعينيات، آنذاك، كانت موسكو تبدو هادئة؛ لأنّ الغرب لم يكن يسعى لدمج أوكرانيا، كما أنّ الاقتصاد الروسي كان يعاني، والبلاد كانت مشغولة بالحرب في الشيشان. في عام 1997 اعترفت موسكو رسمياً من خلال ما يُسمّى بـ"العقد الكبير" بحدود أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم، التي تقطنها غالبية ناطقة بالروسية، قبل إعادة ضمّ القرم في آذار (مارس) 2014، في مواجهة المحاولات الأوروبية الساعية لضمّ أوكرانيا للاتحاد الأوروبي.

 شدٌّ وجذب

كان الاتحاد الأوروبي يتجنب دائماً استفزاز الدب الروسي خوفاً من قطع إمدادات الغاز الروسي عن أوروبا، خاصة في فصل الشتاء، كما حدث في 2006 و2009، إلّا أنّه خرج عن السياق هذه المرّة، فقد نقلت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء الخميس الماضي عن البرلمان الأوروبي إعلانه إرسال وفد مكون من (8) نواب أوروبيين لـ"تقصي الحقائق" في أوكرانيا اليوم الأحد، الأمر الذي قد تتعامل معه روسيا على أنّه استفزاز أوروبي.

بوتين في جولة عسكرية

وقد يفسّر تلك الخطوة الجريئة من جانب الاتحاد الأوروبي تصريحات سابقة لمفوض الطاقة السابق بالاتحاد الأوروبي ميجيل أرياس كانيتي، حين قال في نهاية نيسان (أبريل) 2018 لوسائل الإعلام الأوروبية: إنّ "ما لا أستطيع تحمّله هو أنّ الاتحاد الأوروبي سوف يعتمد على مورد غاز واحد بشكل رئيسي، على مورد واحد يستخدم الغاز الطبيعي أحياناً كسلاح سياسي".

كان الاتحاد الأوروبي يتجنب دائماً استفزاز روسيا خوفاً من قطع إمدادات الغاز الروسي عن أوروبا، خاصة في فصل الشتاء، كما حدث في 2006 و2009، إلّا أنّه خرج عن السياق هذه المرّة

 وأكد كانيتي حينئذٍ: "نحن في الاتحاد الأوروبي أصبحنا نتبع سياسة لتنويع موارد إمدادات الغاز"، ومن هذا المنطلق دفعت رغبة أوروبا في التخلص من الاعتماد على روسيا كـ"مورد وحيد للطاقة" الاتحاد الأوروبي إلى التعاون مع كلٍّ من الجزائر ومصر، خاصة في ضوء خطط الأخيرة للتحوّل إلى مركز إقليمي للطاقة، بعد اكتشاف حقل ظهر قبالة السواحل المصرية في البحر المتوسط باحتياطات تُقدّر بـ(30) تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، إلّا أنّ ذلك لا يعني أن تنهي أوروبا اعتمادها على روسيا، المسؤولة عن تصدير نحو 40% من احتياجات الدول الأوروبية من الغاز الطبيعي، وهي الكمية التي قد تحتاج مصر مزيداً من الوقت والجهد والتسهيلات للوفاء بها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية