رحلة الشواف في جماعة الإخوان المسلمين... من سوريا مروراً بأفغانستان إلى ألمانيا

رحلة الشواف في جماعة الإخوان المسلمين... من سوريا مروراً بأفغانستان إلى ألمانيا

رحلة الشواف في جماعة الإخوان المسلمين... من سوريا مروراً بأفغانستان إلى ألمانيا


04/03/2024

عاش العضو البارز في جماعة الإخوان المسلمين محمد الشواف بعضاً من أشد تقلبات الجماعة في بلدان مختلفة، من سوريا مروراً بأفغانستان إلى تركيا ثم إلى أوروبا التي يعيش فيها الآن. 

ووفق تقرير نشره (المركز العربي لدراسات التطرف)، فبعد أن انضم الشواف إلى الجماعة في سوريا، عاش في بلدان مختلفة قبل أن ينتقل إلى بيشاور خلال الحرب الأفغانية السوفييتية. وبعد أن شغل بعض أهم المناصب في نظام دعم المجاهدين العرب، وامتلك علاقات مع عبد الله عزام وأسامة بن لادن، ورغم أنّ سفينته رست في ألمانيا إلا أنّه ظل منخرطاً في أنشطة الإخوان في جميع أنحاء العالم.

ولد محمد عبد القادر الشواف في بداية الخمسينيات في مدينة حماة السورية لعائلة متدينة. كان والده، وهو عالم إسلامي، "يتعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين، لكنّه لم يدخل السياسة قط". ومع ذلك، فإنّ والده اصطحبه إلى قادة إخوان كـ (مروان حديد).

كان الشواف في الصف الثالث عندما دخل عالم الإخوان لأول مرة

كان الشواف في الصف الثالث عندما دخل عالم الإخوان لأول مرة، ويتذكر باعتزاز أنّ "خطواتي الأولى في جماعة الإخوان كانت فترة عظيمة، فقد درسنا منهج جماعة الإخوان المسلمين، وكتب مؤسس الجماعة حسن البنا، وأساليبه في بناء الأسرة والمجتمع… كل شيء". ويستذكر الشواف تلك الخطوات الأولى بحنين: "عندما انضممت إلى جماعة الإخوان فعلت ذلك بشغف مليء بالفرح والحماس. أن أصبح جندياً في جماعة الإخوان كان بالنسبة إليّ حلماً تحقق، وطموحاً كنت أسعى إليه".

مرّ الشواف بهذه المرحلة من حياته الطويلة في جماعة الإخوان المسلمين في السبعينيات، ويصف كيف تم تكليفه، عندما كان صبيّاً صغيراً، بمهام صغيرة، مثل تسليم الوثائق بين أعضاء الإخوان المسلمين أو تخريب ملصقات حزب البعث. ويروي مدى التشويق الذي شعر به أثناء القيام بهذه الأنشطة، لكنّه يقول: "كنت ما أزال صغيراً جداً، وفي تلك المرحلة لم أتمكن بعد من المشاركة في القضايا السياسية".

وسرعان ما بدأت السلطات السورية في ملاحظة أنشطة الشاب الشواف وفتحت "ملفاً أمنياً" عنه، وقد تم اعتقاله مرة لفترة وجيزة، وتمكن مرة أخرى من الفرار من الحجز. ومع ذلك في عام 1975، مع تزايد التوترات في سوريا، اعتقلت السلطات مروان حديد وغيره من الإخوان المقربين من الشواف، يروي قائلاً: "عندما تم القبض على هؤلاء الأشخاص، ذكر بعضهم اسمي، فاضطررت إلى الفرار إلى الأردن".

ويواصل قائلاً: "لقد ساعدني الإخوان على الفرار من سوريا، وصلت إلى عمّان وتواصلت مع بعض الأشخاص الذين التقيت بهم في المعسكرات الصيفية السابقة للإخوان للشباب الذين كنت أعتني بهم". وفي الواقع كان الشواف قد حضر في الأعوام السابقة معسكرات صيفية للإخوان في الأردن. 

كانت الفترة التي قضاها الشواف في الأردن قصيرة؛ إذ سرعان ما انتقل إلى الكويت ليعيش مع أخته. وأثناء وجوده هناك عمل في وظائف غريبة، لكنّه ظل "على اتصال مع جماعة الإخوان المسلمين". انتقل بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية ليعيش مع عمه، والتحق في النهاية بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام. خلال أيامه الجامعية تورطت جماعة الإخوان المسلمين السورية في واحدة من أكثر الأحداث دموية في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. وفي عام 1982 قصف النظام السوري مدينة حماة، لقمع انتفاضة قادها الإخوان. وقد مات عدة آلاف.

يعترف الشواف: "هذا الأمر كان له تأثير نفسي قوي عليّ"، وكانت الأحداث في سوريا عاملاً مساهماً في قراره بالسفر إلى أفغانستان خلال العطلة الصيفية من الجامعة، للقتال ضد الاتحاد السوفييتي الذي غزا البلاد عام 1979.

بعد هذه الرحلة الأولى إلى أفغانستان، عاد الشواف إلى السعودية حيث واصل دراسته. يتذكر بعد تخرجه عام 1985: "أرسل لي الشيخ عبد الله عزام برقية، قال فيها: انضم إلينا أنت وعائلتك، يمكنك أن تأتي مع زوجتك وأطفالك، هناك مكان لك هنا، نحن بحاجة إليك". وبدون تفكير مرتين، انتقل الشواف وزوجته وبناته الـ (3) إلى بيشاور، المدينة الحدودية الباكستانية التي كانت بمثابة مركز للمجاهدين الأجانب الذين يدخلون أفغانستان.

فور وصوله إلى بيشاور، عمل الشواف مباشرة تحت قيادة عزام في مكتب الخدمات، وهو الكيان الذي أنشأه عزام لجمع الأموال، وخدمة الاحتياجات المختلفة للمقاتلين العرب المسافرين إلى أفغانستان، والدعاية للجهاد في البلاد. 

كانت مسؤولية الشواف الرئيسة ضمن اللجنة التنفيذية لمكتب الخدمات هي الإشراف على وسائل الإعلام، (مجلة الجهاد) الشهرية على وجه التحديد، التي صدرت في 1984 باللغة العربية بهدف رفع الوعي بالقضية الأفغانية.

ووفق المركز، فإنّ دور الشواف في أيامه الأفغانية لم يقتصر على إدارة مجلة الجهاد، حيث كلفه عزام بتوجيه اللجنة الأمنية. وهذا يعني أنني كنت مسؤولاً عن مكافحة الجواسيس والمخابرات القادمة من الدول العربية.

ويدّعي الشواف أنّ مهاراته في كشف الجواسيس مستمدة من ميوله الشخصية، ولكن تم صقلها خلال أيامه الأولى في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا. 

وأكد الشواف أنّه تعامل مع أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وعمر عبد الرحمن، المعروف بالشيخ الأعمى، وبرهان الدين رباني، وقلب الدين حكمتيار، عن كثب. 

وخلال زيارة إلى جدة بالسعودية التقى بعزام، الذي كان في ذلك الوقت قد حصل للتو على وظيفة في جامعة الملك عبد العزيز بعد طرده من الأردن بسبب خطابه المتطرف. وخلال هذا الاجتماع أقنع السنانيري عزام بالسفر إلى أفغانستان، وبالتالي أطلق سلسلة من الأحداث التي ما تزال عواقبها مؤثرة إلى حد كبير حتى اليوم.

ومن بين المسؤولين رفيعي المستوى في جماعة الإخوان المسلمين الذين برزوا في قصة الشواف في تلك الأيام زينب الغزالي، مؤسسة جمعية المرأة المسلمة، والتي يمكن القول إنّها أهم أيقونة نسائية في جماعة الإخوان، والتي "زارتنا عدة مرات، كما زارت مكاتب مجلة الجهاد"، وقدّمت دعماً مالياً لهم.

ووفق المركز، فإنّ الحدث الأكثر تأثيراً على الشواف، والذي أنهى أيامه في أفغانستان، كان وفاة عزام، الذي وقع في 24 تشرن الثاني (نوفمبر) 1989، عندما أدى انفجار سيارة مفخخة إلى مقتل المناضل الفلسطيني في ظروف غامضة. 

بعد اغتيال عبد الله عزام، وبعد (4) أعوام من القيام بمهام ذات مسؤولية عليا في الجهاد الأفغاني، عاد الشواف إلى السعودية، وأعاد تنشيط بعض اتصالاته، واستمر في الدوران في تنظيمات ومبادرات الإخوان بقدر إمكانياته.

انتهت فترة وجود الشواف في المملكة العربية السعودية عام 2015. وفي أعقاب الربيع العربي ضيقت الدول العربية على الجماعة ليسافر إلى ألمانيا، حيث يقيم منذ ذلك الحين. 

ويتابع قائلاً: "هنا في ألمانيا أستطيع أن أجد السلام وأتقاعد". "هنا في ألمانيا لا توجد مشكلة، وقد أخبرت "السلطات" بأنني من الإخوان المسلمين"، وفقاً لروايته.

طوال حياته، وبعد استقراره في ألمانيا، حافظ الشواف دائماً على اتصال وثيق مع موطنه سوريا والمشهد الإسلامي هناك، وحافظ على يمين الولاء للفرع المحلي لجماعة الإخوان، ومواصلة نشاطه من خارج البلاد.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية