داعش يتمدد في آسيا وأفريقيا: تخطيط لخطف دبلوماسيين والحصول على مسيّرات

داعش يتمدد في آسيا وأفريقيا: تخطيط لخطف دبلوماسيين والحصول على مسيّرات

داعش يتمدد في آسيا وأفريقيا: تخطيط لخطف دبلوماسيين والحصول على مسيّرات


22/08/2023

ما يزال تنظيم داعش الإرهابي يبعث بتهديدات جمّة في المنطقة الآسيوية وبعض دول أفريقيا. ومع عودة حكام كابل الجدد إلى أفغانستان، برز هذا التنافس المحتدم بين داعش وطالبان، فيما تسعى الأولى إلى السيطرة وتمديد نفوذها على خريطة الحركات الجهادية.

فشل الجهود الإقليمية

التنظيم الإرهابي، الذي تمّ القضاء على دولة خلافته المزعومة في العراق وسوريا، يتوسّع في أنشطة الحركية والتنظيمية في إفريقيا، وتحديداً بمنطقة الساحل. وبحسب التقديرات الرسمية لمؤشر الإرهاب العالمي، العام الماضي والصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، ومقره أستراليا، فإنّ الجهود الإقليمية والدولية أخفقت في تجميد أو تعطيل نمو عمليات الإرهاب، وتنامي مستوياتها التي تشهد زيادة ملحوظة، وذلك على خلفية الحروب الأهلية وعمليات النزوح، فضلاً عن التغير المناخي واختلال الأمن الغذائي.

وفي ما يبدو أنّ هناك مجموعة شروط ما تزال تسمح بإعادة التموضع، السياسي والتنظيمي، للتنظيمات الإرهابية والمسلحة، الأمر الذي يجعل مخاطر هذه الحركات المتشددة قائمة في بعض المناطق، لكن بدرجات متفاوتة، بحسب التقرير الأخير لفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات التابع للأمم المتحدة، والمعني بمراقبة تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين وما يتصل بهما من تنظيمات.

في حزيران (يونيو) الماضي، أعلن "التحالف الدولي لمحاربة داعش" التوجه لآسيا وأفريقيا للقضاء على الإرهاب في منطقة الساحل وغرب القارة، بشكل خاص، بهدف تحقيق نتائج مماثلة لما جرى في سوريا والعراق. وانعقد في الرياض المؤتمر الوزاري للتحالف الدولي وقد حضره وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، والذي أوضح أنّ "القتال ضد تنظيم داعش لم ينته بعد"، مشيراً إلى أهمية مساعدة دول غرب أفريقيا في هذا الشأن.

تشكل ظاهرة داعش حتى اليوم "مادة مهمة وملحة لكل الباحثين حول كيفية قيام هذا التنظيم بالانتشار الواسع على الخريطة العالمية" والذي بلغ ذروته بالسيطرة على مساحة شاسعة من الأراضي في سوريا والعراق، بينما "دغدغ مشاعر العديد من المتشددين" حسبما يوضح الباحث المختص في العلوم السياسية وقضايا الأمن والإرهاب، المقيم في واشنطن، زياد سنكري.

زياد سنكري: داعش نجح في استعادة قدراته بالقارة الأفريقية

وبعد الهزائم العسكرية في الشرق الأوسط، خاصة في سوريا والعراق، بدأ تنظيم داعش بالانحسار في هذه المنطقة. لكن، في الوقت نفسه، بدأ بإعادة تشكيل وتكوين نفسه في مناطق أخرى، لا سيّما أفريقيا وأفغانستان وجنوب آسيا. كما نجح في استعادة قدراته التنظيمية بالقارة الأفريقية "مستغلاً الضعف السياسي والحكومي فيها، والحدود الهشّة التي تؤمن له حرية التنظيم والانتقال"، وفق سنكري الذي أردف في حديثه لـ"حفريات": "حتى أنّ شبكة التنظيم الإرهابي امتدت إلى ما يقارب 20 دولة أفريقية".

شروط تموضع داعش في آسيا وأفريقيا

 ورفعت التقارير الاستخبارية الأمريكية درجة الحذر بخصوص تنامي قوة التنظيم في منطقة الساحل، وفي الحدود الثلاثية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، حيث بدأ التنظيم يبسط نفوذه في هذه المنطقة، وكذا في غرب أفريقيا في منطقة بحيرة تشاد. وتعلن هذه المجموعة الإرهابية المسلحة مسؤليتها التامة عن عمليات عسكرية في نيجيريا أكثر من تلك التي نفذها التنظيم في العراق.

وفي شباط (فبراير) الماضي، أعلنت الولايات المتحدة مقتل أحد قادة التنظيم في الصومال، مما ألقى الضوء على شبكة مالية مشبوهة تمتد من القرن الأفريقي للطرف الجنوبي من القارة. وهذه الشبكة المالية تدير وتمول التنظيم وأذرعه في المنطقة في عملية معقدة رصدتها الولايات المتحدة ونشرها تقرير للأمم المتحدة.

تنظيم داعش الإرهابي، الذي تمّ القضاء على دولة خلافته المزعومة في العراق وسوريا، يتوسّع في أنشطة الحركية والتنظيمية في أفريقيا، وتحديداً بمنطقة الساحل

وفي آب (أغسطس) الماضي، قال فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، إنّه على الرغم من هزيمة داعش الإقليمية، والخسائر التي منيت بها قيادته، استمر في تشكيل تهديد للسلم والأمن الدوليين، وهو تهديد ظل يتصاعد منذ تفشي جائحة كوفيد-19.

وقدّم فورنوكوف في إحاطته تفاصيل وردت في التقرير الخامس عشر للأمين العام عن التهديد الذي يشكله داعش للسلام والأمن الدوليين، وعن نطاق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة دعماً للدول الأعضاء في مكافحة هذا التهديد. وقال: "يواصل تنظيم داعش والجماعات التابعة له استغلال ديناميكيات الصراع، وهشاشة الحكم وعدم المساواة للتحريض على الهجمات الإرهابية والتخطيط لها وتنظيمها".

ويستمر التنظيم في استغلال القيود المتعلقة بالجائحة، وإساءة استخدام المساحات الرقمية، لتكثيف الجهود وتجنيد المتعاطفين وجذب الموارد. كما زادت المجموعة بشكل كبير من استخدام الأنظمة الجوية بدون طيار، العام الماضي، بما في ذلك ما ورد في شمال العراق. وتمكن التنظيم من القيام بذلك جزئياً من خلال اللجوء إلى هيكل داخلي لا مركزي إلى حد كبير، تم الكشف عنه في التقرير الأممي، بفضل المعلومات التي قدمتها الدول الأعضاء إلى فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات.

الفرصة الذهبية

وذكر فورونكوف: "من خلال هذا الهيكل، تحرض قيادة داعش أتباعها على تنفيذ الهجمات، وتحتفظ بالقدرة على توجيه ومراقبة تدفق الأموال إلى التابعين (للتنظيم) في جميع أنحاء العالم. لا تزال الحدود بين العراق وسوريا معرضة للخطر بشكل كبير، حيث يقدر أن ما يصل إلى 10 آلاف مقاتل ينشطون في المنطقة".

وفي أفغانستان، انخفض عدد الهجمات المزعومة أو المنسوبة إلى الجماعة المحلية لداعش، لكن زاد العدد بشكل كبير "منذ سيطرة طالبان العام الماضي،" بينما اتسع وجود الجماعة في شمال شرق وشرق البلاد.

وتابع الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب: "من أوغندا، وسّعت جماعة تابعة لداعش منطقة عملياتها إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيما كثفت جماعة أخرى تابعة للتنظيم -بعد أن تم القضاء عليها من خلال عمل عسكري العام الماضي- هجمات نطاقها في مقاطعة كابو ديلغادو في موزامبيق."

في الجانب الآسيوي، وجد داعش الانسحاب الأمريكي من أفغانستان "الفرصة الذهبية" لإعادة التموضع بالمنطقة، وفق زياد سنكري الذي يقول إنّ "هذا التنظيم بدأ من شبكة باكستانية ثم باشر سيطرته العسكرية والميدانية على مساحات بين أفغانستان وباكستان مستغلاً وجود عداء فيها لنظام طالبان. وبالرغم من تشدد الأخير في عدة قضايا حقوقية، إلا أنّ داعش ترى في طالبان أنّها لا تمثل القيم الإسلامية، وأنّها حركة سياسية هدفها السيطرة على الحكم من دون رؤية جهادية عالمية لإقامة نظام الخلافة المزعوم". وهذا ما دفع إلى تدشين تحالف الأضداد، فنرى، مثلاً، علاقات مشتركة وثيقة بين الصين بنظامها الشيوعي وطالبان الإسلاموية المتشددة، لمحاربة الجماعات المسلحة في آسيا الوسطى. ويشكل ملف مسلمي الإيغور مادة مهمة للتنظيمات الإسلاموية لتجنيد مقاتلين وانضمام عناصر لهم، فضلاً عن جمع المال. وهذا ما أعلنت عنه صراحة داعش-خراسان وقيامها بدعاية مناهضة للصين. ووصل الأمر إلى إعلان قائد القيادة المركزية الأمريكية أنّ داعش أصبح الآن أقوى في أفغانستان، وفق سنكري. ويتمركز مقاتلين التنظيم على الحدود مع طاجيكستان.

الباحث زياد سنكري لـ"حفريات": بعد الهزائم العسكرية لداعش في الشرق الأوسط أعاد تشكيل نفسه في مناطق أخرى، لا سيّما أفريقيا وأفغانستان وجنوب آسيا

ويشير الباحث المختص في العلوم السياسية وقضايا الأمن والإرهاب، المقيم في واشنطن، إلى أنّ داعش قد يكون بمقدوره ضرب أهداف غربية في أوروبا وآسيا. كما يحاول الحصول على الخبرة لصنع أسلحة كيماويةـ وتشغيل طائرات مسيرة، وإعداد سيناريوهات لخطف دبلوماسيين في أوروبا وفق وثائق البنتاغون. الأمر لا ينتهي عند تنظيم خراسان بل يتعداه إلى تمدد داعش في دول جنوب شرق آسيا في الفيلبين وإندونيسيا الدولة الاسلامية الأكبر. 

مواضيع ذات صلة:

كيف نقرأ زيارة رئيس الحكومة العراقية إلى سوريا؟

توترات في سماء سوريا بين موسكو وواشنطن... ما الدلالات والرسائل؟

في أول زيارة رسمية إلى سوريا... هذا ما بحثه السوداني مع الأسد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية